لقد كان بودي أن التقي سيادتكم لأطلعكم على حالتي الصحية الجيدة التي صرت إليها بعد عملية القلب المفتوح التي أُجريت لي ب «مركز القلب» على يد الدكتور المفخرة نزار بشير الحسن وثلة من زملائه الإختصاصيين والطاقم الطبي المساعد والعاملين من قبل ومن بعد إجراء العملية. لقد حولت ل «مركز القلب» بتوصية من الإختصاصي الماهر أنس البدوي بابكر من مستشفى «الزيتونة». الذي وجد أن آخر العلاج هو الجراحة لأن الانسدادات كانت كثيرة وبدرجات متفاوتة. واستمعت للمستر نزار وهو يشرح لي خطورة الوضع الصحي الذي أواجهه، فاستخرت الله وتم إجراء العملية لي على أحسن الوجوه، ووجدت تطبيباً عالياً جعلني أشعر بفخر وأنا أرى هؤلاء الشباب يؤدون عملهم بكل مهنية واقتدار. اليوم الثلاثاء أكون قد أكملت الأسبوع الرابع منذ أن أُجريت لي العملية وزرعت ثلاثة شرايين في قلبي، وأحس بقلبي ينبض بحياة جديدة كان مشكوك في استمراريتها بالشرايين القديمة المسدودة المعطوبة. فلله الحمد والشكر والرضا. إن مركز القلب بحالته هذه يقوم بإجراء «250 350» عملية قلب مفتوح في السنة لمواطنين لم يسمع بهم أحد، مكتسباً صفة قومية كاملة. وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تتزامن عمليتي مع عملية مماثلة أجريت لأخي وصديقي وزميلي البروفيسور الطيب زين العابدين على يد المستر نزار وزملائه. والعمليتان كلفتا ما لا يزيد على ستة آلاف دولار، ولو أجريتا خارج السودان لكانت تكلفتهما لا تقل عن مائة ألف دولار. أجريت العمليتان ونحن وسط أهلنا وأحبابنا وذوينا تحيط بنا الدعوات الصالحات والروح المعنوية المرتفعة. ما وجدناه في الفحوصات الأولية والرعاية في «الزيتونة» وما وجدناه من عناية وتطبيب في «مركز القلب» يتفوق على كثير من المراكز العالمية التي يحج إليها أهلنا السودانيون، هو مصدر فخر واعتزاز نقوله في وجه الإحباط والتخذيل ورياح الشؤم الصفراء. إن الإبداع لا ينحصر في الغناء والشعر وضروب الفنون الأخرى التي ظننا أننا قد ملكنا ناصيتها، ولكن الإبداع الحقيقي يمكث في إنقاذ حياة لطفل مثقوب القلب معطوب الصمام، أو شيخ مثلي ضاقت شرايين قلبه بما رحبت، أو شاب انتفخ الأبهر منه في انتظار أن ينفجر بين لحظة وأخرى، يقوم به نفر من أبنائنا الشباب المزودين المستزيدين دوماً بالعلم والدربة. توطين العلاج ممكن وممكن وممكن لأنه يبني قاعدته على الكوادر البشرية المدربة الواثقة من علمها المؤمنة بحق مواطنيها في العلاج. أكتب هذا الخطاب لسيادتكم، وأنا أرى المبنى الجديد وقد أشرف على الانتهاء ولا تنقصه إلا حفنة دريهمات يقمن صلبه لا تساوي شيئاً في صرف نراه يوماً يتسرب إلى مجار ترضوية لا تساوي شيئاً، لا أرضت متحرفاً لقتال ولا حقنت دماً كان سيسفح. هل نقف عاجزين عن توفير خمسة ملايين دولار ليشهد العالم إنشاء أكبر مركز للقلب في المنطقة، ويوفر على الأمة السودانية ملايين الملايين من الدولارات لتعود بشهادات وفاة من دول وصناديق تحمل أكفاناً. وصدق أبو الطيب المتنبئ إذ يقول: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام