جلست «الإنتباهة» على قمة هرم الصحافة السودانية إعلاناً وتوزيعاً وفق إعلان المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية يوم أمس من خلال مؤتمره الصحفي الجامع.. بعد تدقيق ورصد ومتابعة يقوم بها المجلس ولجانه المتخصصة بناءً على معايير دقيقة وصارمة وفاحصة.. وبالرغم من أن النتيجة معروفة منذ أكثر من سنتين ونصف أو ثلاث سنوات للقاصي والداني، إلا أن إعلانها رسمياً يمثل درة لامعة على تاج «الإنتباهة» وقلادة زينت جيدها الناصع. ولم يكن هذا الإنجاز الكبير والتفوق العظيم سهلاً ولا ميسوراً ولا محض صدفة، فهو نتيجة جهد وعرق وصبر ومثابرة طويلة كانت عاقبتها هذا النجاح الباهر والتربع المريح بلا منازع ومنافس على عرش الصحافة السودانية السياسية والرياضية والاجتماعية التي تعاني وتشقى في سبيل البقاء والصدور. كل الأفكار والمشروعات الناجحة لا تولد كبيرة وتبدأ صغيرة ثم تنمو وتكبر وفق الناموس الإلهي المعروف، فلم تولد هذه الصحيفة عملاقة ولا كبيرة ولا متفوقة، فقد ولدت في مهدها صغيرة، لكن النفوس كانت كباراً، وتعبت الأجساد في سبيلها، وبذل فيها عرق ولاقينا فيها نصباً ومخمصة، فمشت فوق الأشواك ووسط الصخور الحادة، وسالت الدماء من أقدامها بسبب نتوءات الحجارة وطعنات العوسج الحاد. وخاضت وسط الوحول حتى الضفة الأخرى، لم تبدل نهجها ولا هدفها، ولم تتغير سياستها التحريرية ولم تحد عن دربها قيد أنملة. وشفرة النجاح كانت واضحة للجميع، بأن «الإنتباهة» التي بدأت من أول يوم هي «الإنتباهة» التي يضع مجلس الصحافة التاج على رأسها، فقد حرصت على أن تقول كلمتها ولا تمشي بعيداً عنها، تتابع ما قالت وتبحث عن الحقيقة ونورها وتصطلي بنارها.. ولم تتخاذل أو تخف أو تتوارى وراء الظلال والسجوف والسدوف.. بل حافظت على كلمتها قوية وساطعة بالحق تقرع أجراس الإنذار وتصيح بلسان زرقاء اليمامة وتطلق صفير التحذير وتشير بأصبعها نحو الخطر والمخرج والطريق مثل فنارة لا تنطفئ مسارجها. وحققت «الإنتباهة» هذا النجاح، لأنها اختارت الخيار الصحيح، فلم تجامل أو تهادن أو تدور مع الذيول التي تدور أينما هبت الرياح، أو تميل مثل زهرة الشمس نحو بريق السلطان ورغائب الحكم. فقد قدمت خدمة صحفية متميزة جعلت القارئ يثق فيها وفي ما تقوله وتقدمه، دون أن ترقشه بألوان التضليل وتضع عليه حناء التدليس والمصانعة.. وخفقت راياتها بأقلامها القوية وصوتها المدوي.. برغم أنها بدأت بوفاض خاوٍ وبطن طاوٍ!! وهذا النجاح الكبير لم تصنعه هيئة تحرير أو مجلس إدارة أو أية جهة، فقد صنعته أيادٍ متوافقة متعاونة متشابكة، من عامل النظافة الصغير والمراسلة والحارس والبواب وصغار المحررين المتعاونين والصحافيين جميعاً بمختلف مستوياتهم وأقسامهم، والكتاب والإداريين وجميع العاملين.. فهؤلاء هم الوقود الذي ارتفع بماكوك الصحيفة إلى الآفاق البعيدة العالية التي تدور في مداراتها الآن.. عشرات الصحافيين والمحررين والإداريين وجدوا أنفسهم يحملون حلم صناعة صحيفة ناجحة بأفكار قوية سهروا عليها وتعبوا فيها ونافحوا عنها وثابروا من أجلها، فإذا بالغرسة والفسيلة الصغيرة تتعالى وتسمق أصلها ثابت وفرعها في السماء. تقدمت «الإنتباهة» بقارئها الحصيف الممتلئ بوعي كبير، فلم يخترها إلا لأنها صادقة، فقد كانت تأتيه في موعدها إن وعدت وتوافيه إن عاهدت، ولم تتجمل له بالغث الرخيص ولا الحشف المتروك، ولم تنشر له يوماً صور الكاسيات العاريات، ولم تتكسب بأجسادهن ووجوههن، ولا تخذل فكرتها ولم تتنازل عنها مثلما لم تُسقط عن يدها السيف الذي جالدت به مشروع السودان الجديد وتوابعه وأذياله.. ولم تحد عن الدرب ولم يحد عنها الدرب. فهذا النجاح هدية للقارئ الكريم.. ولرواد هذه المدرسة الصحفية التي جعلت من قول الحقيقة شعارها وقوة الكلمة منهجها وبيرقها والمسار.