في ظل التقهقر والتراجع المريع في عملية إنتاج وطباعة وتوزيع الصحف في السودان، والتي تجيء نتاجاً طبيعياً لأزمة إقتصادية رمت بظلها الثقيل على كاهل الوسط الصحفي، يكون من الطبيعي- جداً- أن تتعثر صحف، وأن تتراجع أخرى، وأن يحرر بعضها شهادة وفاة ب(قلم التحرير) الذي كان يدفع بالصحيفة إلى مصاف التنافس، من خلال تجويد العمل الصحفي والتحريري، والاجتهاد قدر الإمكان في إبراز الرأي والرأي الآخر. نعم- ظلال الأزمات ينعكس سلباً على كل العاملين في هذا الوسط تحريراً وإدارة وإعلاناً وطباعة وتوزيعاً، ويكون أثره الأكبر على القاريء الكريم الذي ينقل له المحررون والكُتَّاب والصحفيون (الإحباط) كل يوم.. و.... مع ذلك رأينا في «آخر لحظة» ألاّ نقف مكتوفي الأيدي، معصوبي العيون، مقيدي الأرجل وسط طوفان الأسى والحزن، ورأينا أن نقاوم ذلك كله بأفضل ما لدينا.. وليس لدينا أفضل من أبنائنا وبناتنا في «آخر لحظة».. فقد ظللنا نؤهل وندرب ونعمل على ترقية القدرات كل يوم، داخل وخارج السودان، وأخذت على عاتقي كرئيس للتحرير أن أقدم أفضل ما لدى زملائي المحررين والمحررات، وظللت أعمل بينهم كواحد منهم، أطرح الأفكار واستمع إلى الزملاء الذين يقدمون طرحاً مغايراً، وعملتُ على أن نتمسك جميعنا بأهداب المهنية قدر المستطاع حتى لا نلوم ولا نُلام، وأول مداخل المهنية هو المؤسسية، والتفويض، ثم الثقة في ما يقدمه لك الآخرون، وقد أعانني في ذلك- بفضل الله تعالي وعونه- زملاء أصحاب قدرات عالية، منهم الأستاذ الكبير عبد العظيم صالح مدير التحرير، ثم زميلنا الصحفي المحترف الأستاذ عثمان حامد، فبقية الزملاء مديري الإدارات ورؤساء الأقسام، ثم الزملاء المحررون والمحررات في كل أقسام الصحيفة، إضافة إلى إدارة واعية ملتزمة، تعرف أن طائر الصحافة لابد له من جناحين (تحرير وإدارة)، ليحلق عالياً في سموات النجاح، إلى جانب مجلس إدارة يخطط لكل خطوة تخطوها الصحيفة، وغيرها من شركات أو مؤسسات تتبع لشركة المنحنى للطباعة والنشر، مجلس يخطط تخطيطاً علمياً، جعل الصحيفة تجتاز صعاب العام الماضي، وتتجاوز الهزات المفاجئة التي ضربت عالم الصحافة ودنيا المطبوعات. قررنا أن نتقدم رغم كل شيء، رأينا أن يكون شعارنا (لا تراجع ولا انكسار) ودفعنا بأبناء وبنات «آخر لحظة» إلى الكورسات» التأهيلية، وإلى معاهد اللغات، وتحققت نجاحات باهرة جعلت من «آخر لحظة» الصحيفة الأولى في مجال الإعلان، وهذا لا يتأتى إلا بنسبة التوزيع العالية التي لا تكون إلا بتجويد العمل واكتساب إحترام القاريء. وبالأمس تحقق فوز جديد، بأن فازت محررتان من بنات «آخر لحظة» بجائزتي أفضل عمل صحفي في مجال التحقيقات والحوارات، وهذا لم يكن النجاح الأول، ونسأل الله ألاَّ يكون الأخير، فشعار المرحلة - كما يقول السياسيون- مازال هو (لا تراجع ولا انكسار)، ونسأل الله التقدم وأن يجعلنا عند حسن ظن شركائنا الأفاضل قراء «آخر لحظة».