قامت مفاوضات بين مصر وبريطانيا عام (1946م) ورأس الجانب المصري إسماعيل صدقي باشا ورأس الجانب البريطاني المستر أرنست بيفن وزير الخارجية في حكومة العمال وقتها واتفق الجانبان على أن تكون لمصر السيادة عن السودان ووقعا بروتوكولاً بذلك. وعلم السيد عبد الرحمن المهدي عليه الرحمة بذلك فسافر إلى بريطانيا والتقى المستر كلمنت أثلي رئيس وزراء بريطانيا ودام الاجتماع بينهما ساعتين وابتدر الحديث المستر أثلي: لقد ظل المصريون يطالبون بالسيادة عن السودان منذ سبعين عاماً فأين كنتم طوال هذه السنين؟ فأجابه السيد عبد الرحمن: (كنا غائبين) ألا نملك حق الغائب الذي اغتصب حقه؟ كنتم أنتم تتفاوضون في شؤوننا ولا تطلعونا على ما كنتم تتفاوضون فيه، نحن أصحاب الحق الأول، بل كنتم تكتمون عنا ما يخصنا... ألم تعدونا ألا تحدثوا تغييراً في وضع بلادنا من غير استشارتنا؟ أمل نصدقكم ونتعاون معكم في الحرب؟ أما بذلنا كل ما كان نملكه من رجال ومال وغيره في سبيل نصرتكم؟ ألم نضع كل مواردنا تحت تصرفكم أيام ألمت بكم الشدة؟ ماذا لقينا بعد كل ذلك كله؟ لقينا البروتوكول الذي سلبنا أعز ما كان يأمل الإنسان في الحياة أن يناله... إننا شعب مرموق لا يصح أن تتجاهلوه.. لقد حاربنا المصريين، وحاربناكم مع المصريين وقبلكم حاربنا الأتراك. إن هذا الاتفاق الذي أبرموه جائر ظالم، لا يليق أن يصدر عن حكومتكم، فنحن لا نقبل الخضوع للتاج المصري، ولا نقبل بالسيادة على بلادنا... إن السيادة تتعارض مع أمانينا وآمالنا، وإننا سنقاومها مهما كان الثمن... إنني لا أرى لمصر حقاً شرعياً ولا قانوناً في السيادة على السودان إلا إن اعتقدت أنها تعتمد على حق الفتح، وهذا اعتقاد فاسد يدحضه ميثاق حقوق الإنسان فهذا الميثاق لا يجيز، ولا يعترف بحق الفتح، بل إنه يمنح الأمم المغمورة حق تقرير المصير، ونظرية وادي النيل تتعارض مع حق السودانيين في تقرير مصيرهم. أذكركم أن المصريين طالبوا بالسيادة على السودان عندما اشتركتم معهم في غزو السودان وفتحه وقلتم إنكم فتحتم السودان باسم مصر، ولكن بمقتضى اتفاقية عام (1899م) لم تعترفوا لمصر بالسيادة على السودان، والتاريخ يشهد كيف حارب السودانيون كالأسود، وماتوا أبطالاً إنكم أغفلتم أمر السيادة، وهذا اعتراف ضمني أن سيادة السودان للسودانيين... ولما وضع الدستور المصري هب المصريون أن يطلقوا على الملك فؤاد لقب ملك مصر والسودان، ولكن بريطانيا رفضت، وعادت مصر في كل مفاوضاتها تطالب بالسيادة على السودان حتى آخر اتفاقية بينكم وبين مصطفى النحاس رفضتم السيادة لمصر على السودان. أوضح السيد عبد الرحمن للمستر أتلي أن ليس هنالك عداءً بين مصر والسودان، وأن السودان السيد سيتعاون مع مصر. شكر المستر أتلي السيد عبد الرحمن، وخدمات السودان لبريطانيا وقال له: لقد اعترفنا للسودان بحق تقرير المصير، ووافقنا على قيام المؤسسات الدستورية فيه، ومنحنا الحاكم العام السر هيوبرت هدلستون كل تأييد ومساندة. انتفض السيد عبد الرحمن غاضباً وقال له: ولكن يؤسفني أنكم بتوقيعكم بروتوكول صدقي بيفن أخذتم ما أعطيتموه باليمين فنزعتموه بالشمال. قال المستر كلمنت أثلي: إن البرتوكول لا يغير شيئاً من أمر السودان وإدارته، وإنما يثبت أمراً واقعاً. وأضاف المستر أثلي أن البروتوكول خالٍ من أمر السيادة... وأصر السيد عبد الرحمن على تأكيده لرفض وضع السودان تحت التاج المصري وسيادة مصر على السودان، وأوضح السيد عبد الرحمن للأخطار غير المحسوبة إذا ما أقرت السيادة ووضع السودان تحت التاج المصري، وأضاف أن حق تقرير المصير يتطلب توفير الحرية والجو المحايد ليوفر الاختيار، لأن الدعوة للاستقلال والمطالبة بها في السودان إذا ما أقر البروتوكول ستكون خروجاً وتمرداً على ملك مصر. بنفس الحروف كلمات لها معان مختلفة تبدأ بالحرفين أر: أرو (ARO) مطر أُرُ (OR) معناها الملك أُرَّي (ORRI) الطَّلْق أو توجع المرأة عند الولادة أُرِّي (ORRAIH) ينطقها البعض في قبائل عربية ( أُرِّيق) (ORRAIG) وهو نبات (ملاح الورق) إِر ِ (IR ) أنتوا أر (UR) نحن ارى (IRI ) حبل أُرِ (IR ) أنتم أُرِ (UR) الرأس أُرِّي (ORRI) يشعل أو يضيء ارو (ARO) أبيض.