٭ إذا كنا نريد هنا أن نتناول بالطرب والرقص مشروع سد كجبار لأن المشروع يعني الاستفادة من حصة البلاد من مياه النيل في إنعاش الاقتصاد من أجل رفاهية المواطن في نهاية المطاف، فإن الفرحة الوطنية الكبيرة محفوفة بمحاذير متولِّدة من سوابق في تجربة سابقة هي مشروع سد مروي.. وهذا ما حدا بنا لافتتاح التناول بأهم معلومة في قائمة المعلومات عن هذا المشروع الوطني. إن المعلومة هي أن أكثر من ثمانين في المائة من أهالي كجبار يؤيدون ويوافقون على قيام سد كجبار من ضمنهم مواطنو المنطقة أو أغلبهم. وإذا قلنا إن العبرة بالانتخابات باعتبارها أسلوبًا حضاريًا في حسم الأمور فإن الأمر إذن محسوم.. ولا مجال بعد ذلك لنقل القضية إلى سوق المعارضة السياسية. هذا إذا لم نطرح السؤال القائل: هل تعترض المعارضة على إنعاش الاقتصاد لصالح المواطن؟!. إن المعارضة لن تقول بهذا.. لكن فرصتها يمكن أن تكون في التعويضات المجزية لأهالي المنطقة.. وهذا ما يجعلنا نبث هنا كل المعلومات التي وردت من حكومة الولاية الشمالية حول قيام سد كجبار، ومن ثم نبدأ بإذن الله في متابعاتنا للتطورات بشأنه. ونحمد الله أن أمامنا تجربة متكاملة هي سد مروي.. فرغم عظمته إلا أن مرارات صاحبته وقعت على بعض المتأثرين على قيامه أوصلتهم إلى مرحلة الاعتصام أمام مقر حكومة ولاية نهر النيل. سد كجبار نتمنى أن يكون خارجاً إلى منظومة المؤسسات التنموية الوطنية من بين رفث ودم التجارب السابقة أو التجربتين بالأحرى سد مروي والسد العالي، وإن كان الأخير مشروعاً غير سوداني لكن كان ضحاياه سودانيين هم أبناء وادي حلفا، والآن الحديث عن سد كجبار لا بد أن يجر إلى الحديث عن (الخطيئة والغربان) وهو اسم لكتاب يصور بدقة مأساة الحلفاويين أكثر مما تصوره أغنية حمد الريح (حليل أرض الجزائر).. وما أقسى أن نستمع إلى حمد الريح عن الحلفاويين بعد الهجرة وهو يردد: (والقمري فوق نخل الفريق فاقد الأهل يبكي ويحن). إن أهل كجبار لن يواجهوا مأساة أبناء حلفا لو قام السد في منطقتهم بالشروط التي تضمن عدم تضررهم. تقول حكومة الولاية الشمالية إنها ستوفر ثمانية وخمسين ألف فدان للتوطين في مناطق (كبودي) وسيكون بها خمسة عشر ألف فدان و(سيو) وسيكون بها ثمانية آلاف فدان.. و(ككة) وسيكون بها خمسة عشر ألف فدان.. و(امتداد ككة) وسيكون به عشرون ألف فدان. لكن الأهم هو الحديث عن حجم الأسر التي ستتأثر بقيام السد. تقول حكومة ولاية دنقلا إن الحد الأقصى للأسر المتأثرة هو أربعة آلاف أسرة. هذه الأسر مع تعويضها المجزي ونسأل الله أن يعوضها الجنة عن حطام الدنيا لا بد أن تقلدها الدولة وسام الشرف الوطني.. خاصة أن هناك قيادات من قرى (مسيدة) و(حيراب) و(حمبكوك) قد اتصلوا بلجنة التنوير بجدوى سد كجبار وطالبت بالترحيل والتعويض. تقول حكومة الولاية الشمالية بأن فكرة قيام سد كجبار كانت من قبل القطاع الشعبي الذي استقطع من قوته لقيامه. وذلك ليجني الفوائد الاقتصادية التي ذكرت في سياق الحديث عن جدوى المشروع وهي إلى جانب توفير الكهرباء والأراضي الزراعية شيء غير تقليدي هذه المرة هو مصانع التعدين والذهب. وأخيراً نسأل حكومة الولاية: هل بالإمكان توفير التعويض المجزي والتوطين المناسب وإجراء المسوحات والإحصاءات بصورة علمية دقيقة؟! هل سيكون قيام هذا السد بمعزل عن الشخصيات التي أدارت سد مروي وتركت احتقانات ومرارات في نفوس المتأثرين بقيامه؟!. غداً نلتقي بإذن الله تعالى