في غرفة الانتظار طفل شديد الشغب يتراكض مع صديقه مُحدثًا ضجة ازعجتنا فتوقفت عن مطالعة الصحيفة امامي وانا ارمقهم بغضب، فجأة اقترب مني وخطف الصحيفة ليتصفحها مع صديقه وهو يصيح بلغة طفل لم يتجاوز العامين «شوف دا البشير شايل ليهو سوط»! لا يختلف اثنان على كاريزما الرئيس التي منحته شعبية لا ينكرها حتى اعداؤه فالسواد الاعظم الذي يعشق كاريزما الرئيس لا يحمل بطاقة عضوية للمؤتمر الوطني اسوة بالطفل المشاغب وغيره من الاطفال عشاق الرئيس كما ينادونه باريحية البشير! وهناك شريحة اخرى هي النساء فأثناء تغطيتنا للانتخابات شاهدت شدًا وجذبًا بين رجل وامرأة جاءا بركشة ويبدو انهما ختمية بالوراثه لان الرجل يطلب منها ان تعطي صوتها لسيدي في حين هي تصر على الشجرة قائلة «انا عمر البشير دا مابفوتو بدي هو براه بعدين ادي الباقي لناس سيدي»! فافتتان الناس بكاريزما الرئيس لا علاقة له بالحزب الحاكم ولا الحكومة ولا لأنه الرئيس، فعندما مرض الرئيس شكلت مجموعة من النساء حلقة تلاوة للدعاء للرئيس لا يعلم بامرها الا الله في سلوك بعيد عن التقرب له لانه الرئيس بل حب خاص وخوف لانه يخاطب العامة بلغة الجار والاخ ويتفاعل ببساطة مع الحشود ويترجل عن سيارته ليقدم التحية لشخص مثل الشاويش على حران لأنه عمل معه قبل الثورة، وتجده في المقابر يواري الثرى ويصلي على احد الراحلين ويستخدم لغة البسطاء في خطابه السياسي فيشعل فتيل الحماسة في الحشود التي وضعت الاحزاب في اختبار مبكر للانتخابات عندما قطعت الطريق في عفوية لاستقبال الرئيس عند الاعلان عن حكم المحكمة الجنائية وقابلها بنفس بساطتها لانه يعطي المواطن الامان باقترابه منه مسافة عادية في منح مطلق لثقة لن يخونها المواطن السوداني لانه نفسه يملك كايزما خاصة تشكلت منها كاريزما الرئيس نفسه. ولعل كاريزما الرئيس يخرج الحديث عنها بقوة عندما نتحدث عن خليفة للرئيس فمن يستطيع ان يقترب من شعبية الرئيس؟ سؤال يجب ان يُطرح بدقة على من سيفكر في الترشح عن المؤتمر الوطني لأن هذه الشعبية لا علاقة لها بانه رئيس او انه مؤتمر وطني بل لأنه عمر البشير، فمن يمكن ان ينزل الى الساحة لينافس مقعد الرئيس الخالي؟ القبول الرباني الذي وجده الرئيس هبة والهبات لا تعطى جزافًا وبعضها يُكتسب والود الصادق لا يُشترى ولكنه يتفشى بحسن المعاملة. اعلن الرئيس انه لن يترشح قائلاً كفاية ولكن هل ستحسم عبارته رغبة الشعب الجارفة في كونه «رئيس» لا تحتمل اي خيارات ظاهرة او مختبئة في الظل؟!