البخل من الصفات الذميمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوّذ منه بقوله: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من الدَّين وغلبة الرجال»، الشخص البخيل شخص يصعب التعامل معه خاصة إذا كان مسؤولاً عن أسرة، فتؤثر تلك الصفة سلبًا على تعامله مع زوجته وأبنائه، البعض يقنن البخل ويصفه بأنه «حسن تدبير».. «الملف الاجتماعي» قام بجولة وسط عدد من العينات تمّ اختيارها عشوائيًا لأخذ رأيهم في صفة البخل وكيفية التعامل مع الزوج عندما يكون بخيلاً. قليلٌ من الحرص مطلوب، هكذا ابتدر محمد علي الشيخ حديثه، وأضاف: ولكن ليس لدرجة الشح والبخل، أنا يمكن أن أصف نفسي بأني رجل مقتصد ولكن زوجتي تقول عني إنني بخيل والسبب أني لا أحبذ التبذير وتبديد الأموال في أشياء أرى أنها لا تعود علينا بالفائدة، فالنساء بطبعهن «يدهن فاكة»! «ع، أ، م» قالت في إفادتها: في أحيان كثيرة أتهم زوجي بالبخل خاصة عندما يكون أهلي في زيارة لنا بمنزلنا فهو يرفض رفضًا باتًا أن أقوم بعمل أي إضافات لأصناف الطعام بحجة أنهم «ما ضيوف» وأهل بيت بالرغم من وضعه المادي الجيد، فأنا أعاني معاناة حقيقة من بخله و«يدو القابضة» حليمة «ربة منزل» زوجها ميسور الحال إلا أنه بخيل جدًا، يترك لها جنيهات تعد على أصابع اليد ولديها عشرة من الأبناء في مراحل دراسية مختلفة، علمًا بأنه يأتي بالنقود معبأة في جوالات ويتركها داخل إحدى الغرف بعد أن يُحكم إغلاقها، فتجد نفسها مجبرة على بيع بعض أثاثات المنزل عندما تشتد بها الحاجة لإطعام أبنائها، قصة حليمة قصة واقعية لامرأة تسكن بأحد الأحياء الطرفية بالخرطوم. الحاجة آمنة في العقد الخامس من عمرها ما لفت نظري اليها أنها كانت تقوم بإلقاء درس في الفقه في إحدى المناسبات وتطرَّقت في حديثها لصفة البخل، قالت السيدة آمنة في إفادتها، قال الله تعالى: «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» صدق الله العظيم، ونذكر تلك القصة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما مدحت امرأة عنده فقالوا: «صوّامة، قوّامة، إلا أن بها بخلاً، فقال عليه الصلاة والسلام، فما خيرها إذن؟. وقيل في الأثر «جود الرجل يحبِّبه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده. الأستاذة بخيتة الفاضل في رأيها أن البخل صفة مكتسبة من الأهل والبيئة وأن أسلوب النشأة عامل أساسي في وصف الشخص بالبخل، وتضيف قائلة، أعتقد أن البخيل هو أشد الناس عناء وشقاء حيث يُتعب نفسه في جمع المال واكتنازه ليورث بعد وفاته والبخل فيه شيء من سوء الظن بالله، والعياذ بالله. رأي علم النفس: الاختصاصي النفسي مواهب محمد عباس أفادتنا في هذا الموضوع قائلة: البخل من أسوأ الصفات التي يمكن أن يتصف بها الرجل، وتأتي هذه الصفة نتاج خبرات وتعاملات متراكمة قد يكتسبها الزوج من أبويه أو أشخاص ذوي تأثير في حياته أو قد تكون وليدة حرمان أو ظروف اجتماعية قاسية وهو من الصفات التي تعصف بمستقبل الأسرة، فالبخل المادي هو كنز المال وجمعه وعدم إنفاقه في المباحات بحجة الخوف من المستقبل، وينقسم البخل إلى نوعين: البخيل على نفسه والبخيل «الشحيح» على المجتمع وأسرته ونفسه. وهنالك آثار نفسية واجتماعية تترتب على أسرة الزوج البخيل كنقص الاحتياجات الإنسانية الأساسية ويفقد الأبناء الثقة والاحترام تجاه الأب نتيجة تهاونه في الإيفاء بمتطلباتهم المادية والمعيشية ومعاناتهم كأبناء من فقدان الثقة في أنفسهم عندما يقارنون بين حالهم وحال أقرانهم فيشعرون بالحرج والدونية، أما بالنسبة للزوجة فنجدها دائمة الشكوى وتعاني من الخمول الدائم وانخفاض المزاج وعدم تحملها لأي إزعاج من الأبناء كما تعاني من القلق والعصبية الدائمة طوال اليوم واضطراب النوم وفقدانها الاهتمام بالأمور التي كانت تهتم بها في السابق وفقدانها للرغبة الجنسية كما تشكو من آلام متعددة بالجسم.. ومن صفات الزوج البخيل أنه ينظر لكل اختيار له من ناحية مادية، ويتغير صوته وصورته عند الدفع المالي ويتجنب الإنفاق بطريقة ملحوظة، كما أنه يخاف من أي مغامرة تكلفه نقودًا، ولا يمنح أصحاب الحق حقهم ولا أصحاب المجهود مكافأة، وهو قليل الهدايا، ويستخدم أدوات الآخرين، ودائمًا ما يتحدث على أشياء يريد تحقيقها دون فعل وليس لديه ذوق في التعامل مع الآخرين، ولا يكترث لمشاعرهم ولا يبدي اهتمامًا بمظهره وأناقته ويحرم أسرته من الترفيه. والزوجة هي أكثر إنسان قربًا من زوجها البخيل، فإذا اكتشفت أنه بخيل يجب عليها عدم إشعاره بذلك وعليها أن تحاول إيجاد الحل المناسب مثلاً كامتداحها بين الحين والآخر لكرم شخص يعرفانه جيدًا ويحترمه الزوج شرطًا أن يكون من نفس المستوى المادي لزوجها، وعلى الزوجة أن تُشعر زوجها بافتقارها للمال إذا كان هو الغاية وليس الوسيلة لإسعاده، وعليها أن تذكِّره بتعاليم الدين الحنيف وأيضًا لا تتذمر من بخله ولا تُشعره بغضبها، وعليها أن تُثني عليه أمام الناس تشجيعًا له ليبتعد عن البخل، كما تؤكد له أن المسؤولية المالية دائمًا ما تقع على كاهل رب الأسرة ويجب أن تجعله يدرك مدى السعادة الداخلية التي يشعر بها أولاده وهي معهم عندما يشتري لهم شيئًا، وعلى الزوجة أن تحرص على إظهار حبها وودها لزوجها البخيل، وأن تؤكد له أنه هو المصدر الوحيد الذي تطلب منه مالاً. ويجب أن تُدخله في تجربة بأن تجعله يذهب للتسوق بنفسه حال رفضه زيادة المصروف.. وهنالك الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تذم صفة البخل.