هكذا نقف بإزاء المنية.. مذهولين غير مصدقين من حيث لا ينبغي لنا، وكم رأينا مطرح كبير وعزيز ولو كان موت فقيدنا الراحل موت صديق عزيز وحسب، لأتينا وحزنا ثم عدنا لوجبات الحياة باعتبار أن ما حدث جرحاً شخصياً وألماً خاصاً، أما أن نفتقد فجأة رجلاً كان يصنع لنا الأحداث، وقائداً يحرك الجماعات وزعيماً نرجع إليه ورائداً ننتظر منه المبادرات، فإن الفقد يتعدى الشخصي الى الشخصية، والموت يمضي بأسئلة تتعدى المفقود الى المفتقد، ولا غرو أن أخذنا نردد وفي خواطرنا تضطرب الاحتمالات في هذا المصاب الجلل بداية اندفاع المآخذ أم بداية تفاقمه. نردد مذهولين غير مصدقين لا من حيث الحقيقة بذاتها ولكن ما سينجم عنها.. أحقاً مات عبد الله علي الفكي؟ أحقاً خلت منه جلستنا كل ليلة؟ نحن بنو الموتى وما بالنا نعاف ما لا بد من شربه؟ إن الحياة قصيدة أبياتها أعمارنا والموت فيها القافية. أين الأكابر والجبابرة الأول بنوا الكنوز وما بقيت وما بقوا، وكما قيل فإن بعض حياة الناس موت وموت بعض الناس حياة، كان رحمه الله رجلاً كبيراً بحق وكان رجلاً مقداماً ومتواضعاً وزعيماً وذكياً وموهوباً وكان قوياً وشجاعاً، عرفنا عنه طيبة القلب وشجاعته ونقاء ضميره وصفائه، هذا بعض ما أصفه به وما وصفته به لأنه مات، فالموت من بعد يستثير النزعة للمبالغة في ذكر محاسن من مات، ولكن وصفته بما عرفت عنه وبما هو حق وصفه على المنصف، فالمنحاز بدءاً يبالغ ولكن المنصف يشهد وصفته بعد مماته بما كنت أصفه به ما اقتضتني المناسبة في حياته، وشاهدي على ذلك إخوة كرام احياء موجودون شق نعيه قلوبهم ومزقها، وكنت أمس بالمهم وأنا البعيد عنهم مكاناً والقريب منهم وجداناً يكفيني هنا والحزن منيف أن أحني رأسي إجلالاً لصديق كان بحق وفياً لأصدقائه قوياً في مواقفه، شجاعاً في رأيه كريماً في عطائه، متميزاً في آرائه، أربعون يوماً لم تجف فيها دموعنا، اللهم ربي أشمله برحمتك وأكرم نزله واجعل الجنة مثواه مع الصديقين والشهداء. وعزائي لأسرته وأهله ولأصدقائه وأحبائه في نادي بري وأتمنى أن يكون تكريمه الأول، والأولى توحيد الكلمة وإنهاء الخلافات فإن نادي بري يحتاج لجهد جميع أبنائه وبناته. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. المكلوم/ عبد الرحيم الصديق حبيب الله