أبرزت بعض الصحف قبل أيام أن هناك اتجاهاً لتصفية جهاز الرقابة على العربات الحكومية، على خلفية التجاوزات التي أشار إليها المجلس الوطني المتمثلة في التعامل الإيرادي خارج أورنيك «15» وتجنيب الأموال وتجاوز في نظم استغلال العربات الحكومية، ولكن رغم هذا القصور والإخفاق، هل يكون الحل في تصفية هذا الجهاز الرقابي المهم؟ أم العمل على إصلاحه ومحاسبة المقصرين والمتجاوزين؟ وفي حال ثبت هذا الخلل يجب إقالتهم، مع رفد الجهاز بكوادر إدراية جديدة، ثم العمل على تطوير آلياته خاصة وقد كشف مديره أن الجهاز يعمل بثلاث عربات فقط، في حين أن عربات الحكومة تبلغ زهاء اثني عشر ألفاً، أي، أن كل عربة واحدة من الجهاز تقابلها أربعة آلاف عربة حكومية، وإلا فلن نستبعد أن محمد أفندي وهو يرتدي بدلته الجديدة وحذاءه اللامع وكرافتته الحريرية، أن ينادي سائقه قائلاً: * أسمع بالله تمشي البيت وتجيب لي المعجون الطبي بتاعي والعطر الباريسي، وعايزك تمر على محلات السمك الطاعم وتشتري لينا كم سمكة محترمة، وبعد كده عرِّج على المدرسة ورجع الولد البيت، وبعد داك بتلقى المدام جاهزة تقوم توديها المنشية عشان تزور أختها، وما تنسى في الطريق حتشترى شوية فواكه، أدي المدام كيس وجيب لينا نحن كيس، وبعد داك اتوكل وتعال طوالي على المؤسسة. أما حسين أفندي المعروف بالبخل وعشق الميري المجاني، فقد طلب من سائقه أن يتهيأ للسفر شمالاً لزيارة والده المريض، وقال له: عايزك تمشي الملجة تشتري لينا منها خضار ولحمة، فتعجب السائق وقال له تقصد سعادتك المول؟ لكنه فوجيء بحسين أفندي يقول بصوت عال كله إصرار: مول شنو يا زول، أنا بقول ليك الملجة، أنا ما لي ومحلات الضبح دي، نحن بنشتري قدر حالنا، أنا عايز شوية كوارع وكيلو لحم بعضم وشوية منقة، لكن أوع تجيب لي الهندية الغالية، نحن ناس متواضعين بنحب الحاجات الشعبية بتاعتنا وكمان ما تنسى الكمونية، وهنا تضايق السائق وقال له: لكن يا سعادتك أنا بقترح تشترى الكمونية لمن نصل، لأن الجو سخن وبتعمل ريحة في العربية خاصة مع المكيف ما بتنفع، فقال حسين أفندي بس أنا خائف يكون فرق السعر كبير، فقال السائق ما يهمك خلي المسألة تحت مسؤوليتي الشخصية، وهنا أحس حسين أفندي بالارتياح وواصل مطالبه وقال أنا عايزك قبل ما تشتري الحاجات دي كلها تشوف لي مسألة البنزين وحأديك مذكرة لواحد صاحبنا في مؤسسة عامة عشان يديك تذكرة بنزين والا جركانة كبيرة من الأستوك بتاعهم، وبعد داك عايزك تغسل العربية غسلة نضيفة وكمان تبخرها وتراجع اللساتك عشان ما يطرشق لستك ونروح فيها ونتلحس خاصة الشارع كلو مطبات وحفر. وهنا أحس السائق أن هذه المهام الشاقة تستحق أجراً، فقال لحسين أفندي طيب ما تعمل لى شوية مصاريف في السفرة والمشاوير الكتيرة دي، فتضايق حسين أفندي وقال له: أنا بصدق ليك بدل سفرية. فصمت السائق متضايقاً بعد أن أدرك أن حسين أفندي البخيل لن يعطيه أي بقشيش مقابل كل هذه الخدمات. فقال له بمكر: معليش يا سعادتك أنا قلت الكلام ده لأنو سيد نادر كان يدينا ضحَّاكات ما بطاله من جيبو الخاص لمن تكون المشاوير الخاصة كتيرة، أما في السفر كان بخلينا مرطبين، ويتضايق حسين أفندي أكثر ويقول للسائق في ضيق: إنت يا حسان بقيت غلبنجي، وكان الشغل معاي ما عاوزه ننقلك ونجيب واحد تاني، هنا خشي السائق أن يقوم حسين أفندي بنقله خارج العاصمة، فافتعل الضحك والإبتسام وقال: لا يا أستاذ أنا ما عندي مشكلة، لكن بس إنت عارف الحالة، وعلى العموم أنا برضو بدل السفرية ما بطاله معاي وكفاية عليَّ، حينها أحس حسين أفندي بالانتصار ورمق السائق بنظرة خبيثة وناوله مبالغ ضئيلة لشراء المستلزمات التي ذكرها، في حين توجه السائق بضيق إلى السيارة. وفي تلك اللحظات دخل المسؤول الكبير وقال لرئيس السواقين: أنا عايزكم تراجعوا لي العربات التلاتة كلهم في وقت واحد، العربية الموجودة في البيت، والاثنين بتاعت الشغل، وعايزك تمشي تشتري ليهم فرش جديد وما تنسى تشتري البخور لأن البخور القديم ده أخير منو نولع لينا ضهر سمكة، وبعد داك الولد بكره عندو رحلة عايزك تجي الصباح بدري وتشتري شوية حاجات زي تلج وفواكه وبارد عشان ما يكون مكسوف قدام زملاه، لكن لما تنتهوا من تجهيز عربية البيت عايزك تكلم السواق بتاعي ما يمر بالشارع من الناحية الشمالية لأنو جارنا البهناك ده عينو زي الكاوية، المرة الفاتت كحلها ساكت وقعت في حفرة كسرت ركب، المرة دي لو لحق عاين ليها حيلحقنا أحمد شرفي، وما تنسى كمان تقفل التناكي كلها، الظروف بقت ما معروفة يمكن يجيبوا لينا قرار يعتبروا فيهو تخزين البنزين في المؤسسات الحكومية تجنيب، هنا يضحك رئيس السائقين ويقول: عليَّ الطلاق حتى لو عملوه ما في شي بتغير، هسه إنتو التجنيب خليتو؟!