٭ وما يدهشنا ليس هو أن الرجل فعل وفعل.. ما يدهشني هو أن وفاة المرحوم علي حسين تجعل زحاماً من الوجوه يتحدث عنه. ٭ وزحام من الأحداث يجعل المرحوم علي حسين «دفعة 51 الكلية الحربية» رجلاً يطل من كل زقاق وميدان. ٭ .. ونحدث عن وفاة الفنان زيدان .. فيطل من يقول : زيدان وعلي حسين كانوا «دفعة» في المدرسة.. ثم كلاهما يموت في اليوم ذاته. ٭ ونحدث عن اللواء الهادي بشرى وتعيينه والياً للنيل الأزرق.. فيطل من يقول: اللواء الهادي بشرى كان زميلاً للواء علي حسين.. يسبقه بعامين. ٭.. ونحدث عن .. ونحدث عن.. وكلما شرعنا في الحديث عن شيء ينتهي الطريق إلى علي حسين. ٭ والأسطورة تبلغ درجة مذهلة.. فحين كان الحديث عن وفيات الفنانين يقود إلى المرحوم إبراهيم عوض يطل من يقول: المرحوم إبراهيم عوض قال إنه كان يسمع أول إذاعة لأولى أغانيه من دكان المرحوم منور.. الذي هو جد المرحوم علي حسين. ٭ ورائد من شرطة بورتسوان اسمه ياسر يبقر الحديث عن المرحوم والمسالمة.. وآخر.. وآخر.. ٭ وآخر.. وآخر ٭ لكن الرائد ياسر يستعيد مشهداً غريباً وهو يحدثنا قال في الهاتف: أستاذ.. قبل سنوات كنت تحدث في كتاباتك عن «زجاجة عرقي أنقذت السودان». ٭.. والحكاية التي نستعيدها كانت تقص كيف أن شجاراً ينشب بين عدد من صغار الضباط «ذات قعدة». ٭ والشجار يقود إلى مقتل أحدهم.. والآخر الذي كان سبباً في القتل = غير العمد = يفصل من الخدمة. ٭ والرجل يتجه إلى جوبا لإكمال إجراءات ما بعد الخدمة. ٭ وذات صباح هناك = وهو يمشي قريباً من مطار جوبا = يسمع صوت اشتباك. ٭ كانت تلك هي ساعة انفجار عملية فيليب عباس غبوش. ٭ ومجموعة غبوش التي تفاجئ القوات المسلحة تحتل المطار تمهيداً لاستقبال قوة جديدة. ٭ فالمخطط كان هو احتلال الجنوب.. وإبادة القوات المسلحة. ٭ وعلى حسين الذي كان يعبر هناك في جلباب يضع يده على بندقية.. ويدير المعركة. ٭ بعدها خطابات العقيد سوار الذهب = الذي يصبح رئيساً في ما بعد، وخطاب جوزيف لاقو = حاكم الجنوب يومئذٍ = تقدم للنميري صورة مذهلة عن الضابط الذي أنقذ البلاد. ٭ والسوداني داخل البدلة العسكرية شيء.. لكن المرحوم علي حسين كان يسجل موقفه الأول هذا في مطار جوبا وهو بالجلباب.. ثم يسجل مثله أيام انقلاب هاشم العطا.. وينقذ الدفعة «42» من الإعدام. ٭ ففي صباح ذلك اليوم من يوليو كان بعضهم يقوم بتسليح طلبة الكلية الحربية ويدفعهم للانضمام إلى الانقلاب الأحمر. ٭ لكن المرحوم علي حسين يندفع إلى هناك .. ويحدث الطلاب بعنف. ٭.. اللحظة كانت قابلة تماماً لأن يرفع أحدهم رشاشه ثم يمزق الضابط علي حسين.. ٭ لكن الرجل = علي حسين = كان يحمل مهابة فريدة جعلت الطلاب يضعون أسلحتهم. ٭ .. والدفعة نجت بكاملها من الموت. ٭ والضابط المتقاعد الذي يحمل الطورية في الخريف ويصارع السيل في بيوت الجيران = في المسالمة = كانت إحدى الجارات تدخل بيته أول الأسبوع الماضي تحدثه حديث الجيران وهو راقد. ٭ وحين لا يجيبها تحدث زوجته عن دهشتها من «نومة الضحى» هذه. ٭ لكن الرجل كان ميتاً. ٭.. في «دبي» ابن الراحل الفنان أحمد حسن جمعة يهاتف أحد معارفه في المسالمة ليقول ضاحكاً: أسأل عمي علي حسين عما أكله البارحة.. فإني رأيت في المنام أنه قد مات. ٭ والرجل من هنا يتجه إلى بيت علي حسين ليجد حشود الباكين. ٭ والزمان الذي يربط زيدان التلميذ في المدرسة بعلي حسين التلميذ هناك ثم بالهادي بشرى الطالب في الكلية الحربية.. بمطار جوبا وحرب الجنوب بأحمد حسن جمعة والشنقيطي و.. ٭ الزمان هذا كان يجعل زيدان وعلي حسين يذهبان معاً في الصباح ذاته. ٭.. وفي الصباح ذاته كانت ولاية النيل الأزرق تستنجد بالهادي بشرى. ٭ وفي الصباح ذاته كان في مطار جوبا ما فيه. ٭ وأحمد حسن جمعة ابنه في دبي تطوف به روح المرحوم علي كأنما تودعه. ٭.. وغريب أن إحدى الإذاعات كانت تسهر الليلة السابقة مع أغنيات الفنان إبراهيم عوض.. إبراهيم الذي سمع صوته لأول مرة من الإذاعة وهو في كنتين المرحوم «منور». ٭ ومنور هو جد الضابط علي حسين. ٭ ترى كم «علي حسين» يعيشون بيننا الآن ولا نعرفهم؟ (2) ٭ .. والهادي بشرى حين يدور الحديث عنه يغمزنا أحدهم ليقول: كان قائد المعارضة ضدكم. قلنا: لهذا نختاره حاكماً. ٭ وحين يدهش نقول: الهادي بشرى يقود المعارضة ضدنا لأنه معتز بنفسه. ٭ ثم ينشق على المعارضة في القاهرة.. وجهاراً لأنه معتز بنفسه. ٭ ويعود إلى الخرطوم.. وعلناً لأنه معتز بنفسه. ٭ ويكفي أن تكون «رجلاً» لتصبح = عرفت أم لم تعرف = إنقاذياً. ٭٭٭٭ بريد: أستاذ إسحاق المجاهد عمار العيدروس.. أحد أبرز المجاهدين .. وحين يغترب يجمع زاد المجاهد .. وحين ينشق الناس يجمع صفوف المجاهدين.. الرجل هذا يرقد مشلولاً منذ عشر سنوات.. وجمعية في دبي ترحب بعلاجه لكنه يعجز عن شراء التذكرة.. هل تعرف من يمد يده؟ (م) ٭ من المحرر: .. بل نعرف من لا يهمهم أن يعرفهم إسحاق فضل الله. ٭ لعلهم يمدون أيديهم للرجل المجاهد. ٭ فما نعرفه هو أن شيئاً في قلوب المجاهدين لا يخمد أبداً. ٭ وننتظر