عيون كثيرة تنظر أول مارس الأخير.. والسودان ينظر إلى عربة تنسل تحت ليل القابون وميشيل قائد انقلاب إفريقيا الوسطى الآن يدخل باباً حديدياً على الطراز الفرنسي وخلف الباب يلقى وزير دفاع فرنسا. .. والسودان يعرف أن مصير بوزازيه - رئيس إفريقيا الوسط قد حُسم. .. والسودان ينظر بقعر عينه إلى تشاد ويجد أن تشاد التي كانت هي من يحمي بوزازيه للسنوات العشر الماضية ترسل جنودها إلى مالي دعماً لفرنسا.. وموسيفيني ينظر الى الانقلاب الجديد ويشعر «بفرقه» مدير مخابرات القتيل كازيني الذي ما كان شيء من هذا يفوت عليه. وموسفيني يغازل ميشيل الآن حتى يضع جيشه تحت خاصرة السودان. .. ومشار أيضاً لعله يندم.. وكازيني كانت رواية هنا تقول إن عشيقته هي التي قتلته.. وروايات هناك تقول إن مشار هو الذي قتله. وكازيني القتيل وعمر سليمان القتيل والسنوسي ضابط مخابرات القذافي السجين كلهم كان ينسج خيوط دولة على «النول» الإسرائيلي.. دولة النوبة التي تتكون من جنوب مصر وشمال السودان. .. و... والأمر ينسج منذ أيام السادات وبهدوء. ... والشمال السوداني يعرض منذ أسبوعين وهو يجد أن الجنوب يتفاهم وحركات التمرد ترسل الأجاويد.. والنفط ابتداء من أبريل هذا يرسل ثلاث مليارات لخزينة البنك القديم على شاطئ النيل. ولكن عيوناً تنصر وتضيق.. وعيون لا تخدعها العرضة تجد أن الأسلوب الإسرائيلي - المأخوذ من الأسلوب الفرنسي هو الذي ينتصر.. ويبقر خاصرة جديدة في السودان. .. وزيدان يقول عن نجاحه في كرة القدم. :لا تحاور أقدام خصمك.. حاور انتباهه.. يعني جذب عيونه بعيداً عمَّا تريد. وإسرائيل تجعل من كل ما يحدث في السودان جذباً للعيون عن شيء ضخم جداً يحدث في الشرق.. ومنذ عشرين سنة. .. والتداخل القبلي - في المفكرة الإسرائيلية من هنا وفي حقيقة الأمر من هناك - يجعل بعض مواطني الدول المجاورة يحملون كل الملامح والنسب السوداني. والملامح هذه تجعلهم يقفون أمام موظف صغير ويحصلون على الجنسية السودانية والرقم الوطني. والموظف الصغير يصبح هو من يقرر مصير البلاد كلها.. دون أن ينتبه لحظة. ومناطق زراعية واسعة يشتريها الآن هناك مواطنون «سودانيون» كما تقول الأوراق التي أصدرها الموظف الصغير... وغير سودانيين كما يقول واقع شديد الاتساع. ... و«الزيت» الذي يتمدد على قميص القطاع التجاري كله.. ويصبح هو من يديره... والزراعة وملكية الأراضي «الزيت» هذا لا بد له من مليارات. والمليارات تأتي من جهة خلف الحدود هي ما يقود كل شيء ومنذ عشرين سنة و... و... .. والزيت يتمدد.. ويتمدد. «3» وضابط كان هو المقرب من الرئيس النميري كان هو من يستقبل عرفات في أول أيام حكومة الصادق المهدي. ... والمطاردات القاسية بين مخابرات إسرائيل ومخابرات عرفات تجعل عرفات يخفي تحركاته.. وهكذا كان يهبط الخرطوم فجراً ودون ميعاد. .. والضابط الذي يستقبله - وليشغله بالحديث حتى تصل العربة الرئاسية يسأله عن حكاية الفلاشا. قال عرفات.. : مديرو مخابرات الدول العربية كلها ودول إفريقية التقوا في قبة الصخرة تحت الليل واتخذوا قراراً بترحيل الفلاشا. ... والنميري قام بالتنفيذ.. فقط. .. وأيام محاكمة مجموعة النميري.. وحين تثير المحكمة ملف الفلاشا.. كان عمر محمد الطيب يطلب جلسة مغلقة لأن الأمر «كبير». .. والأمور الكبيرة التي لا يعلم الناس بها إلا بأسلوب المرحوم «الطيب».. في العيلفون لن تنتهي. .. والمرحوم الطيب.. وكان رجلاً ذا دعابة يقص كيف أن جده أيام معارك المهدية كان يشتبك في معركة حامية.. وأن رأسه يُقطع وأن جده لا يعلم أن رأسه قد قُطع إلا بعد أن جلس في الظل و«دردم» سفة.. ورفعها إلى فمه ليجد أن رأسه قد قطع. .. لعلنا نعرف قبل السفة أن رأسنا يُقطع بهدوء. .. وأن مصدر طعام السودان يذهب.. بهمس.