كان كثيرون عندما يتحدثون عن تجمع المعارضة تحالف جوبا سابقًا ويحاولون تفكيكه برد كل عضويته إلى أصلها كان فاروق أبو عيسى هو الرجل الوحيد «المقطوع من شجرة سياسية» إذ لا حزب أو كيان واضح للرجل كما ظل يقول بعض قادة المؤتمر الوطني إن عيسى لا يمثل إلا نفسه !! ولا حقًا صنف الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر ضمن قائمة فاروق أبوعيسى رغم أن كمال ينتسب لحزب كانت قياداته في الحكومة لعقد من الزمان بل إن عمر حق أن يطلق عليه لقب «كمال نرفض» إذ كل تصريحات الحكومة في ميزان الرجل تقع في كفة الرفض وتجنح إلى الخصومة الفاجرة التي تصل إلى أعلى المراتب ممثلة في الدعوة لإسقاط النظام.. ولأن كمال يمسك بتلابيب أهم الملفات في حزبه يذهب كثيرون إلى أن تصريحاته هي الرأي القاطع للشعبي!! لكن إذا تم التسليم بذلك فالأمر يأخذ منحى فيه شيء من الخطورة على الوطني والشعبي في ذات الوقت!! حالة الخطورة على الوطني لاتحتاج لتفسير فالأمر يعني إسقاطه من كرسي السلطة بينما الخطورة على أنصار المنشية تكون في التعرف على الطرائق التي يسلكونها حتى يتحقق هدفهم وهي ستوضح الكيفية التي يفكرون بها وهي في كل الأحوال أمر يخيف المؤتمر الوطني حسبما أقر بذلك القيادي بالوطني د. قطبي المهدي عندما قال في حوار أُجري معه عمره نحو سبع سنوات إن مصدر الخوف أن الذي «يلاويك داخل بيتك مازي البلاويك من خارجه» وفسر حديثه من واقع إحساس الشعبي بأنهم «قلعوا حقه» مما يجعلهم أكثر توتراً.. لكن مع مرور السنوات وتأكُّد الوطني أن الشعبي يحمل سيفًا من عشر فلربما ذلك الخوف تقلص أو غادر صدور الوطنيين نهائيًا بعد أن تمكنوا من السلطة وبعد أن باءت محاولات سابقة للشعبي لإسقاط النظام بالفشل كما قالت الحكومة عندما كشفت عن محاولتين تخريبيتين هدفتا لإسقاطها ولكن لم تزعجا الوطني كثيرًا بعد تيقنه أن الشعبي لا يملك القدرة الفنية على إطاحتهم، بيد أن الخطر عاد بعد ظهور حركة العدل والمساواة التي يعتبرها الكثيرون الجناح العسكري للشعبي ولكن تلقي حركة خليل لهزيمة نكراء في أم درمان في العام 2008 رجح كفة الوطني على الشعبي بل إن الحكومة إزدادت شعبيتها عقب الهجوم الذي سمته الحركة بعملية الذراع الطويل ويبدو أن الاسم كان فألاً على الحكومة إذ كسبت تأييدًا كتب لها عمرًا طويلاً!! لكن الحديث المستمر للشعبي على لسان أمينه السياسي كمال عمر عن إسقاط النظام ورفض كل مايلقي به من مشروعات على طاولة الحوار وصلت مرحلة الفجور في الخصومة عندما قال كمال عمر أمام جمع من أنصار المعارضة الشهر الماضي إن الحكومة تمارس التطهير العرقي في جنوب كردفان والنيل الأزرق وهذا تأكيد على أن الشعبي الذي يرى الوطني عدوه اللدود ينظر إلى أن وجوده رهين بإطاحة الحكومة بحسب القيادي بالوطني إبراهيم غندور الذي قال إن الشعبى بهذه الحالة سيظل معارضًا طوال الوقت وضرب مثالاً بمطالبة الأخير بإلغاء نتائج الانتخابات والذي عده بالأمر المرفوض جملة وتفصيلا قبل أن يقول إن الناخب قال كلمته في انتخابات حظيت باعتراف دولي.. ليس هناك بارقة أمل لحوار بين المؤتمرين في الوقت الراهن فيما يبدو وحتى عندما طار الأمين العام للشعبي د. حسن الترابي إلى الدوحة وكذلك نائب رئيس الوطني لشؤون الحزب د. نافع علي نافع في أواخر مايو الماضي لحضور مؤتمر أهل المصلحة الدارفوري سارع الشعبي إلى نفي أي اتجاة لتوحيد الإسلاميين ومن ثم سيظل تفكير الشعبي في إسقاط الحكومة قائمًا في ظل ملاحظة غندور الذكية أن وجوده في الساحة رهين بزوال النظام.. لكن قد ينتهج الشعبي طرائق أخرى قد تكون أكثر خبثًا فمحاولة انقلاب فشلت وكذلك غزو الخرطوم إذا سلمنا جدلاً بأن العدل والمساوة مؤتمر شعبي في بزة عسكرية والتحالف مع المعارضة حتى في وجود الحركة الشعبية لم يمكِّن الشعبي من رقبة الوطني ومن ثم ما من خيارات أخرى سوى ممارسة نوع من الاغتيالات السياسية والحقيقية هذا إذا لم نتغاض عن إمكان وجود عناصر تتبع للشعبي في داخل الحكومة نفسها وفي مؤسسات هامة جداً!!