بحي الشهداء وفي العام (1908م) وُلد الأستاذ حمدنا الله أحمد في بيت اهتم أهله وما زالوا بالعلم والمعرفة. درس الفتى جميع مراحل دراسته بأم درمان وفي العام (1924م) دلف نحو كلية غردون التذكارية فكان من حظه أن التقى بمجموعة تلاقحت أفكارها وتمازجت رؤاها حول قضايا هي في الأصل من صميم التفكير في حال الوطن المستعمر آنذاك، مارس حمدنا الله أحمد بالكلية ضروباً من النشاط الرياضي فكانت مجموعته هي المجموعة والتي حين تخرجها مقيمة في الأمسيات بنادي الخريجين ضمن المجموعة يوسف المأمون التجاني عامر أمين بابكر وبابكر مختار تاتاي وآخرين، فحين لقاء أي مجموعة متقاربة في العمر والأفكار لا بد وأن تكون الأفكار العظيمة وجوداً وبل تحققاً فكانت فكرة تأسيس فريق لكرة القدم فكرة قديمة لهؤلاء الشباب وهم في سن العشرين أو تزيد قليلاً. فبتاريخ (17 مارس 1930م) أمكن لهؤلاء الشباب تأسيس فريق الهلال الرياضي. فكان حمدنا الله أحمد أحد الذين ساهروا الليالي من أجل إنجاح الفكرة وجعلها واحدة من ضمن أفكار كثيرة للنهوض بالوطن من سُباته العميق والذي كان بفعل الإدارة الاستعمارية نجحت الفكرة نجاحاً جعل أفكاراً أخرى تظهر كواحدة من أفكاره العظيمة، فالنصر والهزيمة لفريق الكرة لم يكن من أولوياته بقدر ما كانت فكرته وتخطيطه لآمال عراض وأحلام لا يحلم بها إلا أمثاله ممن كبرت نفوسهم وعظمت أفكارهم فكان أن كون فرقة موسيقية بالنادي ظلت واحدة من معالم النادي في سنوات العقد الثالث من القرن الماضي والرابع كذلك فظل النشاط الرياضي سائراً في طريق الممازجة المنشطية مع الموسيقا وفرقتها التي هي وفق وثائق الأندية السودانية أول فرقة موسيقية بنادي رياضي. لم تتوقف جهوده وأفكاره لخدمة المجتمع عند حد تكوينه للفرقة الموسيقية فبنظرته الثاقبة لوضع المجتمع آنذاك قام ومعه نفرٌ من المخلصين بتأسيس فصل لمحو الأمية التي كانت متعاظمة آنذاك فأتى الخير ثماراً يانعة بفضل جهده ومثابرته على خدمة وطنه وأهله المواطنون. فتعلم الكثيرون بهذا الفصل الدراسي مبادئ القراءة والكتابة. سياسياً كان للمرحوم شرف العمل بإحدى لجان مؤتمر الخريجين قبل حله في منتصف الأربعينات بعد أن تفرق أعضائه بين الحزبين الكبيرين. وعن تأسيسه مع مجموعة من أصدقائه لنادي الهلال إلا أن المرحوم لم يتسلم رئاسة النادي إلا في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات ليس لزهده في المنصب بل لانشغاله بقضايا تأسيس هيكل النادي الذي أشرف فيه على فرقة الموسيقا وفرقة الكشافة وفصل محو الأمية الدراسي، مهنياً عمل المرحوم بهيئة توفير المياه كموظف طوال سنوات الخدمة المقررة لموظفي الدولة. وكما طبع المرحوم على الخير وتقديم العون لمواطنيه خدمة دون أجر فالطريق الذي اختطاه كان من الوجود بصورة التطابق المثلي فأبناؤه وبناته هم كنزٌ ما زالوا على خطى والدهم تقديماً للعون وصوناً لمبادئ والدهم العظيمة تلك التي ما زالت تسعى بين الناس وما نادي الهلال إلا واحداً من ضمن ما قام به تأسيساً ووضعاً لمناشطه. شخص مثل هذا يستحق أن يُطلق اسمه على شارع من شوارع العاصمة وبل تسمية أحد منشآت نادي الهلال باسمه. فقد آن الأوان لمقابلة جهوده بالوفاء والعرفان.