{ ونصيب والحمد لله بدقة لأننا نستمع والحمد لله بدقة. { وغرفة محشوة بالمثقفين الاستماع فيها يصبح نوعاً من ممارسة التنبؤ. { والأسبوع الأسبق نحدث هنا ونحدث إذاعة القوات المسلحة عن أن..«الدولار الذي يقفز إلى «4.800» سوف يسقط على أسنانه. { ولا يصدقنا أحد.. والأسبوع هذا الدولار يفقد ثلث قيمته في عشرين ساعة. { وعلم الغيب هذا كنا نصل إليه ونحن ننصت جيداً فى غرفة المثقفين.. ونسمع يومئذٍ أن الدولة تسكب مليارين اثنين من المليارات الثلاثة المطلوبة، وأن الفزع سوف يجعل تجار العملة يسكبون الثالث حين يشهدون الهبوط الهائل للدولار ويكسرون عنقهم.. والنبوءة هذه تقع تماماً كما قدر لها. { وفي غرفة المثقفين نستمع إلى الحديث الآن عن ملاحظة أن: بعضهم أصبح مغرماً بكلمة «انهيار» هذه الأيام. { وغرفة المثقفين تعيد قراءة الصياغة الغريبة لخبر تحمله «آخر لحظة» أمس. والخبر الذي يتحدث بصورة عادية عن احتجاج بعض العاملين لتأخر مرتباتهم في بورتسودان ينتهي بجملة تقول «ورجحت مصادر لآخر لحظة أن الأمر يعتبر مؤشراً حقيقياً للانهيار الاقتصادي للدولة». {وفي الصحيفة ذاتها في اليوم ذاته كانت آخر لحظة تورد خبراً عنوانه «الثروة الحيوانية الوزير يحمل الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار». { بينما في تفاصيل الخبر تورد الصحيفة أن ما قاله الوزير هو «أن تجار الكسر هم الذين دمروا الاقتصاد ورفعوا أسعار المواشي». { وغرفة المثقفين التي تقرأ الأخبار بالقلم الأحمر تعود بذاكرتها إلى مانشيت أحمر تحمله صحيفة في الأسبوع الماضي ينسب إلى وزير الخارجية حديثاً في باريس عن «انهيار» الاقتصاد السوداني.. والوزير ينفي. «2» { والأنس كان يذهب إلى حديث الطيب زين العابدين لقناة الجزيرة، في اليوم ذاته وإلى التفسير الغريب الجديد للأحداث. { والحديث يذهب إلى تبني دكتور الطيب لأسلوب منصور خالد. { والحديث يذهب إلى ندوة عالمية يقدمها الاقتصاديان خالد الخاطر وعبد الحافظ الصاوي «من الخليج» والندوة تنسج أحاديث خبراء أوروبا وأمريكا لتنتهي إلى أن «741» مليار دولار هي ديون أوروبا «تغطس» الآن حجر اقتصاد العالم. { وأن العالم الأول بالتالي لن يلتفت إلى صراخ دول العالم الثالث التي تغرق.. و.. و.. { لكن الحديث يعود إلى حديث وزير الثروة الحيوانية في ندوته. { والوزير يقول إن «الرسوم والزكاة والضرائب.. والبيطرة والسلخانة والنقل وأغنيات الطيور والأسماك الحكومية هي السبب في جنون الأسعار .. وأن الدولة مدانة» هكذا قال حسب ما تزعم الصحيفة. { وغرفة المثقفين تمسك بالقلم وتحسب.... و«رسوم الثور في موقع الانتاج «15» جنيهاً.. البيطرة «4» جنيهات .. تسويق «3» جنيهات.. الزكاة «50» جنيهاً الصادر «30» جنيهاً .. تفتيش «2» جنيه .. عمال «5» جنيهات الحجر الصحي «2» جنيه.. علف لشهر «250» و.. و..» { والأقلام والأرقام تجد أن «الثور الذي يزن مئتي كيلو جرام تصل تكاليفه إذن إلى «2.546» مليونان وخمسمائة وثلاثة وأربعون جنيهاً. { وأن السعر هذا مقسوماً على «200» كيلو جرام وزن لحمة الثورة يجعل سعر كيلو اللحم ثلاثة عشر جنيهاً سعراً خالصاً. { ثم أرباح الجزار ليصبح سعر كيلو اللحم خمسة عشر جنيهاً مربحة. { فكيف وأين إذن أصبحت الدولة مدانة في اتهام رفع الأسعار كما يقول وزير الزراعة.. أو كما ينسب إليه. «3» { والبشير يدعو القطاع الاقتصادي إلى منزله مساء أمس الأول للإجابة على سؤال صغير لعله: المسافة بين حقيقة وفرة كل شيء وانخفاض سعره.. وبين الصراخ الآن لماذا؟ { وولاية الخرطوم في غرفتها بدورها تمسك الأصابع بالأقلام وتكتب { بحيرة الشمالية وبحيرة جبل أولياء. إنتاج وفير للأسماك. وما يمنع وصوله للعاصمة هو الثلاجات. { والأقلام تكتب «توفير ثلاجات إذن هو المطلوب». { والأقلام تكتب. { وفي التجربة الماضية. مزارع الدواجن في البيوت وحول العاصمة تدمر بخطة محسوبة .. ودون رقيب. { وفقاسة الأسماك التي نجحت تماماً في الخرطوم قبل فترة كان بعضهم يشتريها ويقوم بتدميرها لسبب معروف. { والأقلام تكتب لا بيع لأي مشروع من مشاريع الطعام التي تقام الآن إذن والأقلام تكتب. مشاريع حلة كوكو مشاريع الجامعات والمؤسسات يتوفر لها الآن الموقع والمسافة الممتازة و.. وكل شيء عدا التمويل والإدارة. {والأقلام تكتب. : فتح الحديث مع أصحاب المشاريع هذه.. هو المطلوب إذن.. { و.. الخطة تمضي دقيقة. { لكن سطراً واحداً تكتبه الأقلام يصبح هو السطر العبقري { السطر يقول: «تفرد غرفة خاصة لمتابعة وتنفيذ كل مشروعات الطعام» { الغرفة تُدار بأسلوب إدارة المعارك العسكرية متابعة وقرارات في اللحظة ذاتها». «4» { وأحاديث كانت هناك في غرفة أخرى. {والأحاديث تقول: الذرة والدخن والفول والسمسم في منطقة القضارف وسنار والجزيرة والنيل الأبيض وكسلا تزرع الآن.. ثلاثين مليون فدان!! { «إحدى الصحف تقول أمس الأمطار إن لم تهطل في القضارف هلك كل شيء». { والأحاديث في غرفة المثقفين تقول: { في الشمالية مشروعات القمح «مليون فدان» تبدأ الآن «تسبق الشتاء». { ومشروع إنتاج الذهب يرسل أولى عائداته الأسبوع الماضي إلى بنك السودان. { والغرفة التي تجتمع فيها كل أطراف الثرثرة تجد مناسبة طريفة بين حادث صغير يقع أثناء زيارة السيد علي عثمان إلى ليبيا وبين غرفة الطعام. { وفي ليبيا ولما كان الثوار يقدمون ترحيباً عسكرياً للأستاذ علي عثمان، كان أحدهم يفلت بندقيته والبندقية تسقط على الأرض. {والقائد الذكي يستغل الحادثة / التي تسبب الحرج عادة / ليجعل منها شهادة رائعة. قال: نعترف بأننا لا نحمل إلا مؤهلات متواضعة في العمل العسكري والسياسي، لكننا نجحنا لسبب بسيط وهو أننا كنا ندير كل شيء من غرفة واحدة!! { والغرفة هذه تحسم كل شيء في لحظته لهذا نجحنا!! { وولاية الخرطوم تنجح أن هي أقامت غرفة بالمواصفات ذاتها. ٭٭٭ بريد { وعمار الذي نحدث عنه أمس قصته تجعل هاتفنا يتلقى نوعاً غريباً من الحديث. ومتحدث بعد آخر.. ودون أن يعلم أحد بأحد.. كلهم كان يكتفي بجملة تقول: أستاذ علاج عمار تكلفته أحملها أنا.. { واللهم وكلما أصابنا الغم واليأس جاءت نسمة صغيرة من سماء المجاهدين - وجاء دعاش يرد الروح.