الليل ولى لن يعود وجاء دورك يا صباح... وسفينة «الإنقاذ» سارت لا تبالي بالرياح وحياتنا أنشودة صيغت على لحن الكفاح... وطريقنا محفوفة بالشوك بالدم بالرماح.. لم يخطر ببالنا ونحن صغار نستمع لهذا النشيد وهو ينطلق من بين حناجر اعضاء فرقة السحر التي أسسها الشهيد عبد القادر على مدير التلفزيون في ما بعد ومؤسس السائحون.. لم يخطر ببالنا ان سفينة الإنقاذ ستعود يوماً الى الشاطئ الذي انطلقت منه وانها ستعود للميناء الذي ابحرت منه ممزقة الاشرعة مكسرة الالواح، تلك السفينة التي انطلقت اول عهدها، باسم الله، انطلقت لا تبالي برياح السياسة العالمية ولا تياراتها وما أكثرها واقواها تلك الأيام ابحرت السفينة وهي لا تحمل من الزاد إلا الإيمان بالله والتوكل عليه وكانت أشرعتها مصنوعة من قماش «الدمورية» زهيد الثمن لكنها بيضاء اللون عالية شامخة تعانق الرياح في رفعة وإباء.. وقليل من صعد الى ظهر تلكم السفينة لأنها لم تكن لتتسع لغير بنيها بالرغم من رحابتها ولأن الركوب على ظهر تلكم السفينة «حينها» هو ركوب على اكتاف «الموت».. وكانت سفينة الإنقاذ تمثل الأمل لراكبيها .. الأمل في حياة افضل!! حياة تشع بنور الله، حياة المرجعية والحاكمية فيها الى لله.. حياة لا يوجد فيها سيد وتابع. حياة ليس فيها طائفية ولارجعية حياة كلها لله.. تلك كانت سفينتهم التي كانت عبارة عن صوت ندي لتلكم الانشودة التي صيغت على لحن الكفاح والمثابرة والتي عزفتها قيثارة العزيمة والمجد. سارت السفينة وبحارتها يرفعون اشرعتها وهم يهتفون بأصدق العبارات واحلاها وانداها واقواها، عبارات ترددت من قبل وستظل تتردد.. الله اكبر.. وطيور البحر بل حتى طيور الجنة حلقت حول تلكم السفينة. وكل الناس كل الناس وقفوا ينظرون اليها منهم من هو مشفق عليها ولم تسعفه شجاعته ومروءته لركوبها واكتفى بالدعاء والتضرع لله ان يحرس ركابها، ومنهم من كان يضمر الحقد على ركاب تلك السفينة لان «بعض» السودانيين كانوا ينظمون له الخَرَزَ ليتوجوه، مثل حقد ابي سلول على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وتسلل البعض وركب سُفنًا اخرى ربانها احفاد «هرقل» ركب كل واحد سفينته وتجمعوا حول السفينة ليغرقوها من «الجنوب» ومن «الشرق» ومن «الغرب» بل ومن عند «مقدمتها» وزحف جمعهم حتى ميلهم الاربعين.. لكن احفاد عبد الله بن ابي السرح، كان بين جوانحهم اعظم سلاح يمسك بدفة سفينتهم. ومضت السفينة بحفظ الله وعنايته ورحلت ارواح بعض ابناء السفينة.. تسللت تعانق السماء وتحملها طيور الجنة تطوف بها هنالك !! وحاول البعض من ركاب تلك السفينة خرقها ولأن «كل» الركاب كان مِن محبي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.. فكان حرياً بهم حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم هلكوا وهلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً» واخذوا على ايديهم ونجت السفينة وركابها.. سارت تلك السفينة تدسر في مياه كثيرة فيها الالغام الدولية والعواصف الشيطانية وزوابع الخيانة الوطنية لكن سفينتنا لم تلقِ يوماً مراسيها او تنكسر الأعلام عند سواريها.. وما فتئ الزمان يدور حتى.. «ركب السفينة» قوم آخرون وأصبح لا يرى في الركب قومي.. وقد عاشوا أئمته سنين وآلمني وآلم كل حر.. سؤال الدهر أين «اصحاب السفينة» ولقد صار في الركب من سعى يوماً لإغراق تلكم السفينة «ما بدل عقيدته» ولأن سفينتنا تذكرهم بماهم عليه وما نحن فيه فإن سمهم السياسي سيصيب جسد وطننا الحبيب يوماً وتمضي الأيام ويمضي العمر وكل يوم جديد سيذهب شخص جديد سيذهب الى سفينته وحده لن يذهب معه احد، فقط شراع ابيض يُلف به وسيجمعنا خالق السفينة ومجريها ومرسيها.. سيجمعنا كلنا.. من ركب السفينة ومن لم يركب من حاول خرقها ومن رتق خرقها.. وهنالك : ستجزى كل نفس الجزاء الأوفى.. وها هي السفينة الآن ترقد عند موانئ الخيانة والقدر.. السفينة التي كانت تمخر عباب السياسة العالية وتكتسح ألغام المؤامرات والدسائس ، بقوة وحنكة بنيها وفطنتهم هاهي سفينة الإنقاذ ترقد عند شواطئ الفساد السياسي وهي تنتظر احتفال التخلص منها واغراقها في عرض البحر. لكن !!!؟؟؟