الشكر أجزله لك سعادة الفريق إبراهيم الرشيد وأنت تضيء ظلمة معهد السودان للقلب بكل ما يحمل من معانٍ قومية ووطنية وارتكاز لا يذوي في توطين العلاج بالداخل، وحتى تكتمل الإضاءة... أقوم بتبيان بعض الحقائق الأساسية التي تبلورت إبان إدارتي لهذا الصرح الهام في دنيا الطب والاستطباب لفترة خمسة أعوام تمثل بداية عمل المركز وانطلاقته، ولنبدأ بتمجيد أداء الصندوق القومي للخدمات الطبية مولود السلاح الطبي العملاق والذي أنشأ عشرات المستشفيات المزدوجة مدنياً وعسكرياً في معظم مدن السودان العامرة، لعلاج المرضى من العسكريين والمدنيين على السواء بإنفاق كامل لتكلفة المباني، ومشاركة معتبرة في المعدات والكوادر الطبية. والتي تتحسن وتزداد بمرور الأيام وازدياد الحاجة وتجدد الرؤى والقيادات. وكان قيام مركز السودان للقلب مطلع الألفية الثانية يضيء حجرات القلب الكليل ويعمر جدران شرايينه وصماماته، أحد هذه المستشفيات العسكرية المدنية شبه الحكومية، وقد تم تسجيله على أساس تجاري حتى يواكب علاج المدنيين، إلا أنه التزم بأسعار المستشفيات الحكومية في تكلفة العلاج، وأدخل في دائرة الدعم الحكومي والطوعي والزكاة تسهيلاً لعلاج الضعفاء والمعوزين، وفي هذا الصدد بدأ المركز في إنشاء جمعية طوعية غير ربحية سُمِّيت بجمعية أصدقاء مرضى القلب برئاسة المغفور له بإذن الله مولانا ميرغني النصري عضو مجلس السيادة الأسبق، وقد تمكَّنت الجمعية بدءاً من المشاركة بنسبة 20% من تكلفة العمليات والقسطرة، ثم الاتصال بوزارة المالية الاتحادية وكان على رأسها السيد محمد خير الزبير والوكيل أحمد عمر وقد رصدوا نسبة «50%» لكل عملية جراحية أو قسطرة، علاوة على تغطية جميع تكاليف الوفود الطبية الزائرة التي تعاود المركز كل ثلاثة أشهر.. كما قام المركز بمخاطبة عشر شركات سودانية مقتدرة لتبني جميع أسرة العناية المكثفة في مشروع إنساني سميناه «المنحة المثالية» مقابل تسجيل اسم الشركة أعلى السرير للمريض الذي يدعو له بالثواب والخلف، وكان أن أُعلن أن جميع أسرَّة العناية المكثفة مجاناً عدا تكلفة الدواء أثناء فترة الاستضافة. وبهذه الجهود الوطنية المخلصة انطلق المركز قوياً راسخاً واثقاً بعلمه وعلمائه ليغطي نسبة «60%» من احتياج مرضى السودان لعلاج القلب وكان أن انخفضت نسبة المغادرين لعلاج القلب بالخارج لتكون أدنى السلسلة بعد أن كانت على قمتها وذلك بعد مضي عام واحد من انطلاقة المركز. وجاءت فكرة توطين العلاج بالداخل من وزارة المالية الاتحادية بعد ملاحظتها لانخفاض الإنفاق على العلاج بالخارج في نفرة عظيمة التقطتها وزارة مجلس الوزراء لجمع أموال طائلة لشراء احتياجات القلب والكلى والعظام ومن معدات ومستهلكات طبية، ومكون آخر للحفاظ على نسبة مشاركة المرضى بنسبة «50%» من تكلفة العلاج لجميع المستشفيات الحكومية وشبه الحكومية المتخصصة في القلب والكلى والعظام وغيرها من التخصصات المكلفة خارج نطاق المستشفيات الحكومية التقليدية. وقد نجح النداء في تلبية احتياجات المرضى من دعم مالي وإن كان قد تحول من المالية الاتحادية إلى الصحة الولائية بنسبة «30%» بدلاً من «50%»، إلا أنه يُعتبر بحق مشاركة معتبرة من الدولة للمعوزين من المرضى. ولك أن تعلم سعادة الفريق، أن قدامى المحاربين قد نالوا نصيبهم من الدعم الحكومي بتوجيه من السيد وزير الدفاع وقتها الفريق أول بكري حسن صالح.. بأن تشارك وزارة الدفاع بنسبة «50%» من تكلفة علاج قدامى المحاربين بعد دراسة ترأسها الفريق حسن يحي وعضويتي وآخرين. كما أن الرؤية المستقبلية للمعهد تحتاج منا إلى الوقوف عند استصراخ المدير الحالي للدولة والصندوق القومي للخدمات الطبية، خاصة وأنني أرى وأعلم أسباب التدهور المالي للمعهد بما يواكب التدهور العام لسعر الصرف للعملة السودانية، وكذا ضعف تكلفة العلاج مقارنة مع أسعار المستهلكات الطبية بالعملة الصعبة، ثم ضعف إمكانات الصندوق القومي للخدمات الطبية بعد تحول معظم رصيده من دمغة الجريح للميزانية العامة لوزارة المالية الاتحادية، والمسألة تحتاج إلى جلوس وزارة المالية ووزارة الدفاع والصندوق القومي للخدمات الطبية لسداد المديونيات للشركات وإيجاد دعم شهري يوازي الدخل والمنصرف حفاظاً على هذا المرفق الخدمي العملاق. وكلي أمل في معاودة الفريق العالمي لجراحة الأطفال دون سن العام، الذي داوم على الحضور إلى السودان طيلة الأعوام الخمسة الأولى بواقع زيارتين لكل عام، وتمهيد الجو اللازم والمعدات المواكبة لإنفاذ واجباتهم وإنقاذ أطفال السودان المولودين بعيوب خلقية.. والله ولي التوفيق