أتيح المجال للأخ الدكتور بابكر فضل المولى الذي تناول السياحة من منظور إسلامي: تناولت الصحف بالأمس القريب مناقشة المجلس الوطني لتقرير وزير السياحة، ولقد سعدت كثيراً بالأصوات الجريئة التي تحدثت عن قصور في الممارسات السابقة في مجال السياحة، وضرورة إصلاحها وتنقيتها من الشوائب التي تخالف الدين والخلق القويم، وإني لأحمد موقف إخواننا الذين تحدثوا بصراحة في هذا الأمر، وصدعوا بقول الحق، وعلى رأسهم أخونا البروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي نادى بضرورة أسلمة السياحة وضبطها بضوابط الدين الإسلامي الحنيف. وأخونا دفع الله حسب الرسول الذي طالب بتنقية ملفات وزارة السياحة من الأدران التي لحقت بها، ومنهم من بارك جهود الوزير في إيقاف السياحة الماجنة. ويجب علينا أن نفصل بين أمرين مهمين، الأمر الأول أن السياحة في جوهرها جانب مهم ومطلوب للتعريف ببلادنا وما تزخر به في مجال الآثار التاريخية والبيئة الجغرافية والبرية. وهي وسيلة للتواصل الاجتماعي بين الشعوب ورافد اقتصادي مهم. كما أنها تحقق أهدافاً دينية ترتبط بالسير في الأرض واكتساب العظة والعبرة التي أمر الله بها. وهذا كله يجعل السياحة هدفاً أصيلاً وغاية مرموقة. وأما الأمر الثاني فهو ما يتصل بالممارسات التي لحقت بها وجعلتها بؤرة من بؤر الفساد في المجتمع، وهذا الجانب هو الذي ينصب عليه النقد والذي ينبغي أن يشمله التصحيح والتأصيل، وخاصة ما ارتبط منه بالسياحة المحلية الممثلة في مهرجانات السياحة والتسوق التي عمت البلاد وتسابق في إقامتها المسؤولون في مناطق السودان المختلفة مستخدمين الغناء والموسيقى والطرب لحشد الجماهير، وهم يظنون بذلك أنهم يحسنون صنعاً في سبيل إنجاح برامجهم، ولم ينظروا في استباحة المحرمات كاختلاط الرجال بالنساء والتبرج والملابس الخليعة والانفلات مما يتنافى مع القيم والمثل. ولهذا فقد واجهت هذه المهرجانات السياحية كثيراً من النقد والازدراء من الحادبين على مصلحة البلاد وقيمها ومثلها وأخلاقها النبيلة. حقاً أن مهرجانات السياحة والتسوق في بلادنا وهي تستخدم هذه الأساليب أصبحت معولاً لهدم قيم المجتمع واغتيال الفضيلة باسم الفن. ونحن بحاجة ماسة إلى أن تكون هذه المهرجانات منضبطة وملتزمة ونابعة من قيمنا الأصيلة وفق تعاليم الإسلام. نحن بحاجة إلى نظرة شاملة تعيد الأمور إلى نصابها في كل مناحي الحياة وفق المنهج الإسلامي الصحيح الذي ارتضيناه نهجاً لهذه الدولة. وعلينا أن نعيد النظر في وسائل الإعلام المسموعة والقنوات الفضائية وترويجها للغناء والموسيقى والصخب والرقص بمناسبة وغير مناسبة، واستباحتها لكثير من الممارسات الشاذة في مجتمعنا، حتى أصبح احتراف الفتيات للغناء واختلاط الرجال بالنساء والتمايل والرقص والطرب أمراً عادياً مباحاً. وأصبحت قنواتنا الفضائية معروفة ومشهورة بالترويج للغناء والموسيقى مما جلب علينا العار من إخواننا في كثير من الدول العربية. ومن عجب فقد تم افتتاح قنوات سودانية فضائية خاصة بالغناء والموسيقى والنغم! إن وسائل الإعلام المسموعة والمسرح والممارسات الخاطئة في المهرجانات السياحية وحفلات التخرج وغيرها بحاجة إلى هزة عنيفة تنفض عنها الغبار والأدران التي لحقت بها، وتعيدها إلى الطريق القويم الهادف والمنضبط بمبادئ الإسلام، وأن تكون رافداً للخير بدلاً من أن تكون أبواقاً للفساد والدمار. ولعل معظم فساد مجتمعنا راجع إلى وسائل الإعلام وقنواتنا الفضائية التي أشاعت هذه الأساليب الفاسدة بين شبابنا، وشغلته عن دوره وطموحاته وأهدافه العليا. إن ديننا الإسلامي يرحب بالفن الهادف النظيف الملتزم بالقيم والمثل والأشواق النبيلة، والمرتبط بتزكية النفس البشرية حتى ترقى إلى مدارج الكمال، قال تعالى: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، ومن هنا ينبغي علينا تأصيل الفنون لتكون عاملاً من عوامل البناء لا الهدم. إن إصلاح وسائل الإعلام المسموعة وقنواتنا الفضائية وضبطها أمر في غاية الأهمية. وكان يجب أن يجد حقه من النقد والمحاسبة والتوجيه في مناقشة المجلس الوطني لتقرير وزير السياحة، لأنه يمثل الجانب الأهم في تأصيل السياحة وترقيتها وأسلمتها وضبطها وترشيدها والتزامها بالنهج الإسلامي القويم. د. بابكر فضل المولى حسين شندي