لا يخفى على أحد خطر الغش التجاري وتقليد السلع الذي أصبح سمة غالبة في جميع المنتجات الاستهلاكية والغذائية والأدوية وغيرها، وارتفعت في الآونة الأخيرة شكاوى المواطنين من تفاوت الأوزان الحقيقية للسلع الاستهلاكية مع زيادة سعرها خاصة سلعة الأرز والعدس إضافة إلى سلعة السكر الذي يجهل كثير من المستهلكين مدة صلاحيته يث يتم تخزينه لسنين عدة ويتم تبادله بغرض الاستهلاك ومن ثم يتفاجأ المشتري بنفاد السلعة مقارنة بحجم تغليفها وغلاء سعرها وتدني جودتها في ظل علو صوت الجهات المختصة بزيادة عدد مصانع العبوات جراء انتشار ظاهرة الغش بشكل موسع بين مصنعي المواد الاستهلاكية لإغراء الزبون للشراء، وفي ظل غياب الرقابة وربما القوانين التي تحد من تضخم العبوات الى اللا معقول وغياب المقياس المتعامل به عرفيًا قد تطورت أساليب الغش التجاري وتنوعت طرقه وبات يهدد الاقتصاد الوطني ومن هذا المنطق توجب على أجهزة الرقابة وحماية المستهلك تعريف جمهور المستهلك بالخطر الذي يهدِّد صحته اضافة الى مشاركته في وقف تداول أية سلعة غير مطابقة للمواصفات ومعاقبة كل من يربح عن طريق الغش والتدليس في ظل أحجام الشركات صاحبة العلامات التجارية من الاستثمار في الدول التي تتفشى فيها ظاهرة الغش التجاري مما يؤدي إلى انخفاض مكونات الطلب الفاعل في تحقيق مستوى أعلى للناتج القومي إلى جانب تفشي نسبة العطالة بسبب خسائر الشركات التي تتعرض منتجاتها الى الغش التجاري. وتشير الإحصائيات إلى أن قيمة البضائع المقلدة والغش التجاري بلغت عالميًا 780 مليار دولار سنويًا بنسبة تتراوح ما بين «5 10%» من قيمة التداول التجاري مبينة أن حوالى 40% من الأدوية التي تحمل علاماتها التجارية في منطقة شمال ووسط إفريقيا بما في ذلك السودان أدوية مقلدة ومصنعة في ظروف غير صالحة مبينة ان قانون العلامات التجارية للعام 1969 الذي جاء بعد قانون 1931 كأول قانون وضعه المستعمر الإنجليزي لم يحدث حتى الآن اضافة الى ضعف قانون التوكيلات التجارية وفي جانب حظر دخول المنتج بطرق مختلفة في ظل سياسة السوق المفتوح. ويرى المراقبون ضرورة انشاء قاعدة بيانات إلكترونية للماركات والعلامات العالمية والمحلية والشركات المنتجة للاسترشاد بها عند الشك في التعدي على علاماتها مع توفير قاعدة بيانات أخرى للسلع المقلدة والشركات المنتجة لها. ويبقى أن الجمارك السودانية هي خط الدفاع الأول الذي يمارس الرقابة الجمركية للتجارة الخارجية سواء صادرة أو واردة اضافة الى تفعيل الأجهزة الرقابية والتشريعية في الضبط والحد من الغش في كل ما يتعلق بحياة الإنسان إضافة الى الخطر الذي بات يهدِّد الاقتصاد الوطني.