من بين عباراته الطريفة ، لكن الحكيمة ، التي نثرها »بلزاك« في تضاعيف إحدى رواياته البديعة [النسيبة بت Le cousine Bette] ، عبارة فاضحة ، تقول: »تُقنِعُ النساء دائماً الرجال الذين أحلنهم إلى خراف ، بأنّهُم أُسود ، ويتمتّعُون بطبع فولاذي ».. ظللت أتذكّرُ هذه العبارة ، كلّما رأيتُ إحداهُنّ وهي تجتهد في إقناع أحدهم بأنّهُ رجُل »صعب« ، وخطير .. و »ما هيِّن«.. شيّال تقيلة و عشا بايتات .. إلخ .. و تذكّرتُها بشكل صارخ ، صباح أمس قريب ، إذ شرَّفني بالزيارة ، في مكتبي ، صديق »عريس جدَّاً«.. كُنتُ لا أزال أرشقُهُ بعبارات التهنئة ، وأُزوِّدُهُ في ذات الوقت بالنصائح اللازمة ، كأخ أكبر، وصاحب خبرة ممتازة ، للنجاة من تسلُّط الحكومة الشموليّة التي لجأ إليها ، و أُوصيه بما يجب عليه عملُه ، مثلاً ، إذا ما حاولت السيدة حرمُهُ أن » تلبسهُ خاتماً في إصبعها« أو تُعلِّمَهُ باسم التحضُّر والمدنيّة بعض مهارات الطبخ ، مثل تقشير البصل ، توريق الملوخيّة ، إلخ .. وكان بادياً على صديقي الإهتمام بنصائحي و توجيهاتي ، والإمتنان لها .. وكان من الممكن أن تمضي الأُمور إلى غايتها المرجوَّة ، فيرجع صاحبي إلى »عُشِّهِ » وقد أصبح رجُلاً غير قابل للإحتواء أو »غسل المُخ«، من قبل السيدة حرمه ، لولا أنّ إحدى الفضائيّات اختارت تلك اللحظات بالذات ، لتعرض مشهداً من مشاهد »السيرك العالمي« ، يبدو فيه الأسد ، بشاربيه اللذين يُمثِّلان الكبرياء العربي ، مغلوباً على أمره ، يؤمرُ فيُطيع : قُم .. إجلس .. إقفز .. أُرقُص .. إنبطح .. إلخ نظر صديقي إلى الأسد مليّاً ، ثُمّ التفت إليَّ ، قائلاً ، بقلق لا تخطئُهُ العين : -زوجتي وصفتني ، هذا الصباح ، بأنّني »أسد«.. لم أفهم لغبائي إنّها أرادت أن تقول لي إنّها »مروِّضة أُسود«.... كُلّهم عباد الله !! اليوم نشأت »أزمة« داخل الحدود الإقليميّة لعائلة صديقي (ص).. رزقهُ الله توأمين ، فاقترح لهما اسمين ، فاعترضت العائلة بالإجماع !! (ص) يؤمنُ بأن خير الأسماء ما عُبِّدَ و حُمِّد .. وهو يُريد »تعبيد« توأميه .. سمّى أحدهما »عبدالباسط« ، ولأجل المناظرة ، ككل توأمين ، سمّى الآخر »عبد القابض«.. وعلى الأخير اعترضت العائلة !! لماذا ؟؟ أليس من أسماء الله الحسنى ؟ ولكنهم اعترضوا دون أي منطق قوي ، فوافق ،على مضض ، على تغيير الإسمين ، مقترحاً اسمي »عبد الرافع« لأحدهما ، و«عبد الخافض« للآخر .. ولكنهم اعترضوا هذه المرة أيضاً دون أي منطق !! قال لهم ، غاضباً ، أنه سوف يغيِّر الإسمين للمرّة الأخيرة ، وأقسم بالطلاق أنّهُ لن يقبل اعتراضاً من أحد هذه المرة : ليكن الولدان »عبدالجبّار« و »عبد المنتقم«!! لماذا ، ياتُرى ، لا يقبل الناس بتعبيد إولادهم لبعض أسماء الله الحُسنى ؟؟ قال صديقي (ص) أنّ هذا أكبر دليل على أنَّهُ يُمكِنُ أن تحدث أشياءُ كثيرة في هذه الدنيا ، دون اي سبب!!! إستعمار!! عندما عجز »فكي أبكر« عن إيصال فكرة »القابليّة للإستعمار« التي شخَّصها المفكر المسلم مالك بن نبي عندما عجز عن إيصالها إلى صديقه »حاج الأمين« ، أخذهُ من يده إلى حظيرة بيته ، وتوجّه به إلى »حمارين« يقتنيهما فكي أبكر ، واحد لمشاويره الخاصّة ، والآخر »للأولاد«.. حاج الأمين لم يفهم لماذا جاء به صديقه إلى الحظيرة ، حتى توجّه فكي أبكر إلى أحد الحمارين المربوطين ، وفك قيدهُ ، فانطلق ذاك من فوره ، ناهقاً في طرب ، يبرطع داخل (حوش) المنزل.. ثُمَّ توجّه فكي أبَّكر إلى الحمار الآخر ، الذي كان راقداً يمُدُّ عنقهُ كسولاً إلى بقايا »البرسيم« حوله ، فقام بإطلاق قيده ، ولكن يبدو أن الحمار لم يهتمّ بالمسألة كثيراً ، إذ ظلّ مواصلاً رقدته واصطياد بقايا العلف حوله في استرخاء!!! حاج الأمين ضحك عالياً ، وهو يشير إلى الحمار الثاني ، قائلاً لصديقه الفيلسوف : - يا دوب فهمت أيه يعني »القابليّة للإستعمار«.. و كمان القابليّة للعمالة .. والقابليّة للإغاثة !!!