قبل أقل من أسبوع احتفل العالم بذكرى يوم الصحافة الذي يصادف الثالث من مايو من كل عام. ففي هذا اليوم تكشف المنظمات الحقوقية والمعنية بالحريات الصحفية في العالم، عن موقف حرية الصحافة في دول العالم. وفي الغالب تحتل دول العالم الثالث، خاصة العالم العربي، مراتب متأخرة في هذا التصنيف. والكثير من الكتَّاب والصحافيين العرب يكتبون في هذا اليوم يندبون حظ الصحافة المكبلة بالقيود وحال الصحافيين الذين يتعرضون لكل سبل التضييق والاعتقال والقتل في بعض المناطق التي تشهد النزاعات الأهلية. وتقول الإحصائيات إنه في عام 1992 قُتل «403» من الصحافيين في العالم العربي، من أصل «914» صحافياً قُتلوا في كل أنحاء العالم، يشكِّلون «44» في المائة حسب إحصائيات اللجنة الدولية لحماية الصحافيين ومقرها نيويورك، وتورد منظمة «حملة الشارة الدولية لحماية الصحفي»، ومقرها جنيف، أن «139» صحفياً قُتلوا في «29» دولة في العام الحالي، وهو يعد رقماً قياسياً بزيادة «30» بالمائة في عدد الصحافيين الذين قُتلوا بالمقارنة لعام 2011، من بين هؤلاء قتل في العالم العربي «60» صحافياً، أي أكثر من «46%». منهم «36» صحافياً قُتلوا في سوريا و«19» في الصومال، و«3» في العراق، وصحافي في البحرين ومصور صحافي في مصر، وبحسب منظمة «الشعار الصحفي» للعام 2011م فقد قُتل «7» صحافيين في ليبيا، و«5» في اليمن، و«3» في مصر، واثنان في البحرين «في ظروف غامضة أثناء الاعتقال»، وفي الجزائر وواحد في تونس. مما يرفع عدد القتلي الصحافيين من «6» صحافيين عام 2010 إلى «19» صحافياً عام 2011م. ويشير تقرير أصدرته مؤسسة «بيت الحرية» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إلى أن نسبة سكان العالم الذين يعيشون في ظل صحافة حرة تماماً، قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها على مدى «10» سنوات. وسجل التقرير تدهوراً عاماً لحرية الصحافة في دول مثل مالي واليونان وزيادة القيود المفروضة على الصحافة في أمريكا اللاتينية. كما تفاوتت القيود المفروضة على حرية الصحافة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يسجل التقرير أن تونس وليبيا احتفظتا بالوضع السابق في العام 2011، في حين شهدت مصر تدهوراً كبيراًربما بسبب الاضطرابات الشعبية هناك، لكن يبدو أن المغرب يسير بشكل أفضل من رفقائه، كما يرى غيوم كلاين، مدير مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في العاصمة المغربية الرباط، ففي نظره، فإن المغرب انخرط في مسار للإصلاح الأمر الذي سيمكنه من تعزيز حرية التعبير بالمعنى الواسع وحرية الصحافة خاصة. ويضيف كلاين لموقع «راديو سوا» أن المجال الإعلامي في المغرب يشهد تعددية مع وجود منابر إعلامية تقوم بعمل صعب ومهني. وعن مسؤولية الحكومة، قال كلاين إنها تعمل حالياً على إعداد قانون جديد للصحافة سيقوي من حرية التعبير في البلاد وهو الأمر «الذي يجب تشجيعه». ومع ذلك سجل نقطة سوداء بالممارسة الإعلامية، مشيراً إلى طرد مندوب الوكالة الفرنسية للأنباء. في حين أشارت أحد التقارير الرسمية إلى تدهور وضع الحريات الصحفية في العراق بشكل يوازي العام 2003م وتصور كاميرا أحد المصورين في لقطة تعبر عن تدهور الأوضاع الصحفية، حيث يدوس أحد الجنود على صدر صحفي، بينما كان مكتوب على صدره عبارة «صحافة»، وبالطبع أن الجندي لم ينتبه للمصور الذي صور هذه اللقطة الناطقة وإلا ربما أطلق عليه النار ونكِّل به بشكل أبشع، وحتى في الدول المستقرة نسبياً يعاني الصحافيون من متاعب الحصول على المعلومات ودخول المرافق العامة والسماح لهم بتصوير السلبيات حتى في الشارع، وإن كان مكباً للزبالة، فالخطوط الحمراء تتمدد دون كوابح في الدول القابضة وتستوعب قوانين الصحافة ذات المواد المطاطية معظم صور التعبير الحر في خانة مهددات الأمن القومي بل الخيانة في بعض الأحيان، وتعاني الصحف العديد من المعوقات والمتاريس، فضلاً عن رفع قيمة الرسوم الجمركية على مدخلات الطباعة، وبالرغم من أن أحد التقارير الدولية صنف السودان بدرجة متأخرة في مجال الحريات، لكنه مع ذلك يتمتع بوضع أفضل بكثير من العديد من الدول العربية والإفريقية، لكن مع ذلك يتطلع الصحافيون إلى توسيع الهامش المتاح وإزالة كل المعوقات التي تواجه الصحافة وحريتها.