اعتبرت الحكومة أن بداية ضخ النفط عبر الشمال أنموذجاً للتعاون المشترك، بجانب أنه سيكون بمثابة تطبيع العلاقة بين الدولتين، وبالتالي ستكون له دلالات اقتصادية وسياسية، ومن المرجح أن تستفيد دولة الجنوب مما يتيح لها الفرصة لبناء اقتصادها وتأمين احتياجاتها... هذه الخطوة أشارت من بعض الزوايا إلى أن دولة الجنوب ربما مضت في الطريق إلى مرحلة النضج السياسي، واتجهت إلى مصالحها الاقتصادية مع الشمال، وذلك من خلال عدة محطات كان أبرزها على الإطلاق زيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا التي أزالت التوتر بين الدولتين وأعادت الثقة والالتزام بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه أخيراً في المصفوفة الاقتصادية، مما يشير إلى أن بداية ضخ النفط عبر الشمال سيكون له أثره الإيجابي على كل مؤشرات الاقتصاد الكلي للبلاد، فيما أعلنت أخيراً وزارة النفط السودانية أن نفط دولة جنوب السودان سيصل منشآتها النفطية عبر الشمال خلال الشهر الجاري، مؤكدة في ذات الوقت اكتمال كل الترتيبات الفنية لاستقبال النفط الذي سيصل من حقل فلج بولاية أعالي النيل بالجنوب ومعالجته وتصديره. هواجس ودوافع سياسية وبالرغم من الخطوات الجدية التي تمت بين الدولتين والاتفاق على المصفوفة الاقتصادية أخيرا بشأن انسياب النفط عبر الشمال، وبدلاً من أن يصبح النفط عاملاً لتأكيد التعاون والتكامل بين الطرفين، فقد أصبح أداة لتحقيق أهداف سياسية معلنة أو مضمرة، فالسودان من وجهة نظر الجنوب يسعى إلى تعويض ما فقده من العائدات النفطية بما فى ذلك احتمال العودة لبسط سيطرته مرة أخرى على الحقول النفطية، وهو اتهام كان قد ذكره الرئيس سلفا كير صراحة، الأمر الذي يمكنه أن يقدم تفسيراً ولو جزئياً للحرب المنطلقة في جنوب كردفان والنيل الأزرق والدعم اللوجستي الذي تقدمه دولة الجنوب لقطاع الشمال، وبعد الهجوم الغاشم الذي نفذته الجبهة الثورية على أبو كرشولا أصبح ملف النفط وعائداته مهدداً للأمن القومي، وأثبتت جوبا تورطها ودعمها للمتمردين والخرطوم اتهمتها رسمياً بدعم التمرد، وذلك لإيوائها جرحى الحرب في المستشفيات داخل جوبا، وهذا ما أكدته القوات المسلحة بتورط جوبا. أسئلة طرحتها «الإنتباهة» على الخبراء بشأن الجدل المستمر بشأن انسياب النفط عبر الشمال وتضارب الأخبار حول انسياب النفط بين تصريحات وزير النفط ونفي دولة الجنوب بسداد أنابيب النفط الناقلة. حيث أكد د. عوض الجاز انسياب نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية بصورة طبيعية إلى موانئ التصدير، مؤكداً وصول النفط من الحقول الثلاثة التابعة لدولة الجنوب وهي ثارجاس وفلوج وملوط، مؤكداً أن العمل يسير وفقاً لمصفوفة التعاون، فيما نفت مصادر مطلعة بدولة الجنوب استدعاء جوبا للسفير الصيني بشأن تقديم شكوى بسبب انسداد أنابيب النفط الناقلة للبترول من الحقول الثلاثة، وحسب تصريحات صحفية سابقة أن مصدراً قال إن وزير النفط د. الجاز أنكر معرفته، لكنه تعهد بالوقوق على الأوضاع، فيما أكد وزير الطاقة والتعدين الأسبق د. شريف التهامي أن الجدل المستمر لا معنى له، وتعطيل الانسياب له دور سلبي في قضية التنمية الاقتصادية خاصة دولة الجنوب التي تعتمد أكثر على البترول، مبيناً أن هنالك أيادي خفية وراء هذا التعطيل. وفي ذات السياق كشف الخبير الاقتصادي أحمد مالك الجدل المستمر بشأن ملف النفط مبيناً أنها حرب اقتصادية وراءها النظام العالمي الجديد الذي يهدف إلى تقسيم السودان إلى خمس دويلات، وأبان أن الحرب تديرها إسرائيل، والجنوب لا يملك قراره، ووصفه بأنه «مخلب قط» وليس بفاعل شيء، وأن الضغط على السودان متواصل، والجنوب يقود حرب استنزاف خاسرة، وهذا ليس في مصلحة الجنوب، وإنما مصلحته أن تكون العلاقة مع الشمال طيبة. وقال وزير النفط د. عوض الجاز في تصريح خاص ل «الإنتباهة» إن بترول دولة الجنوب المنتج في حقلي فلوج وملوط في طريقه إلى بورتسودان، وإن النفط من حقل ثارجاس وصل إلى ما بعد هجليج، نافياً وجود أية عقبات فنية تواجه تصدير نفط الجنوب، مبيناً عقد اجتماع مع شركاء النفط أمس والشركات العاملة للوقوف على سير تنفيذ الاتفاق، وقال إن المسائل الفنية تمضي بصورة طبيعية.