القمَّة الإفريقيَّة في أكثر من محفل أدانت ما جرى من أحداث في منطقتي أم روابة وأبو كرشولا من قِبل ما يُسمى الجبهة الثورية، وأن القرار «2046» لا يمكن إخراج ما حدث عن مضامينه، ووفق المعلن فإن حكومة الجنوب هي التي آوت تلك المجموعات ولم تكتفِ بذلك فكان المنطلق من أراضيها، بجانب أن ما حدث لا يخرج عن مظلة وساطة السيد ثامبو أمبيكي الذي لعب دورًا ومجهودًا مقدرًا في حلحلة ما تبقى من قضايا شائكة ومعقدة لدولتي السودان والجنوب، ووفقًا للتفويض الممنوح له وبحسب مهمته، ورغم التطور الملحوظ في القضايا العالقة بين الطرفين والتوصل لحلول وإن لم تكن جذرية فإن ولاية الوسيط الإفريقي ستنتهي في «31» من يوليو القادم وتبقى هناك أكبر القضايا ممثلة في أبيي والمنطقتين بجانب ما حدث في أبو كرشولا، الأمر الذي يتطلب تمديد ولاية ثامبو أمبيكي لأشهر حتى يتسنى له الفصل في ما تبقى من قضايا، وما تفطنت إليه إفريقيا ممثلة في المنظمة الإقليمية أو الدول أو وساطتها جعلها ت بمفضلة لدى حكومة الجنوب أو الحركات التي تحمل السلاح وهذا يتجلى بوضوح في حرص المنظمة الإقليمية على إبقاء الملف السوداني داخل البيت الإفريقي وعدم إفساح المجال متسعًا لمن يرغب في تدويل القضية، هذا لمسعى سعت إليه المنظمة الإفريقية بعيدًا بكل حياد رغم ما تم تناوله في السابق لدور الوساطة المنحاز لجانب دولة الجنوب فالشاهد في الأمر أن الظهور الجنوبي في الوسائل الإفريقية والغربية أنه أكثر كثافة وسببه الرئيس عوامل نفسية ولغوية، فمن ناحية سعت حركة التمرد الجنوبية منذ قيامها إلى إفهام إفريقيا أن ما يجري من نزاع يجيء نتيجة اضطهاد المسلمين العرب لغيرهم وبالتالي فقد بنت حكومة الجنوب والحركات المتمردة على هذا الأساس النفسي، ومن ناحية أخرى فقد فعل حاجز اللغة فعله حيث إن جل المسؤولين والإعلاميين يتعاملون باللغة العربية وهي تقصر بداهة عن إبلاغ رسالتهم للأفارقة الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية تليها الفرنسية. لعبت الوساطة في سبيل تقريب وجهات النظر المتعنتة لكلتا الدولتين «السودان والجنوب» دورًا مقدرًا وبرغم انتهاء ولاية الوسيط الإفريقي إلا أن الرجل يحاول جاهدًا تحقيق اختراق أو إنجاز يُحسب له في موضوعي أبيي والتفاوض مع قطاع الشمال بجانب أنه ينتظر تقرير اللجنة الدولية في مقتل زعيم قبيلة الدينكا كوال دينق مجوك، وهنا يأتي دور الحكومة في تمديد فترة بقاء الوسيط وأن مدة الشهرين لا تكفي لحل قضية أبيي بجانب وجود خسائر مادية وبشرية كبيرة حدثت في أبو كرشولا إثر هجوم الجبهة الثورية على المنطقة، ومن هنا تجلت مناشدة الحكومة لتمديد تفويض مهمة الرجل لإحداث اختراق في القضايا الماثلة والتي تحتاج للحوار وفقًا للقرار «2046». وظلت الحكومة تجدِّد أنها مع الحوار السلمي والجلوس للتفاوض ولا ترغب في إعادة الحرب مجددًا سواء كان مع قطاع الشمال وخلافه لكن وفقًا لرؤيتها، إذ لا يمكن الفصل بين ما يسمى بقطاع الشمال وما يسمى الجبهة الثورية، وبمراجعة التاريخ القريب فإن قطاع الشمال هو مجموعة من الشيوعيين والعلمانيين الذين أدركوا أنه لا سبيل لتغيير الوجه الحضاري للسودان إلا عبر سياسة الأرض وكان ذلك أساس حلفهم مع حركة قرنق، وبانفصال الجنوب كان على هذه المجموعة أن تجد مظلة أخرى لديها من يحملون السلاح وبعض القضايا الجهوية وقد وجدوا ضالتهم في أبناء النوبة وأبناء النيل الأزرق بالحركة الشعبية وحركات دارفور التي تجاوزت أهدافها مشكلة دارفور لتبلغ الرغبة في الإطاحة بالحكم ويأخذ كل ذلك أطماعًا من بعض القوى العالمية المعلنة ومن هنا فلا توجد جغرافية بين الكيانين بل إن المجموعة العلمانية اليسارية التي كانت بالأمس جزءًا من حركة قرنق تنقاد ولا تقود ومن هنا يجيء رمز الشيوعي الخارج على كل الحكومات السودانية ياسر عرمان الذي ينتمي للجبهة الثورية وقطاع الشمال.