من المشروعات الكبرى ذات الأهمية القصوى التي لا يتجادل فيها اثنان، مشروع السجل المدني الذي تنفذه الإدارة العامة للسجل المدني بقوات الشرطة في وزارة الداخلية، وظُلِم هذا المشروع كثيراً خاصة من وسائل الإعلام والصحف التي لم توله الأهمية التي يستحقها كمشروع إستراتيجي هو المدخل لبناء دولة عصرية حديثة وسمة أساسية من سمات التحضر والتخطيط السليم وحسن الإدارة للدولة ومواردها البشرية وتنظيم تعاملات أفرادها والحفاظ هل هويتها وتثبيت أصولها وأنسابها وارتباطاتها ومواريثها وغيرها من المجالات والشؤون التي لا غنى فيها عن قواعد البيانات والمعلومات الأساس التي تجعل المواطن قادراً على نيل كل حقوقه وأداء واجباته مثلما هي الدولة قادرة على تحقيق مقاصد النهضة والبناء والترقي. قضينا سحابة نهار أمس، نحن ثلة من الصحافيين، بالإدارة العامة للسجل المدني، في تطواف وجلسة استماع طويلة مع اللواء شرطة محمد أحمد السيد مدير الإدارة العامة للسجل المدني بهيئة الجوازات والسجل المدني بوزارة الداخلية، ولكم اكتشفنا أننا قصرنا في شأن هذا العمل الوطني الكبير الذي يعدُّ في مصاف المشروعات والملاحم الوطنية الكبرى التي نفذت في البلاد، وهو مدخلنا للمستقبل ولعصر المعلومات والنهضة الحقيقية. دخلنا المركز التقني للبيانات بالسجل المدني الذي يحوي كل الأجهزة الإلكترونية الحديثة المستخدمة في تخزين المعلومات وقواعد البيانات وبرمجيات الشبكات المستخدمة في هذا المشروع والنظم الإلكترونية المستخدمة في ربط كل البلاد ومراكز التسجيل على طول البلاد وعرضها بالألياف الضوئية والمينوس، وتستخدم أفضل وأحدث التقنيات الإلكترونية وأكثرها سعة في حفظ كل سجلاتنا ومعلوماتنا من البطاقة الشخصية والجنسيات والجوازات والبصمات وشهادات الميلاد والوفاة والوثائق المتعلقة بالواقعات الحياتية من ميلاد وزواج وطلاق ووفاة وبيانات الأفراد وكل ما يمثل مصدراً للمعلومات التي تحتاجها المعاملات الرسمية في مؤسسات التعليم والقضاء والإحصاء والعمل الجنائي والهجرة والصحة والحقوق السياسية في الانتخابات وحق الاقتراع وتخطيط نظم الخدمات ومشروعات التنمية التي تستهدف الإنسان في شقيها الاقتصادي والاجتماعي. وللحقيقة هناك عمل تقني ضخم وتطوير خلاق، لا مثيل له تم في هذا المشروع وتستطيع الأجهزة الحديثة لتخزين المعلومات والبيانات أن تستوعب وتقدم خدمتها التخزينية وتغذية كل أجهزة ومؤسسات الدولة بالمعلومات والإحصاءات، فالسجل المدني هو أهم مصدر للبيانات وأدق معين في حماية وحفظ وتقديم المعلومات. ثم انخرطنا في جلسة تنويرية وحوارية طويلة ومفيدة للغاية مع مدير الإدارة اللواء شرطة محمد أحمد السيد وعدد من كبار الضباط بالسجل المدني، حول القضايا الرئيسة المتعلقة بالسجل المدني والملاحظات والأسئلة التي تدور حوله والانتقادات التي توجه لبعض تطبيقات العمل ومواطن القصور، وكان حديثاً صريحاً وشائقاً حول انطلاقة المشروع ورعاية الدولة له من قمة هرمها وكبار المسؤولين فيها ومراكز التسجيل« 35» و«9» مراكز ثابتة والوحدات المتنقلة «225» وحدة والإجراءات المتبعة ومطلوبات التسجيل، والضبط التقني الرفيع الذي يصعب التلاعب فيه، أو التزوير التي يتم كشفه بسهولة ويسر وفق النظام المعمول به، ومراحل إدخال المعلومات والبيانات والتأكد منها وكيفية منح الرقم الوطني وبطاقة إثبات الشخصية وشهادة القيد المدني وقانون السجل المدني ومراحل تطوره وإنجازه، وخطة التسجيل المدني في السودان. من المهم جداً أن يتحول مشروع السجل المدني لثقافة عامة لدى الناس، حتى يتم في كل السودان وفق القيد الزمني والآجال المحددة له، وهذا يقتضي وعياً كاملاً لدى المواطن بأهميته ومطلوباته، وينبغي لوسائل الإعلام الاهتمام أكثر به وشرحه وحث المواطن على التسجيل، فحسب الإحصاءات والتقارير فإن عمليات التسجيل في ولاية الخرطوم تسير بصورة طيبة وتجاوزت الربط اليومي المحدد لها مما يعني أن العمل خلال الفترة الفائتة في الولاية كان متفرداً وجيداً، ولدينا في صحيفة الإنتباهة تجربة جيدة مع وحدة متحركة تم الاتفاق عليها مع السجل المدني بالولاية أتاحت الفرصة لتسجيل الصحافيين والعاملين بالصحيفة. علينا في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة مساندة هذا المشروع الحيوي الإستراتيجي الكبير لأنه سيكون من ركائز التطور والنهضة في السودان.