يقال إن من أشهر الشخصيات التي اشتهرت بالحسد الإسكندر المقدوني فقد كان ينظر باستمرار إلى الدول التي كانت في عصره بمنظار الحسد ويقال إنه عندما أحرق تخت جمشيد وكانت ألسنة النار تتصاعد من أبواب القصر وجدرانه كان الإسكندر يضحك وقد امتزج فرحه بالغضب وقد اعتبر هذا الغضب الممزوج بالبسمات أشعة من نار الحسد التي كانت مشتعلة في قلبه. ويُذكر أيضًا أن هتلر كان رجلاً حسوداً جداً حتى إنه لم يكن يستطيع تحمل لون ثياب الآخرين إذا أعجبه هذا اللون كان يقضي على ذلك اللباس الذي انصبّ حسده عليه بأي طريقة ممكنة. ويعتقد بأن ارتكابه للمجازر رغبته في إطفاء نار الحسد بالإفراط في التشدد. «البيت الكبير» ناقش تلك القضية وسط عدد من المهتمين وعكس الأبعاد النفسية للحسد فجاءت إفاداتهم كما يلي... مرض مهلك يرى الحاج آدم «موظف» أنه لا توجد نفس بشرية تخلو من الحسد وهو من أشد أمراض القلوب خطورة فلا يكاد يخلو مجتمع من الحاسدين والحاسدات خاصة هذه الأيام وأظن أنه أصبح صفة من الصفات التي فطر عليها الإنسان بجانب أنه من الأمراض القلبية المهلكة، ويعود الحسد في اعتقادي لقلة الإيمان وضعف الوازع الديني ولإحساس النقص الذي يشعر به الكثيرون وعدم الرضا بالمقسوم ونظر البعض بصورة دائمة إلى ماعند غيره، كل تلك الأسباب وغيرها تولد الحسد في داخل الفرد بل تجعله يعيش في صراع نفسي قاسٍ، فالحسد نار تحرق وتأكل كل شيء، وقديمًا قيل لأعرابي ما أطول عمرك؟ فقال: تركت الحسد فبقيت، وهذا أكبر دليل على أن الشخص الحسود قد يقصر عمره ويصاب بأمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة. غسل القلب وتؤكد سناء عز الدين «معلمة» أن الحسد من الأمراض النفسية التي تحتاج إلى علاج وجلسات نفسية طويلة لتنظيف القلب وغسله وهو مرض لا يسلم منه من يُصاب به لأن في الحسد شرًا والحسود يضمر الشر، فحسد قابيل مثلاً قاده إلى قتل أخيه هابيل، وحسد إخوة يوسف عليه السلام جعلهم يلقونه في البئر، والأمثلة كثيرة في التاريخ البعيد والحديث والواقع الذي نعيشه، فالحسد عنف وبغي وعدوان وشر مستطير ومرض لا شفاء منه والمجتمع يزخر بقصص لأشخاص مرضوا بسبب الحسد، وفي ذاكرتي أحد أصدقائي كان من المبرزين جدًا في عمله وكان يشتكي لي مرارًا من الحسد والغيرة التي يلمحها في عيون زملائه. المرأة أكثر حسدًا وتجزم «إسمهان الطيب» «موظفة» أن خيطًا رفيعًا يربط بين الحسد والغيرة والحقد، فكلها تصب في خانة واحدة، والشخص السوي هو الذي يستطيع تهذيب نفسه وتعد المؤسسات أكثر المناطق التي يكثر فيها الحسد والغيرة بين الزملاء خاصة مجتمع النساء، فنجد مثلاً من يرتقون في مراكز العمل أسرع من غيرهم يثير ذلك حفيظة زملائهم وغيرتهم فينتج من ذلك الحقد والحسد خاصة لدى الذين تكون قلوبهم غير صافية ونقية فيضمرون ذلك في نفوسهم، وقد بين الشرع الحنيف أن الحسد والإيمان لا يجتمعان في قلب مؤمن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يجتمع في جوف عبد مؤمن غبار في سبيل الله ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد». مقارنة اجتماعية ويقول الأستاذ إبراهيم عثمان المحامي إن الحسد من الصفات السيئة التي تلازم بعض المسلمين والحسد يأتي نتيجة مقارنة اجتماعية، أي عندما يقارن الشخص نفسه مع شخص أو أشخاص آخرين، فالنظر إلى مافي يد الغير وحسده على النعم التي أنعم الله بها عليه وتمني زوالها هو الحسد بعينه، لذلك نلاحظ أن هناك من يخافون التعرض للحسد أو يخشون الحسد من الآخرين فيلجأون إلى بعض التمائم ويضعونها على أبواب منازلهم مثل «الخرز الأزرق» والذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بأنه يحصن من الحسد وكتابة بعض العبارات مثل «عين الحسود فيها عود»، «وماشاء الله» وغيرها. ظاهرة نفسية وتقول الأستاذه سعاد قنديل المتخصصة في علم النفس إن الحسد ظاهرة نفسيه ترجع إلى عوامل تربويه واجتماعية وثقافية متفاعلة مع بعضها البعض كالحرمان والنقص والطرد الاجتماعي، فالشخص الحسود يعاني في الغالب من مركب نقص قد يكون ماديًا أو اجتماعيًا أو تعليميًا أو ثقافيًا فيكون صاحب شخصية مضطربة تحكمه العديد من الانفعالات السلبية كالغضب والخوف والكراهية وعدم المقدرة على المواجهة والضعف والشعور بالعجز وعدم الثقة بالنفس، وترى سعاد قنديل أن الحسد انفعال يشعر صاحبه بالألم والإحباط وعدم السعادة وبأنه شخصية غير مرغوب فيها.