حينما كتبنا في هذه الزاوية قبل أكثر من شهرين تحت عنوان (نافع في المناقل) وأشرنا تحديدًا إلى ذلك المشروع الموصوف بمركز التلقيح الاصطناعي بالمناقل وهو منحة تركية لأهل الجزيرة جن جنون حكومة الولاية وثارت ثائرتها قالوا وقتها إننا ضد التنمية واتهمونا بعدم الشفافية حاشا وكلا فإننا دعاة التنمية فقد سكبنا الكثير من المداد حتى نبصر بحقيقة حاجة أهلنا في الجزيرة إلى كل ما يزيل عنهم العناء ويخفف معاناتهم ويذهب عنهم البؤس والشقاء، فالأرض ما زالت بكرًا والتنمية معلقة إلى أجل غير مسمى والاستثمارات شحيحة، فالمستثمرون أو الممولون ينتظرون من يأخذ بيدهم إلى هناك نحن لسنا ضد قيام مركز التلقيح أو افتتاحه ولكننا ما زلنا على ذات المبدأ الذي يعلي من شأن التنمية البشرية أولاً رغم قناعتنا بأن مثل هذا المركز من شأنه أن يعود خيرًا وعونًا للثروة الحيوانية هناك.. والإخوة الأتراك نحيي فيهم هذه الاستجابة التي غابت عن الآخرين وبخل بها كثير من الأشقاء في محيطنا العربي والإسلامي على أهل الجزيرة ولكننا نعشم في أن تتسع قاعدة المنح والجود والقروض لتدخل مشروعات أخرى ضمن هذه المنح كمستشفى التوليد بالمناقل الذي يقف حائرًا ينتظر من يأخذ بيده إلى حياة ودنيا جديدة وكمراكز للتدريب الحرفي والمهني.. وقلنا كذلك إن أهل المناقل لا يحسنون التعبير عن مطلوباتهم ويضيعون حقوقهم المشروعة وغير المشروعة ويهدرون كل الفرص لإحراز الأهداف داخل خط ستة. يبدو أن قضية مركز التلقيح الاصطناعي بالمناقل أخذت بعدها الدولي باعتبار أن هذا المركز يعتبر إحدى ثمار هذه الوشائج الأخوية مع الأشقاء في تركيا لإنتاج النطف المنوية لحفظ السلالات الحيوانية وتحسين نسل القطيع المحلي وفق رؤية وإستراتيجية تحدثت عنها الزراعة الولائية. حقائق ومعلومات جديدة تبيَّنت لنا ونحن نعيد القراءة مجددًا في الدراسات والبرامج والرؤى الكلية وحقيقة وطبيعة هذا المشروع وأهدافه على المستوى المحلي والولائي والقومي والإقليمي.. ولكن ما الذي أزعج الإخوة في حكومة الولاية حتى يغضبوا كل هذه الغضبة على ما كتبناه هنا قبل أكثر من شهرين.. قالوا إننا أخرجنا المشروع من إطاره الآني أو الحديث وأخرجناه للرأي العام كمشرع بالٍ وبائس عندما قلنا إن هذا المركز (مجرد بناية قديمة) بالطبع لم نقصد أنها بناية موجودة كأحد آثار الحكم التركي في السودان فهذا الوصف تقدير نسبي للمدى الزمي الفاصل ما بين تجهيز المبنى وافتتاحه وحتى الجهات المعنية أو المشرفة على هذا المركز لم تحتفِ في ذلك الافتتاح الذي شهده مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع ولم تكن وقتها أي معلومات أو حقائق أو أرقام تتعلق بهذا المشروع ولم يكن كذلك أي حديث ينسرب من بين ثنايا الخطب السياسية يتحدث عن المردود الاقتصادي أو التنموي للمشروع ولا حتى أعداد الثروة الحيوانية التي يمكن أن تستفيد من خدمات مركز التلقيح الاصطناعي. لكم العتبى الإخوة الأشقاء في تركيا إن كان قد طالتكم سهام النقد الشفيف والعبارات البريئة فعشم أهل الجزيرة ينتظر إشراقات هذا المركز حتى ينطلق وفق أهدافه وخططه ومشروعاته.