وسط مدينة إستانبول، وعلى مقربة من مبنى بلدية إستانبول، يقع مسجد فخم ضخم في غاية الروعة والجمال، يروي روعة التصميم ومتانة التشييد في العمارة الإسلامية أيام الدولة العثمانية، ويفتح المسجد أبوابه على مدار العام لزيارة السياح من مختلف أنحاء العالم؛ إلا أنَّ رجال الأمن الأتراك يحرصون على إقامة حاجز خشبي في نهاية المسجد عكس اتجاه القبلة يُمنع السياح غير المسلمين من تجاوزه، بينما يُسمح للمسلمين بالتجوُّل في كل أنحاء المسجد دون قيود، كما يحرص حراس المسجد على إلزام النساء غير المسلمات بارتداء أغطية على رؤوسهنَّ أثناء الوجود بالمسجد. أخبرنا إمام المسجد أنَّ مسجد السليمانية قد تم بناؤه أيام السلطان سليمان القانوني، ومن هنا جاءت تسمية المسجد، وقد قام بإنشائه المهندس المشهور سنان، وهو الذي بنى معظم المساجد الكبيرة في عصره، وقد استغرق بناؤه سبع سنوات، وعندما تم بناؤه قال له السلطان كم سيُعمر هذا المسجد، فقال المهندس سنان: لقد بنيت قواعده بحيث يبقى إلى قيام الساعة إن شاء الله، وقد مضت الآن ستة قرون على بناء المسجد ولا يزال قائمًا شامخًا كأنما بُني من سنوات قليلة. تتميَّز عمارة المسجد بالقباب الكبيرة العالية، وهي التي تسم معظم المساجد التركية القديمة، وبالمسجد أربع مآذن ترمز للخلفاء الأربعة، وعدد «البلكونات» في المآذن الأربع عشرة «بلكونات» ترمز من ناحية للعشرة المبشرين بالجنة، كما ترمز من ناحية أخرى إلى السلطان سليمان القانوني الذي يقع ترتيبه العاشر ضمن سلاطين الدولة العثمانية. تمتلئ قباب المسجد من الداخل وباحته الرئيسية بعدد من الزخارف التي تمثل الآيات القرآنية طابعها الرئيس، وعلى القبلة مكتوب بخط كبير وجميل لفظ الجلالة، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى أركان المسجد الأربعة مكتوب أسماء الخلفاء الأربعة. ويضيف إمام المسجد أن الناظر إلى المسجد من أعلى يراه على هيئة رجل ساجد لله إذا نظر إليه من الوسط، أما إذا نظر لمآذنه مع القباب فسيرى شكلاً على لفظ الجلالة، وهذه هي إحدى سمات عبقرية المهندس سنان.