جاء في الأخبار أن السلطات اليوغندية قد وجَّهت قيادات وممثلي حركات التمرد الدارفورية والجبهة الثورية المقيمين بكمبالا بمغادرتها إلى مدن أوغندية أخرى حدودية، خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام هي فترة إمهال المخابرات اليوغندية لها لتنفيذ أوامر بإخلاء بعض البيوت والمقرات التي يقيم فيها المسلحون السودانيون في أحياء سكنية بالعاصمة اليوغندية كمبالا. وأكثر من ذلك فإن السلطات اليوغندية قد تعاملت مع المسلحين بطريقة حادة وقاسية ومذلة جداً إذ أنها فوَّضت لجنة تتبع لها بالطواف على مواقع سكنهم وإقامتهم للتأكد من إخلائها ومغادرتهم إلى المدن الحدودية. وجاءت هذه الخطوة اليوغندية الغريبة والمريبة في الوقت الذي قررت فيه لجنة إفريقية من منطقة البحيرات إرسال وفد من أعضائها إلى يوغندا للبحث ميدانياً في شكوى تقدم بها السودان تتعلق بدعم أوغندي للمتمردين السودانيين بالإيواء والتمويل. والسؤال هنا: هل تريد السلطات اليوغندية إخفاء أثر وجود الدعم اليوغندي للمتمردين وهي من قبلت طرح نفسها للتوسط بينهم وبين الحكومة السودانية؟!. وهل ظنت كمبالا أنها قامت بهذه الخطوة في الخفاء بحيث لا يشعر بها أحد وهي تبعد من نفسها الأدلة التي تثبت تورطها في دعم المتمردين؟!. ثم ما الفرق بين وجود المسلحين في العاصمة اليوغندية ووجودهم في المدن الحدودية؟!. فهم في نهاية المطاف موجودون داخل دولة يوغندا.. بل حتى وجودهم في دولة جنوب السودان لا يمنع أن تمد الحكومة اليوغندية لهم يد الدعم بحكم العلاقة التآمرية التي تربطها بجوبا، وفي إطارها ينفذان مشروعات التآمر الأجنبي ضد السودان بإيواء المتمردين وفتح أراضيهما لإقامة معسكرات التمرد. ومن قبل كانت الأراضي اليوغندية مفتوحة لحركة جون قرنق بعد أن أطيح بالرئيس الإثيوبي منقستو هايلو مريام. لذلك يبقى طرد المسلحين السودانيين من العاصمة اليوغندية إلى المدن الأخرى اليوغندية بالقرب من الحدود، من أجل إخفاء الدعم اليوغندي لهم في الوقت الذي تعتزم فيه اللجنة الإفريقية زيارة كمبالا على خلفية الشكوى المقدمة من السودان آنفة الذكر. لكن كيف لا تستطيع اللجنة الإفريقية ألا تدري عملية الخداع هذي التي تقوم بها السلطات اليوغندية؟! وهل هناك اتفاق سري بين حكومة كمبالا وهذه اللجنة التي ليس بالضرورة أن تكون نزيهة وصادقة وأمينة؟!. وحتى لو افترضنا أنها بهذه الصفات الحميدة، فماذا بإمكانها أن تفعل لو اكتشفت أن كمبالا تضللها بنقل المتمردين من العاصمة إلى الأطراف؟!. إذا كان القوى الأجنبية وأمثال سوزان رايس يغضون الطرف عن جرائم المتمردين في أم روابة وأب كرشولا وغيرهما وهي بدعم من جوبا ومع ذلك ينحازون إلى نظام الحركة الشعبية في الجنوب، فما هو المنتظر من لجنة إفريقية أن تفعله إذا ثبت لها أن النظام اليوغندي لم يتخلَّ عن دعم المتمردين السودانيين وهو يفل هذا برضا غربي عبرت عنه ضمناً مؤخراً سوزان رايس في أول حديث لها بعد تسلمها مهمة مستشار الأمن القومي الأمريكي.. حيث قالت إن الحكومة السودانية خرقت اتفاقية السلام رغم أن جوبا ويوغندا وغيرهما يدعمون التمرد لنسف هذا السلام نهائياً. كل الأوراق مكشوفة مثل خدعة كمبالا هذي.