مقابل مبالغ زهيدة لا تتناسب ومجهودهن.. يبلغ سعر دستة الغسيل (5) جنيهات ولكن لا تستطيع إحداهن غسل أكثر من 4 دست في اليوم مقابل مبلغ (20) جنيهًا ومن ثم لا تستطيع القيام بتلك المهمة ليومين على التوالي.. بعضهن استسلمن لواقعهن وبعضهن جأرن بالشكوى نسبة (لاتساخ) الملابس التي يقمن بغسلها مع أن السعر موحد مع اختلاف طريقة الاستعمال.. جلسنا إليهن ليحكين لنا عن تلك المهنة ومعاناتها.. بداية التقيت السيدة (س) وهي من إحدى ولايات الوسط بالسودان وأنا أعرفها معرفة جيّدة وأعلم تمامًا أن الظروف القاهرة فقط هي التي دفعتها لممارسة تلك المهنة بعد أن كانت ترفل في نعيم وأملاك زوجها ولكن المرض سلطان لا يستطيع أحد التصدي له، فكان أصيب زوجها بمرض فتّاك أقعده بالمنزل وصرف كل مدخراته على العلاج فلم يكن أمامها سوى ممارسة تلك المهنة ولكنها وحسب معرفتي بها هي لا تقوم بالغسيل إلا لزبائن معروفين يقدرون حالتها النفسية والمادية تقول (س): كان زوجي يعمل بالسوق وكان صاحب دخل أقل ما يقال عنه إنه جيد ولكن شاءت الظروف أن يلزم الفراش الأبيض فلم يكن أمامي بد من مساعدته وذلك بالعمل في مهنة غسيل الملابس وهي مهنة شاقة للغاية خاصة عندما يتعلق الأمر بملابس الصغار ولكني أعمل بها لتوفير طعام الإفطار لبناتي اللائي يدرسن بالمدارس الحكومية. (ح) أيضًا تعمل بمهنة غسيل الملابس تحكي عن تجربتها مع تلك المهنة: ظروف الحرب هي وحدها التي فرضت عليّ المجيء لأم درمان والسكن في ضواحيها النائية ونسبة لأني لا أحمل أي مؤهل دراسي بدأتُ حياتي العملية بمهنة بيع الشاي ولكن (الكشات) لم تتركني في حالي بالرغم من المهنة مربحة لذا آثرت العمل بمهنة غسيل الملابس وهي مهنة متعبة للغاية وتحتاج لبذل جهد كبير خاصة إذا كان الغسيل بمنزل أسرة كبيرة وبها أطفال ولكني عادة لا أعمل إلا في منازل معروفة ولدي زبائن معتمدون، وأقوم بغسل الدستة بمبلغ 5ج ولا أستطيع غسل أكثر من 5 دست باليوم ومن هذا المبلغ (25)ج أقوم بتجهيز أولادي للذهاب للمدارس بعدما (اطلع حق مواصلاتي). (ت، و، م) تعملان بذات المهنة اتفقن على أن هذه المهنة شاقة ومتعبة ويواجهن خلالها الكثير من المشكلات كأتهامهن بعدم تجويد أدائهن ولكنهن يستحملن ذلك من أجل أبنائهن. وأضافت (ت) وبالرغم من ذلك وجدنا أنفسنا في منافسة مع العاملات الأجنبيات واللائي يتسخدمن الغسالة الكهربائية ومهنتنا هذه في طريقها للزوال.