بالنسبة للناحية التعليمية فإن أم المدائن هي المنبع الأصيل على مختلف مستوياتها من ابتدائي ووسطى وثانوي ومعاهد أخرى صناعية وفنية وقرآنية وخلافه، فعلى حسب الواقع فإن المدارس الأولية التي كانت تعج بها هذه المدينة هي مدرسة النهر وهي قرية من شاطئ النيل وبالقرب من الجامع الكبير وكذلك مدرسة بود الازرق وهذه المدرسة أنشئت منذ أمد بعيد، وبعد ذلك توالت المدارس الابتدائية مثل الشرقية والسوق والسكة حديد الشرقية والغربية والشرطة، وفي فترة لاحقة تم إنشاء مدارس ابتدائية أخرى مثل الدرجة والقسم الثاني وشندي فوق والمزاد... إلخ أما المدارس الوسطى فقد كانت هنالك المدرسة الأميرية بمدني وهي بالقرب من الجامع الكبير على شاطئ النيل بعد أن تم إنشاء مدرسة مدني الأهية (أ) و(ب) وكان الفضل في إنشائهما يعود لنفر من أبناء المدينة المخلصين وتوسعت بعد ذلك هذه المدارس لتشمل مدرسة أبو زيد والليث وشدو والجزيرة المؤتمر وزروق وشقدي.. إلخ. أما المدارس الثانوية فقد كانت حنتوب بكل ما حملت من قادة تحكروا في قيادة هذا البلد وفي فترة لاحقة تم إنشاء مدرسة مدني الثانوية والمعهد العلمي الذي تحول إلى مدرسة النيل الأزرق وكذلك مدرسة المؤتمر والجزيرة وعبد الستار إضافة إلى المدارس الأجنبية مثل البعثة التعليمية المصرية والمدرسة العربية ومدرسة الأغاريق والمدرسة الهندية وقد كان للمدرسة العربية الفضل الكبير في تهيئة التعليم لكثير من أبناء هذه المدينة. وكل هذه المدارس سواء كانت حكومية أو أهلية تدار بواسطة مكتب التعليم الكائن بمدني وعلى رأسه مساعد المحافظ للتعليم وكانت العملية التعليمية في ذاك الزمان تسير على أحسن وجه من حيث الإمداد والمراقبة والمستوى العلمي ومراقبة النشاط الطلابي من جمعيات ثقافية ورياضية وخلافه مما أدى إلى خلق جيل مبدع أثرى الحياة السودانية بأكملها. ويا ليت ذاك الزمان يعود ليرى ماذا فعل بنا هذا الزمن، أما الأساتذة فقد حظيت هذه المدينة بخيرة الأساتذة الأجلاء من حيث المستوى العلمي والخلقي والتربوي مما انعكس إيجاباً على الطلبة سلوكاً وعلماً وأدباً وكان على رأس العملية التعليمية من أساتذة نشهد لهم بالكمال أمثال الأساتذة صالح بحيري والريح الليثي وعباس شدو والزبير تميم الدار وصلاح عووضة وعبد الله النكوية وأحمد علي وخرصاني وطه عابدين وصلاح كيمياء وعبد الله البشير ومحمد علي عثمان وأبوكر عثمان وضو البيت وسريل وعبد الباسط بحيري وغيرهم. وكان التعليم في ذاك الزمان وبهذه المدينة في أوج ازدهاره حيث كان التنافس الشريف فيما بين الطلاب سواء أكاديمياً أو ثقافياً أو رياضياً أو فنياً وقد أثروا الحياة بكل أنواعها بهذه المدينة بالسيرة العطرة سواء أكان من جانب الأساتذة أم الطلاب وذلك نسبة للجهد المبذول سواء أكان جهداً رسمياً أم جهداً ذاتياً من المدارس أو الأساتذة أو حتى الطلبة وقد نتج عن هذا الجهد أن خرَّجت هذه المدارس الرؤساء والوزراء وزعماء الأحزاب السياسية والسفراء والأطباء والمحاسبين والقضاة والمهندسين والإداريين الذين قادوا حركة التطور والتغيير لهذه البلدة بأكملها أمثال الرئيس السابق النميري والترابي ونقد وبابكر كرار اللهم ارحم من رحل والصحة والعافية للأحياء وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.