لا يختلف اثنان في الدور الهام الذي تلعبه العملية الثوثيقية في الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني هذا إضافة إلى العديد من المجالات الإنسانية الأخرى، في زمن أصبح يُطلق فيه البعض القول على عواهنه دون مرجعية أو دليل دامغ، هذا الأمر يوضِّح بجلاء الضرورة القصوى لعملية التوثيق كدليل إثبات يساعد في القضاء على التصريحات التي تُطلق دون مسوِّغ هذا إلى جانب التهم التي تساق جزافًا، إذن فيمكن أن نقول بأن التوثيق ضرورة لا مناص منها في حياتنا، وتعتبر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ذات الدور الأبرز في هذا المساق، كيف لا وهي تمتلك مكتبة تمثل ذاكرة للأمة وحافظة لتاريخها، إذ تضم العديد من الأشرطة التي تعبِّر عن تاريخ السودان الممتد. ولكن هنالك أسئلة تطرح نفسها بقوة عن هذه الهيئة التي توصف بالحيوية وهي، هل لدينا تسجيلات لخطب سياسية للحكومات التي تعاقبت على حكم السودان؟ وهل نمتلك أعمالاً لشعراء كبار أمثال محمد أحمد المجذوب وغيره من الشعراء؟ وما هي أقدم التسجيلات التي تربض بمكتبة الهيئة ولمن؟؟ وكيف يتم الحفاظ عليها؟ وهل حدث أي ضياع أو تلف لتسجيلات نادرة حاليًا؟ وهل هناك نهج معين متَّبع للتوثيق؟ مراحل: محمد حامد آدم أمين المكتبة ابتدر حديثه ل «نجوع» قائلاً: إن التطوير الذي حدث في المكتبة مرَّ بمراحل عديدة، وعلى مستوى تحديث آليات حفظ الأشرطة وأجهزة التشغيل والتطور من نظام «1 2» بوصة، واستمر مشروع التطور وأدخل نظام «البيكام»، وقال: في عام «2010 م» أدخل نظام الأرشفة الرقمية من قبل شركة فرنسية بعد أن كانت التقنية السائدة هي التماثلية والتي تعتمد على أشرطة «الريل» ذات الأحجام المتفاوتة فمنها الذي طوله ساعة وآخر نصف ساعة ثم ثلث ساعة وأخيرًا ربع ساعة، موضحًا أن العاملين على الرغم من اعتيادهم عليها إلا أنهم كانوا يعانون معاناة حقيقية تتمثل في عملية المعالجة «المونتاج»، ويضيف محمد حامد أن إدارة المكتبة سوف تستمر في تطوير آليات حفظ الأرشيف نسبة للزيادة المطَّردة في مواد المكتبة مع الوضع في الحسبان مواكبة التطور التقني، وعن أقدم التسجيلات يقول إن المكتبة تضم كل الأحداث السياسية التي مرَّ بها السودان والحكومات السابقة هذا إلى جانب الخطب الهامة ل«الأزهري وعبود ونميري» إضافة إلى المعارك التاريخية «كرري وأم دبيكرات والجزيرة»، وكذلك المواد السينمائية كما توجد مجموعة مقدرة من الأعمال الأدبية والشعرية لشعراء كبار قد يضيق المجال عن ذكرهم، وكشف عن الاستفادة التي تتم من المكتبة في أغلب البرامج يوميًا بحوالى «30 40» مادة، كما يستفيد طلاب الجامعات في بحوثهم، وفيما يتعلق بعدد الأشرطة يقول إن المكتبة تحتوي أكثر من «87» ألف شريط ويتم حفظها بأرقام مختلفة، مؤكدًا حفظ الكثير من المواد الفيلمية في «16» ملم و«35» ملم.. أسباب التلف: وعن تلف بعض التسجيلات يقول محمد حامد إن أغلب أسباب التلف تكمن في عدم وضع الأشرطة في الأماكن الخاصة بها بشكل طولي إضافة إلى درجة الحرارة التي تزيد عن «7 8» درجات، هذا كله يصيب المواد الداخلية بالتلف، وهذا ما حصل لبعض المواد، مؤكدًا وجود ما يسمى بداء «النحل» أو «الاسكراتش» وهو داء يصيب الأشرطة مما يؤدي إلى التلف.. معالجة: من ناحية أخرى تحدث محمد آدم عن العمل الكبير الذي تقوم به الإدارة والمتمثل في بناء مقر جديد للمكتبة بغرض المواكبة وللحفاظ على المحتويات القيِّمة بالطريقة الصحيحة، وفيما يختص بالنهج المتبع في عملية التوثيق يقول إن إدارة المكتبة تتبع نظام الجامعة العربية والذي تم اختياره من ضمن ثلاثة نظم، كاشفًا في الوقت نفسه عن اتفاق عُقد بين الهيئة العامَّة للاذعة والتلفزيون وشركة دال، موضحًا أن الاتفاق يهدف إلى جلب عدد من الأجهزة الحديثة التي تعمل على نقل المواد من على الأشرطة القديمة إلى شكل رقمي «ديجتال»، مبينًا أن الشركة سوف تقوم بعملها في القريب العاجل حسب الزمن المضروب، متمنيًا في ذات الوقت أن تنفذ الاتفاقية على أرض الواقع من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مواد تتحدث عن فترات تمثل تاريخ السودان العريق وعن ماضيه التليد.