ما من شيء يشغل بال الناس هذه الأيام بغير التوجه للأراضي المقدسة وأداء شعيرة الحج، ويأتي تزامن الاهتمام هذا بمغادرة أول فوج من الحجيج السودانيين للبلاد جواً وبحراً خلال اليومين الماضيين وانتظام عملية التفويج التي تأتي هذا العام أيضاً متسقة مع التوافق والتوفيق العالي الذي انتهت إليه أعمال الحج في محور السودان على الرغم من الجدل الكثيف الذي صاحب بداية أعمال الحج والذي انتهى بإعفاء المدير السابق الأستاذ أحمد عبد الله من منصبه وتكليف الأستاذ آدم جماع بإدارة مهام الهيئة، وجماع هو أعلى الإداريين التنفيذيين في هيئة الحج وواحد من أهم الخبراء في هذا المجال بحكم الخدمة الطويلة التي قضاها في الحج وخلفيته الإدارية والمالية التي اكتسبها من عمله السابق في عدد من البنوك والشركات وفي دواوين الخدمة العامة كدستوري في الحكومات الولائية، إذن هو صاحب خبرة كبيرة ورجل يُنتظر منه الكثير وهذا ما يدعو لنفسر للناس النجاح الكبير الذي حققته الهيئة في أعمال الحج بمحور السودان فقد نجح جمّاع مع رفاقه في الهيئة وشركاء الحج الآخرين في العبور بالقضايا المتعلقة بترتيبات الحج إلى بر الأمان بسلام وبهدوء ومن بين هذه ما تم في محور تأهيل الشركات الناقلة بحراً وجواً للحجيج ثم دورة الجوازات والتنسيق غير المسبوق مع سفارة خادم الحرمين بالخرطوم والذي أفضى الى استلام كل جوازات الحجاج وفقاً لما اتفق عليه بين الهيئة والسفارة، وهنا لا بد من إشادة نبعثها للسلطات السعودية المسؤولة عن الحج ولسفارة خادم الحرمين بالخرطوم بالإضافة لكل هذا الجهد الذي تم عبر إدارة الإرشاد في تدريب وتأهيل الأمراء وتوعية وإرشاد الحجيج وتدريبهم على أداء المناسك وكيفية تحمُّل مشاق الحج وما جرى من ترتيب في محور آخر في سياق اهتمام الهيئة بالحاج السوداني وهو يؤدي المناسك في المملكة العربية السعودية والمتمثل في الترتيب للبعثة الطبية والبعثات الأخرى وكذلك السلاسة والانضباط العالي في التحويلات المالية للحجاج عبر بنك السودان والبنوك الأخرى والمجهود الجبار الذي بذلته وزارة الداخلية متمثلة في شرطة الجوازات في تسهيل إجراءات تأشيرة الخروج، كل هذه الجهود عزيزي القارئ عكف عليها رجال همُّهم أن يؤدوا واجبهم الديني والأخلاقي والوظيفي لخدمة ضيوف الرحمن من السودانيين. ولإبراز الصورة الراقية لبلادنا كواحدة من البلدان الإسلامية في العالم التي تهتم بتنظيم هذه الشعيرة وترعاها بأعلى مستوى في الدولة وهذا يفسر اهتمام مجلس الوزاء الموقر بأعمال الحج ومتابعته اللصيقة لكافة الترتيبات المتعلقة بالحجاج السودانيين ويفسر أيضاً دور المجلس الوطني في هذا الشأن. ولذا فإن الواجب يحتم علينا كما يجب كذلك على الآخرين أن ندعم ونثمن هذه الجهود وأن نعمل مع الهيئة وإدارتها على الراجعة المستمرة والمعالجة أولاً بأول للمشكلات التي ستواجه الحجاج، ونقول ستواجه الحجاج لأن الحج يعامل كإدارة أزمة لكون السلطات السعودية تتعامل مع الملايين في حيز مكاني ضيق ولأيام قلائل فكل الاحتمالات واردة وعلينا نحن أن نكون كالبلدان الأخرى وكحجاج الدول الأخرى خير معين للقائمين على أمر الحج هنا في السودان وهناك في الأراضي المقدسة حتى نمكِّن الحاج من أداء مناسكه والعودة لأهله بسلام خاصة وأنه يغادرنا هذا العام بلا عقبات وعراقيل كالتي كانت تحدث في السنوات الماضية وعلى العموم انه اجتهاد بشر معرض للنقصان لكن الأهم أن نجتهد في أن نبعد الحاج وأعماله من الأغراض الشخصية الدنيوية وأن نرتفع بهذه الشعيرة لمقامها وأن لا نجتهد في قصم ظهر الجنود المجهولين القائمين بأمر الحج خاصة أهل الهيئة الذين ظلوا يتحملون أوزار الآخرين وإسقاطات طموحات الآخرين أيضاً حتى أصبح الحج والاهتمام بالحراك السياسي في البلاد صنوان وسنعود.