كما يصر السودانيون بالداخل على ممارسة كامل طقوسهم وممارساتهم قبل مقدم الشهر الكريم من تجهيزات له، كذلك يصر السودانيون المقيمون خارج الوطن في شتى بقاع العالم (المغتربين) على حضور ذات الطقوس الرمضانية كما لو أنهم في الداخل، ويساهم بقدر كبير ذويهم وأسرهم في السودان بذلك، حيث تنطلق (المراسيم) قبل أكثر من شهر من رمضان، طالبة (الحلو مر) وبقية المشروبات السودانية الطبيعية مثل الكركدي، والتبلدي، والعرديب ونحوه. كما تضم (الكرتونة) التي ترسل إلى المغتربين السودانيين المقيمين في دول المهجر (الشرموط) والويكة باعتبارها أهم مستلزمات أطعمة رمضان سواء كان للعصيدة أو القراصة. الكرتونة مهمة إبتهال يوسف الزين المقيمة مع أسرتها لأكثر من عشرين عاماً بالمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية قالت ل (نافذة مهاجر) إن والدتها ووالدها يحرصون طوال شهر رمضان الكريم على ممارسة كافة أشكال العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية السودانية خاصة تلك المرتبطة بالأكلات السودانية الأصيلة، وأضافت أن جدتها لأمها تحرص وبطريقة مستمرة قبل شهر من قدوم شهر رمضان بإرسال كرتونة (ماكنة) تحوي جميع مستلزمات رمضان من الاباري بأنواعها (الحلو مر، والآبري الأبيض) وحتى البهارات السودانية. وقالت إبتهال إن ما يربطهم بالسودان رغم مكوثها لأكثر من عشرين عاماً بالمملكة العربية السعودية هو هذه (الكرتونة الرمضانية) لأنها تعرفهم بالمأكولات السودانية، مشيرة إلى أن غالب السودانيين إلا قليلاً منهم يحرصون على ممارسة ذات ما تمارسه أسرتها في رمضان لكنها استدركت ضاحكة (لكن ما في زول يعمل زي أكل أمي الطاعم). تحسسنا بالسودان هذه الكرتونة التي تصلنا سنوياً، ليست مجموعة من البهارات والمأكولات والمشروبات فقط، وصحيح أن قيمتها المالية ليست عالية، لكن قيمتها الوجدانية والنفسية أعلى، بهذه الجملة السابقة ابتدر عبد الله محمد علي المقيم بالمملكة العربية السعودية لعشرة سنوات ونيف حديثه ل (نافذة مهاجر) أضاف قائلاً: إنهم لا يزالون يحتفظون بما تبقى من آخر الكرتونة التي تم إرسالها من قبَل والدته ونسيبته، أوضح بأسى واضح من نبرات صوته بأنه يحتفظ بآخر كرتونة أرسلتها له والدته العام الماضي وبعدها بشهر انتقلت والدته إلى الرفيق الأعلى، عبد الله أشار لأمرين لهما علاقة بالكرتونة، أولهما اكتشف أن أبناءه الاثنين يحبان الأكل والمشروبات السودانية كثيراً جداً، والأمر الآخر أن هذه الكرتونة بمثابة الرئة التي توصل لهم عادات وتقاليد وطقوس رمضان السودانية إلى المملكة العربية السعودية. شيء أساسي لنا هذه الأيام هي أيام «كرتونة الآبري» الطرود الرمضانية المسافرة وعابرة للحدود من السودان والتي تتجول في كل بقاع الكرة الأرضية، التي تستضيف الجاليات السودانية داخل حدودها ولكثرة التكرار حفظ ضباط المطارات والموانئ محتوياتها عن ظهر قلب.. هذا ما أكدته المقيمة بالمملكة العربية السعودية إقبال النور محمد التي قالت: إن كرتونة الآبري شيء أساسي لنا في الغربة بالرغم من أننا نعلم تماماً بأنها عبء على كاهل الأمهات؛ لأنهن يتحملن عناء ومشقة تجهيزات هذه الكرتونة، فتجد أن الأم السودانية لديها عدد من الأبناء المغتربين في بلدان مختلفة من دول العالم وتصرّ على أن ترسل لكل واحد منهم كرتونته الخاصة رغم التكلفة العالية في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة والداعية إلى التقشُّف في آنٍ واحد.