شخصية الكاتب وشخصية المغامر عندما تتّحدان في شخص واحد فإن هذه هي المشكلة بعينها. فالكتابة في حد ذاتها مغامرة تستدعي الخوض في تضاريس التعبيرات المختلفة لتصل الى حقيقة يراها الكاتب نوعاً من التفريغ لشحنات وجدانية تؤرقه، والمغامر ذلك الرجل الذي يبحث عن الإثارة لأن الرتابة تثير فيه الملل وهذا ما يقتله... ولكن الكاتب المغامر يظل يبحث عن إثارة خارجية وداخلية ولهذا لن يتوقف مهما كانت المخاطر. الكاتب الأمريكي الروائي أرنست همنجواى الذي نال جائزة نوبل في الأدب عن روايته «العجوز والبحر» هو مثال للكاتب المغامر. اشترك في الحرب الأهلية في إسبانيا وخرج برواية «لمن تدق الأجراس» وصارع الثيران وجاب سهول إفريقيا فخرج برواية «ثلوج كلمنجارو»... وكان يعتبر قمة الرومانسية هي الاحتكاك بالخطر وتفاديه في اللحظات الأخيرة.. وهو دائماً يخلق تلك اللحظات التي تقوده الى حافة الخطر لأن الكتابة من تلك الحافة تختلط بإفراز الأدرينالين المنبه في الدم فيجعل ضربات القلب تتسارع والحواس تتنبه وتتحفز كل غرائز الإنسان وردود أفعاله الانعكاسية ولهذا تأتي كتاباته تحمل في جوفها طعم الملح.. ولكنك لا تستطيع أن تفهم ما الذي يحاول أن يحققه الإنسان بذلك البحث الدائم عن شيء مجهول فهذا هو الكاتب ريزارد كابوشنسكي يستقل طائرة من رواندا الى بروندي عام 1962 يقودها «كابتن» مصاب بالصرع وقد كان كابوشنسكي يتوقع في كل لحظة وأخري أن يصاب ذلك الكابتن بالصرع والطائرة في الجو. وفي السودان طار علي متن طائرة تعاني من ثقوب كبيرة في كل مكان. أما في أنجولا فقد استغل طائرة ليس فيها جهاز يعمل غير موتورها ودفتها. وكلها تجارب يخوضها كابوشنسكي والخوف يتسلقه من رأسه الى أخمص قدميه ولكنه لا يتوقف. وعندما أرسل ليغطي أحداث انهيار الاتحاد السوفيتي وهو الذي فارقه صغيراً وجدها فرصة مناسبة لرؤية إمبراطورية تتهشم أمام ناظريه. ومراسلة شبكة السي إن إن CNN كريسيتيان امانبور وهي تنتقل من منطقة ساخنة الى منطقة أسخن منها... البوسنة والهرسك روسيا أبخازيا الصومال هاييتي... وكلها مناطق يصبح العمل الإعلامي فيها على حافة الهاوية.. ولكن الإنسان الذي يبحث عن المغامرة يجد فيها ما يكتبه وما يبثه لوكالة الأنباء التي يراسلها. وإنتو شوفتو حاجة؟ آخر الكلام: قال دبشليم: قل لي يا بيدبا.. ما بال هذه الدنيا تدبر عني ولا تقبل؟ قال بيدبا: أيد الله مولاي... فعندما جمعت كل الكروت في يدك... قرر الآخرون أن يلعبوا شطرنج.