{ دعوة الباشمهندس لاقتلاع الحركة الشعبية قبل فوات الأوان كما يقول تبقى هي مطلب أغلبية الشعب الجنوبي المتضرر منها هناك في حياته اليومية وتبقى مطلب أبناء كردفان والنيل الأزرق المتضررون منها هنا من خلال قطاعها الشمالي. لكن هل يمكن أن يكون هذا الاقتلاع على طريقة اقتلاع نظام حسني مبارك أم نظام القذافي أم مثل محاولات اقتلاع نظام الأسد البعثي الطائفي؟.. أولاً أن يجتمع ويحتشد أبناء الجنوب المعارضين في ميدان واحد في جوبا على غرار ميدان التحرير المصري، للضغط على الحكومة فإنهم سيعرِّضون أنفسهم لنيران الجيش الشعبي، وليست هناك جهة خارجية تدين ما تفعله الحركة الشعبية ضد شعب جنوب السودان. حتى ما تسمَّى بمجموعة أصدقاء جنوب السودان هم ليسوا أصدقاء للشعب هناك وإنما للحركة الشعبية، ومن ضمن هذه المجموعة روجر ونتر مستشار حكومة جوبا وقد كان المبعوث الخاص للسودان من واشنطن. إذن القوى الأجنبية الغربية تسمح للجيش الشعبي أن يستأصل أية تظاهرات أو تجمعات ضغط على حكومة الحركة الشعبية بأي أسلوب دموي، والغريبة أن هذا ما قالته مجموعة أصدقاء جنوب السودان، قالت إن المسؤولين في الجنوب يجدون الحماية إذا ما ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية. إذن الاقتلاع على طريقة «ميدان التحرير المصري» لا سبيل إليه مع السماح الدولي لارتكاب الحركة الشعبية أفظع الجرائم. أما طريقة اقتلاع نظام القذافي، فهي تحتاج إلى حماية دولية للمتظاهرين، لكن شعب الجنوب إذا حاول القيام بهذه الطريقة الرهيبة فسيكونوا عرضة لقصف الطيران وهم متوجهون من مدن مختلفة إلى العاصمة جوبا. أما طريقة اقتلاع نظام الأسد التي هي الآن في مرحلة المحاولات فهي لن تتوفر فرصتها لأبناء الجنوب، لأن القوى الأجنبية لن تسمح بمد السلاح للثوار وتمويلهم من الخارج لاقتلاع أداة نفوذهم في المنطقة وهي حكومة الحركة الشعبية التي تتمتع بإعفاء أمريكي من الالتزام بالديمقراطية. وكل دولة دكتاتورية حليفة لأمريكا تجد منها هذا «الإعفاء». وأمريكا قد سمحت لدول دكتاتورية حليفاتها بأن تدعم وتموِّل من قاموا بتقويض النظام الديمقراطي واعتدوا على الشرعية الانتخابية في بعض الدول. وهذه مشكلة كبيرة تواجه ثوار جنوب السودان إذا هم قلّدوا الثورة السورية واتخذوا من قوات ديفيد ياوياو مثلاً «جيشاً حراً» على غرار ما في سوريا. وإسرائيل هي أحرص الحرصاء على بقاء حكومة الحركة الشعبية في جوبا، وهي في نفس الوقت أكثر دولة تكره وجود أبناء الجنوب لديها، وقد تعرضوا فيها للرجم بالزجاجات الحارقة، وقال الإسرائيليون إن وجود أبناء جنوب السودان في إسرائيل خطر على البيئة ويجب طردهم. إذن طريقة واحدة على ما أعتقد يمكن أن تقود إلى اقتلاع حكومة الحركة الشعبية في جوبا هي تحويل عدد كبير جداً من القبائل الجنوبية إلى ثوار، وهذا بالطبع من شأنه إضعاف قوات الجيش الشعبي وتحجيمها وانحسارها في إثنيات معينة. وهذا الخيار لن تستطيع أية جهة أجنبية أن تفعل معه شيئاً. فإذا كانت حماية نظام سلفا كير بالقوات فهي تنحسر. اللهم إلا إذا تمت الاستعانة بقوات أجنبية من خارج الحدود.