شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. (تعال شيل عدسك كان تقدر).. جنود بالجيش يقتحمون موقعاً كان يتواجد فيه نقيب الدعم السريع المتمرد "سفيان" ويعثرون بداخله على "زيت" و "عدس" قام بتجهيزه لطبخه قبل أن يهرب ويتركه    بعد اجتماعه مع أسامة عطا المنان…برهان تيه يعود من جدة ويشيد بتجاوب رئيس لجنة المنتخبات الوطنية    شاهد بالفيديو.. أحد أصدقاء نجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب يظهر حزيناً على فراقه ويكشف أسباب وفاته ويطالب الجميع بمسامحته والدعاء له    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    دبابيس ودالشريف    راشد عبد الرحيم: امريكا والحرب    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    عقار يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص وبطولات مجاهدي عرين الأسود (1)
نشر في الانتباهة يوم 23 - 07 - 2013


المؤلف : مكاوي إبراهيم عبدالله قرشي
أسود العرين
الأسد الوثبْ لملم كفوفو وانكربْ باع النفس شاريها رب والمولى قال ربحانا تب
لبيك رسول الله
لبيك رسول الله
لبيك رسول الله
2013م
القوات الخاصة عرين الأسود
مقدمة
العنوان العميق لهذا الكتاب (إنّه الإيما إذا خالطت بشاشته القلوب...) والمؤلّف لم يدّع أبداً أنّه اليراع الذي أحاط بكل صغيرة ولا كبيرة في أمر جهاد القوات الخاصّة ولم يقل إنّه وحده قد دخل عرين الأسود بل قال بكل تواضع إنّه البنان الذي يشير ولا يحيط وكيف يحيط المرء بذروة سنام الأمر... لكن البنان أقدر على الإشارة من اليراع على الإحاطة والبنان هنا جزء من اليد الباطشة. وأجمل ما في الكتاب توثيق الأحداث بلغة كاميرا التصوير وهذا لا يعني ضعف القدرة الإبداعية للكاتب فاللّغة المحكية حاضرة بجانب القدرة الفوتوغرافية لكن أروع ما فيه الأبعاد الروحيّة التي ينثرها حتى تكاد تنثره ليضيء فيها.
وهو إن ابتعد عن الروح الأكاديمية.. التي تؤسس البحث على فلسفة اللغة فعذره أنّ هذه المجموعة تجيد لغة أخرى هي لغة الدماء التي جعل منها محبرة وهو يكتب ليسلّي نفسه وما درى أنّ في الكتاب سلوى ومتعة لكل الذين خاضوا تجربة القوات الخاصّة بل لكل المجاهدين.. بل كل الدعاة.. بل لكل وطني غيور.
بعض النّاس يحب أن يقدّم للأجيال القادمة الرماد ولكن المؤلّف رأى أن يقدّم الشعلة متّقدة...
أسأل الله أن يتقبّل منه عمله هذا وسائر أعماله إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.
د. علي الخضر بخيت
مقدمة
شرّفني الأخ المجاهد مكاوي إبراهيم قرشي إذ كلفني بمراجعة هذا السفر المبارك، ولولا مكانته عندي لما أضفت إلى ما خطّه قلم الأخ المجاهد علي الخضر بخيت في التقديم، فهؤلاء الرجال لا نمدّ أعناقنا حذو أعناقهم تأدباً وعرفاناً.
لقد اشتمل هذا السفر على معان عظيمة ووثّق لوقائع خالدة وأتاح لمن يطّلع عليه شرف الوقوف على المعاني العظيمة للشهادة والشهداء، وأضاء الآفاق أمام أبناء هذه الأمّة لتلتمس طريقها إلى مرافئ العزّة والكرامة ولا عزّة إلّا بالجهاد في سبيل اللّه، ولا جهاد بالأماني، إنّما بإفناء الأجسام لبلوغ المرام.
لقد رصد الكاتب الوقائع بصدق العارفين ورواها رواية الشاهد العيان بلغة رصينة وفي تبويب محكم فجزاه اللّه خيراً على جهاده الذي نشهد به، وأسأل اللّه أن يجزيه على إعداد هذا السفر والذي كان إعداده ضرورة لا تقل شأناً عن مقارعة العدو.
واللّه إنّا لأقصر قامة من المجاهدين والشهداء فأسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم وأن يسوقنا في وفدهم إليه.
هاشم أبو بكر الجعلي
إهداء
إلى النشامي من أبطال القوات المسلحة والذين حفظوا تراب هذا الوطن من كل معتدٍ منذ أن تحملوا المسؤولية عملوا وسهروا من غير كلل ولا ملل لم ينتظروا شكراً من أحد يقضون السنين بعيداً عن الأهل والولد لا هم لهم سوى أن يظل السودان عزيزاً مكرماً مرفوع الرأس بين الأمم فهم الشموع التي تحترق لتضيء لنا سبل الأمان والراحة فهم يسهرون حين يغط الناس في نوم عميق يجوبون السهول والوديان تأميناً للسودان فلهم التحية والتقدير بذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن فهم من تعلمنا منهم الشجاعة والإقدام وتعلمنا منهم أن نؤثر الوطن بجهدنا وأرواحنا ودمائنا.
إلى الأرواح الطاهرة التي رحلت عنا وهي تبحث عن مجد أبدي سرمدي في حواصل طير خضر تطوف حول العرش مسبحة بحمد ربها تطوف برياض الجنة تقطف ما طاب من ثمرها إلى كل من سالت منه قطرة دم روت هذه الأرض الطاهرة إلى كل من سكب العرق مدراراً في ميادين التدريب أو ساحات الوغى منافحاً ومدافعاً عن تراب الوطن وعن العرض والدين إلى كل من ضحى بملذات الدنيا وزينتها وزخرفها وترك منصبه وقاعات الدرس والأهل والولد وهو يذود عن حياض وطنه باذلاً أغلى ما يملك شارياً أغلى ما عند اللّه جنة عرضها السماوات والأرض.
إلى خنساء السودان إلى كل أم رؤوم احتضنت ابنها حتى شب عن الطوق وغرست فيه معاني الرجولة والبسالة والبذل وأرضعته حب الدين والوطن وحب التضحية والفداء المتشبهات بأسماء رضي اللّه عنها وهي تدفع بولدها إلى ساح الوغى غير آبهة وتقف أمامه مصلوباً وهي تردد أما آن لهذا الفارس أن يترجل. إنها الأم وكفى بفضلها أن يذكرها اللّه تعالى مقرونة باسمه. وكفى بتضحيتها أنها تودع ولدها وهي تعلم المصير المحتوم وقد لا تلتقيه مرة أخرى في هذه الدنيا تحتضنه بحنان إذا عاد سالماً وتداوي جراحه إذا عاد مثخناً وتتلقى نبأ استشهاده بكل ثبات مستبشرة بوعد اللّه مطمئنة بغرسها وقد نذرت فلذة كبدها للّه محرراً راجية أن يتقبله اللّه بقبول حسن كما أنبته نباتاً حسناً وقد تكفله اللّه في الدنيا واللّه به رحيم في مستقر رحمته فأسأل الله أن يتقبل من الأمهات وأن يقر أعينهن بأولادهن وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهن ولأمهات الشهداء أن يكون الابن شفيعاً لهن بإذن الله تعالى.
مدخل:
نقدم بين يديكم هذا السفر والذي يحكي عن مجاهدات القوات الخاصّة ويجيء هذا العمل لترسيخ عدة معانٍ لنستخلص منها الدروس والعبر.
أولاً: أن ثقافة التوثيق ضعيفة في السودان لذلك نجد أنّه حتى تاريخنا كتبه غيرنا بما يرضي أهواءهم ولتمرير أجندتهم الخاصة بما يخدم أغراضهم فكم من الحقائق تم تزييفها وكم من مرة دسوا السم في الدسم وصوروا الحسن بما هو قبيح فصدق الناس، والإعلام له دور خطير في تغيير اتجاهات الرأي العام وخلق بيئة صالحة لتلقي ثقافاتهم التي يريدون غرسها في أي مجتمع بما يخدم أجندتهم فهناك الكثير من المعلومات المغلوطة التي لا بد من تصحيحها وتمليك الرأي العام الحقائق كاملة حتى يحكم على الأشياء الحكم الصحيح الذي تستحقه وتجربة القوات الخاصّة هي تجربة ثرة وحري بالشعب السوداني أن يعرف كل تفاصيلها حتى تكون نبراساً يهتدي به الشباب وأنموذجاً يُحتذى به.
ثانياً: هناك ملاحم بطولية جرت أحداثها على أرض السودان وهي حق أصيل لهذا الشعب وحق له أن يفرح بها وأن يفخر بها لأنها إرث ومجد تليد فكل من مات أبوه شهيداً حق له أن يعرف ماذا فعل أبوه وعلى ماذا كان يقاتل وما هي بطولاته، وكل من مات عنها زوجها لا بد أن تجد في هذا السفر ما يروّح عنها ويسليها ويجعلها ترفع رأسها بين العالمين. ولكل أم فقدت أعز أبنائها حق لها أن تجد في هذا السفر صورة لفلذة كبدها وكيف أنه حفظ عرضها وعرض أخواته من بنات السودان وحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها، فحين كان الناس ينامون ملء جفونهم كان المخلصون من أبناء القوات الخاصة يرابطون في الثغور يحملون أرواحهم على أكفهم لا يغمض لهم جفن يراقبون الطرقات ويحمونها من كل متمرد ومارق ويقفون على الحدود حتى لا يطأها عميل وخائن وحين يتوسد الناس الحرير والديباج كانوا يتوسدون بنادقهم وفي بعض الأحيان ينامون وقوفاً أو ينامون داخل خنادقهم الممتلئة بماء المطر وفي بعض الأحيان يقطعون المسافات الطويلة مشياً على أقدامهم لتأمين الطرقات أو بحثاً عن معسكرات الأعداء حتى يذيقوهم مُر العذاب.
ثالثاً: لقد روّج الطابور الخامس والخَوَنَة أنَّ أبناء الحركة الإسلامية في السودان هم طلاب سلطة وطلاب مال وطلاب نساء وهذا السفر يفضح كذبهم وافتراءهم وتطاولهم وتزييفهم للحقائق فالخلّص من أبناء الحركة الإسلامية هم نواة القوات الخاصة وهم قادتها وهم من حملوا أكفانهم يبحثون عن الجنة في أدغال الجنوب ويخطبون الحور العين باذلين أرواحهم رخيصة في سبيل تمكين الدين والشريعة، لقد هجر الطلاب النوابغ قاعات الدرس وحملوا البندقية ولقد هجر الوزراء كراسي الحكم وتركوا ملذات الدنيا مرتين مرة حين تركوا البلاد التي كانت تغدق عليهم بالنعم وبالدولار وجاؤوا مع إخوانهم ليبنوا دولة العز والفخار وثانياً حين هجروا متاع الدنيا وحملوا أرواحهم يبحثون عن الشهادة فنالها من نالها وتقطعت أوصال بعضهم ومنهم من فقد جزءاً عزيزاً من جسده سبقه إلى الجنة بإذن الله تعالى ومنهم من عاد لأن الله كتب عليه أن يعيش إلى حين ليبلغ دعوة اللّه وليحكي عن إخوانه الشهداء الذين سبقوا إلى ربهم. فبربكم كيف يجتمعان طلب الشهادة وحب الدنيا وملذاتها كيف بمن حمل روحه على كفه وذهب للمتحركات يقاتل العدو مقبلاً غير مدبر كيف يكون هذا طالباً للدنيا وملذاتها. وهناك الكثير ممن بايعوا على نصرة الشريعة من يعيش الكفاف ولا يجد حتى قوت يومه فمنهم من يبيت جائعاً لا يجد ما يسد رمقه وهم غير قليل والكثيرون ممن بقوا على العهد مع الشهداء ألا يؤتى الدين من قبلهم فهم يقبضون على الجمر ينتظرون الفرصة ليقاتلوا الأعداء في أي زمان ومكان.
رابعاً: أن معية اللّه ونصره وتأييده لا تنقطع بانقطاع الوحي، بل هي موجودة إلى يوم القيامة، وأن الكرامات ليست حكراً على قرن دون آخر بل هي لعباد اللّه المؤمنين في كل زمان ومكان زادها التقوى ومعينها الإخلاص للّه، وقد تجلت الكرامات للمجاهدين في السودان ورأوا من آيات اللّه ما زاد يقينهم بقرب اللّه منهم، وأنهم على حق ويسيرون في الطريق الصحيح، لقد كانت الرؤى صادقة تأتي كفلق الصبح تكشف مواقع العدو تارة وتكشف حقول الألغام مرات، وتسمى الشهداء في أحياناً كثيرة، ومنهم من يجالس خير البرية رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. وستجدون الكثير من الكرامات التي حدثت في معارك العزة، وبعضها يشبه كرامات حدثت على عهد سلف هذه الأمة المجاهدة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى آخر خبر عن مجاهد حمل راية الجهاد على وجه هذه البسيطة كلها متشابهة، فالرب واحد والقبلة واحدة والنبراس واحد. فكم من شهيد قال جازماً سألقى ربي غداً، وقد كان ما بشّّر به، إنهم صحابة القرن العشرين وهم رعاة الإبل من أهل السودان من بشر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خامساً: إن الأمّة السودانية أمة رائدة ومعلمة وقادرة على تقديم الأنموذج للدولة القوية والفتية، ولها من الأبناء البررة من هو قادر على مقارعة الخطوب وحماية الحدود وسد الثغور، فقد أحيط بنا من كل جانب، ولكن المعدن النفيس لهذه الأمة قد تجلى وما انصهر، فقد زادنا الحصار قوةً ومنعةً، فتفجرت الأرض ينابيع من البترول، واستطاعت القوات الخاصة فك الحصار الجائر عن السودان وهزمت كل قوى البغي والعدوان والذين كانوا يقفون على حدودنا من كل اتجاه، وأنفقوا أموالهم ليصدوا عن سبيل اللّه ويقهروا الإسلام في السودان، فانفقوها ثم كانت عليهم حسرة ثم انقلبوا صاغرين مغلوبين منهزمين بحول اللّه وقوته ومن ثم شجاعة وبسالة أبناء السودان من المقاتلين في الثغور، فقد كان الحصار في الحدود الشرقية والغربية والشمالية، أما الجنوب فكان الشوكة التي غرست في خاصرة هذا الوطن العزيز لتركيعه، وقد جاءهم الشيطان في صورة مادلين أولبرايت، وقال لهم إني جار لكم اليوم، ولكن لما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وولى هارباً لا يلوي على شيء، وقال إني أخاف اللّه رب العالمين، لقد أثبت شعب السودان أنه شعب قوي وقادر على حماية مكتسباته وبناء دولته من غير أن يتسول على موائد اللئام، فأرضه بكر ملؤها الخير، ولها أبناء يسدون عين الشمس يقاتلون في سبيل اللّه لا يخافون لومة لائم.
سادساً: رغم ما جرى من أحداث طوال عقدين من الزمان والحرب المعلنة من الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل ولهثهم وراء تحطيم دولة السودان ومحو العنصر العربي المسلم، مازال البعض يتساءل ما فائدة تلك المجاهدات وقد انفصل الجنوب وذهب بدولته وبتروله؟ نقول لهم إنّ من جاهد فإنّما يجاهد لنفسه لا لحاكم ولا لزيد من الناس، فإنما الجهاد نية وعمل والجزاء من عند اللّّه تعالى وهو المطلع على سرائر القلوب، فقد كان الجهاد عزة ومنعة للسودان، ولولاه لأذاقنا الأعداء مرَّ العذاب، ومن يظن أن الهالك قرنق وأعوانه كان همهم إقامة دولة الأماتونج وعاصمتها جوبا فهو واهم وعلى عينيه رمد وعلى قلبه غشاوة، فقد تقاصرت كلماتهم وانهارت عزيمتهم لما رأوا بأس القوات المسلحة والمجاهدين، لقد علموا أن الخلاص إلى الخرطوم هو أول المستحيلات وليس رابعها، ولقد جاءت الأخبار متواترة ومؤكدة وهم لا يخفون ذلك، إن الهدف هو اقتلاع النظام وإقامة دولة علمانية في السودان تسجد للصليب وتسبح بحمد أمريكا وقبلتها الكنيست الإسرائيلي، وقد أنفقوا في سبيل هذه الغاية ملايين الدولارات وكونوا غرفة عمليات في دولة إفريقية مجاورة، وجاءت وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها العجوز الشمطاء مادلين أولبرايت وقالتها على الملأ إن الهدف هو الخرطوم ونظامها الحاكم، ولكن خاب فألهم، فتكسرت نصالهم عند الميل أربعين غرب وشرق، والميل (38) شرق، وتطاولت عنهم جوبا فلم يعد يخطر على بالهم أن يطأوا ترابها، وما كان ذلك إلا بمجاهدات أبناء السودان. أما القضية الأخرى فهي نشر دعوة التوحيد في الجنوب وفي إفريقيا والحمد للّه لقد آتت أكلها وأحسّت أمريكا وأوربا بأن الخطر قادم من السودان، وأن الإسلام ازدادت رقعته الجغرافية وتمدد في قلوب الأفارقة وامتلك عقولهم، فتحقيقاً لقول رسولنا صلى اللّه عليه وسلم: (لأن يهدي اللّه بك رجلاً خير لك من حمر النعم)، فكيف بالآلاف من أبناء الجنوب ممن بلغتهم دعوة الإسلام فآمنوا بها، وكم ممن حفظ كتاب اللّه وحسن إسلامه، فلو لم يسلم غير رجل واحد لكفانا أن نموت جميعاً من أجل هذه الغاية السلمية، ولكن أن يسلم الآلاف فهذا واللّه حري أن تراق كل الدماء له، فهو الغاية من وجودنا في هذه الأرض. فالخلاصة أنّ المؤمن عليه بالعمل وأداء الواجب أما النتائج فهذه بيد اللّه سبحانه وتعالى، فقد كان المطلوب أن يهبّ الناس للدفاع عن دولتهم ودينهم وعرضهم، أما أن تكون النتيجة وحدة أو انفصال فهذا ما لم نكن نعلم به لأنه علم الغيب لا يعلمه إلا اللّه، فالحمد للّه الذي وفق المجاهدين لما يحبه ويرضاه من إقامة شعيرة هي من أهم الشعائر، ولقد حق على جميع المسلمين في السودان أن يدعوا بالقبول للمجاهدين لأنهم ما كانوا ليؤدوا الصلاة ويقيموها في مساجدهم آمنين مطمئنين لولا هؤلاء النفر من المجاهدين الذين كانوا يحرسون الحدود حتى ينام الناس آمنين في سربهم ويؤدون شعائرهم الدينية بكل حرية وغيرهم ممن حرم من هذا الأمن وهذه الطمأنينة، ولا يستطيع أن يؤدي صلاته في المسجد أو أن يدعو فيه بدعوة التوحيد.
وأخيراً: إن تجربة القوات الخاصة هي تجربة مليئة بالدروس والعبر، والأمم القوية هي من تخرج من مثل هذه الظروف أكثر قوةً وأشدّ عزماً وأمضى شكيمة، فهذه التجربة قد أثبتت بياناً بالعمل أن النصر لا يأتي بالكثرة ولكن بنصرة اللّه تمسكاً بدينه وتوكلاً عليه وإقامة لسنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فالرجل المؤمن المتمسك بدينه القوي هو من ينصر الدين، ونتحدث هنا عن أهمية الإعداد لأنه من العناصر المهمة لتحقيق النصر، فما سمي خالد بسيف الله المسلول إلا لحنكة وقدرة عالية كان يمتلكها فسخّرها في سبيل اللّه، فكان سيف الله المسلول الذي أعز اللّه به الدين وفتح به الأمصار والدول، فكانت جيوش المسلمين تجوب أنحاء المعمورة تنشر الإسلام والسلام وتدك عروش الجبابرة وتخلص الناس من العبودية والذلة إلى عبادة رب العباد. وفي محور آخر نقول إنّ القوات الخاصّة ليس لها هم دنيوي فهي قد خرجت مجاهدة في سبيل اللّه تطلب الشهادة فنالها من نالها وبذلوا دماءهم وارتوت بها الأرض، فهم ليسوا طلاب دنيا ولا سلطة، ولكنهم مجاهدون يحمون بيضة الدين ويحمون حدود الدولة من الأعداء والمتربصين. والاهتمام بتدريب الفرد وتأهيله أفضل من صرف الأموال في الأعداد الكثيرة، والدليل على ذلك المعارك التي كانت بأفراد قليلين جداً والمعركة لم تستغرق ربع ساعة وعدد قليل من الشهداء والجرحى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.