إن الجهاد في سبيل الله من أعظم الطاعات وأشرف الأوامر الإلهية، ولأنه كذلك فقد أصبح الباب العظيم الذي يشرف إليه خواص الأولياء فيعرجون من خلاله إلى ربهم المتعال حيث السعادة العظمى وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. أولئك الذين يوفَّقون لسلوك هذا الطريق العظيم والاستمرار والثبات عليه يعبّرون عن التقوى الحقيقية وهي الصدق في اتباع أوامر الله تعالى واجتناب محارمه فيدخلون في حصن الله الذي يمنع الشيطان من الدخول إلى ساحاتهم والمكر بهم. فضل الجهاد والمرابطة لا يعلم فضل الجهاد وعظمته إلاَّ من فتح الله عين بصيرته وخرج من الجبن والرذيلة وقد قال رسول الله «ص»: «ما من خطوة أحب إليَّ من خطوتين: خطوة يسد المؤمن بها صفاً في سبيل الله وخطوة يخطوها مؤمن إلى ذي رحم قاطع يصلها». شروط الجهاد في سبيل الله للجهاد شروط أساسية بمراعاتها ينال المجاهد ما وعده الله من الفضل العظيم والزلفة والمغفرة وأهم هذه الشروط: القتال تحت راية الحق إن الجهاد من التكاليف الإلهية ولا يجوز للانسان أن يشرع من نفسه حالات الجهاد وكيفيته بل عليه أن يتبع الشريعة الإلهية التي تأمر بالجهاد في سبيل الله والإسلام وإعلاء كلمته. طاعة القائد من أهم شروط الجهاد في سبيل الله إطاعة القائد، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم». التقوى قال الله تعالى: «ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلَّة فاتقوا الله لعلكم تشكرون». الإخلاص وهو أن يقوم المجاهد لله وينفي ما عداه من نيته وغايته. فالدفاع عن الوطن أو العشيرة أو الشعب ينبغي أن ينطلق من طاعة الله والإخلاص له. وعندما يطلب المجاهد الشهادة أو يسأل الله أن يدخله الجنة فذلك لأنها وسيلة للقاء الله والقرب منه. الاستعداد العسكري «وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوَّكم». ذكر الله «يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً». النصر من عند الله «وما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم». «يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويُثبِّت أقدامكم». «إن ينصركم الله فلا غالب لكم». الصبر والثبات «يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلَّكم تفلحون». أحاديث في فضل الجهاد الأحاديث الواردة في فضل الجهاد والمجاهدين، والتحذير من تركه والإعراض عنه أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، ولكن نذكر طرفًا يسيرًا ليعلم المجاهد الصادق شيئًا مما قاله نبيه ورسوله الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم في فضل الجهاد ومنزلة أهله. ففي الصحيحين: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة «أخرجه مسلم في صحيحه، وفي لفظ له «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي؛ اللون لون الدم والريح ريح المسك» متفق عليه، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال حج مبرور .» وعن أبي عبس بن جبر الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أغبرّت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار رواه البخاري في صحيحه، وفيه أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من نفاق» وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم » رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القطان، وقال الحافظ في البلوغ: رجاله ثقات. نسأل الله أن يمنّ على المسلمين جميعًا بالرجوع إلى دينه، وأن يصلح قادتهم ويصلح لهم البطانة ويجمع كلمتهم على الحق ويوفقهم جميعًا للفقه في الدين والجهاد في سبيل رب العالمين حتى يعزهم الله ويرفع عنهم الذل، ويكتب لهم النصر على أعدائه وأعدائهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.