«كوشايت» للذين لا يعرفونها هي شركة حكومية تعمل تحت ظل وزارة الداخلية، وهي معنية بكل العمل التقني والتكنولوجي بالوزارة الحساسة، وبالتالي تمتد خدماتها لتطول كل أعمال الشرطة السرية منها والعلنية وتقدم استشارات فنية دقيقة في كل ما يتعلق بمطلوبات الشرطة الخاصة بالحوسبة رغم وجود إدارة عامَّة معنيَّة بهذا الأمر. أسوق هذه المقدِّمة الموجزة عن تلك الشركة الغريبة من خلال إعلان أكثر غرابة نشرته كوشايت في بعض الصحف السيارة لدورة الهكر والاختراق الأخلاقي، وقد اختارت الشركة لهذا الإعلان غلافًا خبيثًا من لونين أحمر وأسود برؤوس شيطانية يعرفها قراصنة النت وهي مجموعة قراصنة المجهول ذات القبعة السوداء والقناع المميز وجاء في الإعلان الموجه للعامة من الناس أن هناك «30» ساعة تدريبية «تخريبية» وهذه من عندي، لمدة ستة أيام مع توفير بيئة احترافية أكثر من (18GB) أدوات اختراق وحماية» انتهى الإعلان. وحسب معرفتنا المتواضعة بهذا الأمر فإن هذا الحجم من الكتل التدميرية يشكل خطراً كبيراً في الحرب الإلكترونية التي استعرت مؤخراً في السودان، ونقول باطمئنان الشركة الحكومية وقعت في خطأ فادح ومريع إذ وفَّرت بيئة أسلحة دمار شكلت واحدة من أخطر وأكبر الجرائم التي تسللت للبلاد وكادت أن تقضي على الأخضر واليابس ثم تأتي كوشايت وتجعل من هذا الإجرام متاحاً للعوام من الناس وإن تدثرت في ثوب الأخلاقي. مسألة أخرى يجب النظر إليها في هذا الإعلان وهي مسألة التدريب على وسائل الجريمة ومكافحتها التي ينبغي أن تكون تحت إشراف مؤسسات مختصة كوزارة الاتصالات ومركز المعلومات ونيابة المعلوماتية ومن ثم تحديد عناصر يتم اختيارها بعناية فائقة وب«فيش» للقيام بهذا الواجب الوقائي وليس من العوام، فما يدريكم أن يكون بين العوام هكر لا أخلاقي ويأخذ أدوات ال(18GB) في ستة أيام ثم يدمِّر بها السودان في يوم واحد. على شركة كوشايت أن تحسن فيما أُنيط بها من مهام وعليها أن تُحكم قبضتها على الجواز الإلكتروني ومشروع الرقابة الإلكترونية وشارات المرور الذكية وأن تراجع أعمالها الفنية المتعلقة بمشروع السجل المدني وتعيد لموقع وزارة الداخلية هيبته، وعليها أن تبحث فيمن أجَّر مساحات سيرفر جامعة الرباط بالباطن. أفق قبل الأخير الهكر والاختراق جريمة معروفة في قانون جرائم المعلوماتية للعام «2007» وعرَّفها القانون في الفصل الثاني جرائم نظم ووسائط شبكات المعلومات دخول المواقع وأنظمة المعلومات المملوكة للغير ويمكن لكوشايت أن تراجع نص المواد «4/5/6/7/8» وتعيد قراءة الإعلان الخاص بتعليم الهكر أولاً ثم الاختراق الأخلاقي. أفق أخير كوشايت.. بهذا تنشرون الجريمة.