لعل كل من سمع ببطولة العالم للهكر الأخلاقي يدخل للوهلة الأولى في حيص بيص ويتساءل بدهشة : هل هناك هكر أخلاقي وهكر غير أخلاقي ؟! خبراء حماية الأنظمة الالكترونية يجيبون على هذا السؤال الهام بنعم ، فالهكر غير الأخلاقي يعني قيام المجرمين باختراق المواقع الالكترونية للبنوك والشركات والحكومات وسرقة البيانات والمعلومات عبر أحصنة طروادة وارتكاب جرائم مالية الكترونية مثل السرقة والاحتيال أو تخريب تلك المواقع الحساسة عبر نشر الفيروسات والديدان الالكترونية الضارة ، وهذا هو الهكر الإجرامي وهو جريمة خطيرة تُواجه في كافة التشريعات الدولية بعقوبات جنائية مشددة ، أما الهكر الأخلاقي فهو قيام محترفين في مجال حماية أمن المعلومات بتحصين المواقع الالكترونية للبنوك والشركات والحكومات وحمايتها من جرائم القرصنة والتخريب وشن هجمات الكترونية مضادة على مواقع القراصنة بغرض تدميرها وهذا هو الهكر الأخلاقي الذي تُقام على شرفه بطولة العالم للهكر الأخلاقي في مدينة مياميالأمريكية! لعل أكثر الأخبار السودانية إثارةً للابتهاج في الآونة الأخيرة هو تمكن الفريق السوداني للهكر الأخلاقي من إحراز المركز الأول على المستوى الأفريقي والعربي وتأهله لنهائيات بطولة العالم للهكر الأخلاقي التي تختتم جولتها النهائية بمدينة مياميالأمريكية بتاريخ 29/10/2012م، من المؤكد أن الفريق السوداني المكون من ستة أفراد من الجنسين والمسمى بروكن سايفر (Broken Cipher) أو الصفر المُخترق ، والذي اشتكى في أكثر من وسيلة إعلامية سودانية من قلة الدعم المادي والمعنوى وعدم قدرته على الحصول حتى على قيمة تذاكر السفر إلى أمريكا ، هو صفر سوداني عظيم بكل المقاييس وهو صفر أكبر من كل الأرقام ويجب على كل الجهات الرسمية والشعبية في السودان أن تدعمه مادياً ومعنوياً حتى يقوم بتمثيل السودان على أكمل وجه في هذه البطولة العالمية الالكترونية الشديدة الأهمية. مما لا شك فيه أن انتصار فريق الهكر الأخلاقي السوداني المكون من شباب محترفين وهواة رغم قلة الإمكانات ووصوله إلى نهائيات بطولة العالم للهكر التي شارك في تصفياتها الأولية 250 فريق من جميع دول العالم بما في ذلك مصر، الأردن ، الإمارات العربية المتحدة ، إيران واندونيسيا ، سيكون أفضل حافز لكل مدارس الهكر العربية والأفريقية وسوف يشكل دعوة مفتوحة لكل الشباب العرب والأفارقة لاقتحام مجال حماية أمن المعلومات والمشاركة المنتظمة في بطولة العالم للهكر الأخلاقي لاكتساب أكبر وأحدث الخبرات الالكترونية الدولية في هذا المجال، فالواقع العملي يثبت للجميع أن هذا العصر هو عصر الحروب والهجمات الالكترونية ولعل آخرها الهجمات الالكترونية التي تعرضت لها شركتا رأس غاز وأرامكو في الخليج العربي ولهذا فإن حماية أمن المعلومات الالكترونية والتصدى لمخاطر القرصنة الالكترونية من قبل المواطنين الذين يدينون بالولاء الشديد لبلدهم قد أصبح عصب الأمن القومي في كل بلدان العالم لأن كل أموال وبيانات الحكومات والشعوب في الوقت الراهن، قد أصبحت مودعة في مواقع وأنظمة إلكترونية ولذلك فإن تأمين الحماية الالكترونية المشددة لتلك الأموال والمعلومات الوطنية يتطلب نشر مفهوم الهكر الأخلاقي وسط الشباب في كل بلد وتقديم الدعم المادي والمعنوي الرسمي والشعبي لتطبيقاته العملية ، وأخيراً يُمكن القول إن التصدي للصوص الطبيعيين هو بلا شك بطولة واقعية محمودة ولكن التصدى للصوص الانترنت بأحدث الوسائل الالكترونية هو بكل تأكيد بطولة إلكترونية كبرى تتضاءل أمامها كل البطولات الواقعية لأن البطولة الواقعية تستهدف حماية أموال شخص واحد أو عائلة واحدة بينما تستهدف البطولة الالكترونية حماية أموال وهويات جميع سكان الدولة بلا استثناء. sara abdulla [[email protected]]