ظلت قضية الصحة والنقص في الكوادر الطبية وتوطين العلاج بولايات غرب السودان مشكلة كبيرة تواجه السلطات الحكومية القائمة بالأمر وخاصة ولاية جنوب دارفور التي تعاني كثيرًا في هذا المجال لبُعدها عن المركز بجانب أن مستشفاه التعليمي بنيالا ظل يستقبل هو الآخر مرضى من خارج الولاية بل من بعض دول الجوار ولفترات طويلة مما أقعده عن التطور وأصبح حاله يحتاج لوقفة لإعادته سيرته الأولى، ولعل المستشفى التركي بنيالا الذي أصبح عنوانًا للعلاقات السودانية التركية كثر الحديث عن أسباب تأخير افتتاحه بعد تحديدها عدة مرات لكن هذه المرة أكد الجانبان التركي والسوداني الخطوات الفعلية للبدء في عملية التشغيل وبالفعل استقبلت ولاية جنوب دارفور الأربعاء الماضية وفدًا رفيعًا من الحكومة التركية بقيادة مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة التركية د. حسن شاغير برفقة مدير إدارة الطب العلاجي بالصحة الاتحادية د. عبد الله عبد الكريم وتم من خلال تلك الزيارة إجراءات التسليم والتسلم للمستشفى بين الشركة المنفذة ووزارة الصحة التركية والسودانية والصحة الولائية وتم تحديد شهرين لتشغيله فالمستشفى التركى الذي بلغت تكلفته الكلية أكثر من «50» مليون دولار كمنحة من الحكومة التركية للشعب السوداني ودافور بصفة خاصة وقد قامت ببنائه وتجهيزه الوكالة التركية للتنمية «تيكا» أصبح رقم «850» في منظومة المستشفيات التركية التي تقع تحت إدارة د. حسن شاغير وعقب إجراءات عملية التسليم عقد الوفد التركي والسوداني مؤتمرًا صحفيًا بمقر المستشفى بحي غرب الإذاعة بنيالا هنأ من خلاله د. عبد الله عبد الكريم ممثل الصحة الاتحادية مواطني دارفور بالبدء في الخطوات العملية للتشغيل، وقال إن مدير المستشفى التركي ونائبه وخمسة من الأطباء الذين جاءوا برفقة د. حسن سيبقون بنيالا لوضع الترتيبات الإدارية النهائية لتشغيل المستشفى الذي يسع ل«200» سرير وبه كل الأجهزة والمعدات المتقدمة والتخصصات الدقيقة لافتًا إلى أنه سيُدار بواسطة كادر تركي يقابله ذات العدد من الكوادر السودانية من الأطباء والاختصاصيين والكوادر الفنية والتمريض سيعلن فتح باب التقديم لهم قريبًا عبر وسائل الإعلام وقال إنهم سيعطون أولوية للكوادر الموجودة حاليًا بنيالا ثم لبقية المتقدمين متوقعًا بداية العمل خلال شهرين وأن يصبح المستشفى مرجعيًا، وأضاف أن الحكومة التركية التزمت بتشغيل المستشفى لمدة خمس سنوات بدفع تكلفة التسيير بنسبة «60%» من التكلفة الكلية التي التزمت الحكومة السودانية بما يليها منها، وقال عبد الله إن تلك الميزانية محسوبة على تسيير المستشفيات التركية التي يعتبر مستشفى نيالا رقم «850» ضمن منظومتها وأشار إلى أن مبادرة تركية أقرت إدخال مستشفى نيالا التعليمي والمستشفى التخصصي ليعملا كمنظومة واحدة مع التركي لزيادة السعة السريرية، أما د. حسن شاغير مسؤول المستشفيات التركية الذي تعد الزيارة الثانية له للبلاد فقد أشار إلى أنهم اتخذوا القرار السليم تجاه السودان سيما وأن الصحة شيء مهم جدًا خاصة في دارفور، على حد قوله، وتابع: «عندما أنشأنا المستشفى التركي قلنا مانمشي نتركه ساكت وهدفنا الأساسي هو كيفية التشغيل وأن يمضي العمل بصورة طيبة ومن جانبنا سندفع بأفضل الأطباء حتى ننقل التجربة التركية في مجال الصحة هنا في نيالا ورئيس الوزراء رجب اوردقان هو من يقف وراء هذا العمل، وبالتالي واجب علينا الوقوف مع الشعب السوداني»، مؤكدًا وصول الأطباء الأتراك للولاية خلال شهر إيذانًا لعملية الافتتاح والتشغيل، أما وزير الصحة بجنوب دارفور عمر سليمان آدم الذي استهل مشواره في الصحة عقب أداء القسم بحضور المؤتمر الصحفي المشترك للصحة السودانية والتركية بنيالا، فقد أكد أن خطوة التشغيل ستسهم في رفع المعاناة التي تواجه إنسان دارفور في مجال الصحة وتوطين العلاج لأن الصحة أمرها أصبح مكلفًا جدًا، وأشاد الوزير بمبادرة الأتراك والتزامهم بإدخال مستشفى نيالا التخصصي ضمن منظومة المستشفى التركي في عملية التشغيل، وقال إنها مهمة خاصة أن الكثافة السكانية بنيالا تفوق طاقة التركي مؤكدًا تعاونهم الجيد معهم في كيفية تأهيل تلك المستشفيات حتى تدخل المنظومة، وأشار عمر إلى أن الكثير من المعلومات التي تم تداولها حول تأخر افتتاح المستشفى التركي غير صحيحة، وقال إن الأسباب واضحة وهي تتعلق ببرتكول بين دولتين يحتاج لوقت طويل لإكمال الإجراءات والقوانين لكنه بشر المواطنين بأن الأمر أصبح حقيقة وبتأكيد الجانب التركي فإن التشغيل سيكون خلال الشهرين القادمين، عمومًا كثر الحديث حول هذا المستشفى والبعض ربطه بخلافات بشأنه بين الدولتين لكن مدير المستشفيات التركي د. حسن نفى ذلك، وأعلن أن التشغيل سيكون في تلك الفترة آنفة الذكر فهل يصبح الأمر حقيقة أم يطرأ مستجد آخر لا يجد له مبررًا طالما أكد الجانبان أن كل الإجراءات قد اكتملت؟