والحراك الإصلاحي يجب الاستماع إليه.. أمام بيتي شجرة يسمونها «برازيليا» وهي شجرة ظليلة كثيف ظلها، تتميَّز من دون أشجار الظل بصفق عريض في مساحته شديد الاخضرار يانع رقيق الملمس عند بدايته، هذه الشجرة أمرها عجيب، إذ أنها بدون أي مقدِّمات تبدأ في التخلص من صفقها عندما يصير قديماً ويابساً وشائط وشائخ، وقد لا يكون قد حال عليه الحول ولكنها تتخلص منه جميعه الفاسد منه والجاف الذي أفسده الزمن، ويتم ذلك في وقت وجيز كأنما هنالك حراك أنت لا تشعر به ولكنه يهز جذع الشجرة هزاً قوياً حتى تتخلص من ما أفسده الدهر من صفقها وضعاف فروعها، وترى الهيكل من بعد ذلك قوياً متماسكاً ليس هنالك فاصل بين التخلص من الفاسد واليابس والشائط والشائخ من الصفق وبين خروج الجديد منه للناس يانعاً صبياً شديد الخضرة ناعم الملمس كثيف الظل كأنما ينطبق عليها وصف الشاعر للخباز يدحو الرقاقة ونأخذ منه قوله بتصرف: «ما بين رؤيتها من دون صفق، ورؤيتها كاملة الصفق، إلا بمقدار ما تنداح دائرة، في صفحة الماءِ يُرمى فيه بالحجر، «أو كما قال الشاعر» وهذا يدل على رغبتها الحقيقية في التخلص من الفاسد والشائخ من صفقها بغرض التجديد والمحافظة على شبابها. وشجرة «البرازيليا» تختلف عن كثير من الأشجار إذ أن بعض الأشجار تتمسك بصفقها وفروعها ولا تتخلص إلا من القليل منه، ولما كان الصفق والفروع هي التي تغذي الشجرة وهي المخزن للماء وكثير من المواد فبمرور الزمن وفساد الصفق والفروع تقل القدرة على التخزين ويبدأ جذع الشجرة في الضعف وعدم القدرة على الصمود أمام العواصف وعوامل الطبيعة التي عندما تحدث لا يقف أمامها إلا الشجر القوي الأمين، والحكم وقتها على من هو القوي الأمين يكون بيد العواصف وعوامل الطبيعة التي لا يستطيع أن يقف أمامها بشر وليست هي بيد البشر. { للإنقاذ أو حزب المؤتمر الوطني شجرة اتخذها رمزًا وشعارًا لمرشحيهم خلال الانتخابات الماضية واستظل كثيرٌ من الناس بظلها دعماً للمؤتمر الوطني ففاز معظم مرشحيه في الانتخابات عندما صوَّت الناس لهم في وقت لم تكن الأحزاب مهتمة بالأحداث ولم تأخذ الانتخابات مأخذ الجد فانسحب بعضها بخيبته، ومن دخلها شكك في صحتها وهم يعلمون أن كشوفات الانتخابات لم يحثوا منتسبيهم على التسجيل فيها. الشاهد أن شجرة المؤتمر الوطني التي انفردت بالسلطة بعد اكتساحها للانتخابات ظلت متمسكة بفروعها وصفقها فشاخت الفروع وشاطت بمرور الزمن وفسد بعضٌ من الصفق وأصبح الظل ضعيفًا على من تحته وأصبح الساق أعوج وبدأ الناس يخرجون من تحت الشجرة وأهلها ينظرون ويسمعون وهي متمسِّكة بالصفق والفروع!! { يشاهد المتابع للأحداث في وطننا اليوم على المستوى السياسي أن هنالك حراكًا سياسيًا كبيرًا يجري وهو غير الحراك الضعيف الذي ألفناه يحدث من وقت لآخر من طرف القوى السياسية العقائدية والتقليدية بأحزابها ومتمرديها ومعارضيها. هذا الحراك الذي نشاهده اليوم خرج بعضه من تحت ظل الشجرة التي لم تكن كشجرة «البرازيليا» يوماً، وخرج بعضُه من ظل الحركة الإسلامية التي أصبح هناك اختلاف على مكوِّناتها ومسيرتها، وخرج بعضه من داخل الأجهزة السيادية ذات السلطة المطلقة والقوة الكبيرة. وهذا الحراك يرى الناس أن هنالك قاعدة كبيرة تؤيده وقد يئست من إمكانية تجديد الشجرة لما أفسده الدهر من صفقها وفروعها. وبالرغم من ذلك نرى أن الحراك الكبير المؤثر بقياداته وزعمائه وبسائحيه ومجاهديه الذين يبدو أن خروجهم من تحت ظل الشجرة قد تم، بالرغم من ذلك يرى الناس أنهم لا يزالوا يأملون أن تصبح الشجرة «شجرة برازيليا» تستطيع من نفسها أن تجدِّد ثوبها وتصون ظلها وتلفظ ما يبِس من فروعها وترمي ما فسد من صفقها وتخرج للناس طاهرة يانعة أفضل ظلاً وأكثر قوة ومقدرة على الصمود في مواجهة الأعاصير التي قد تأتي من سافل «مصر» أو من صعيد «سلفا» أو حتى من تحت الأقدام. لأن هؤلاء وأولئك وهم ونحن وعامة الناس والدين والأخلاق والقِيم وفوق ذلك ما يحبه الله ورسوله لا يرغب أحد أن نصل إلى ما وصل إليه أشقاؤنا وإخوة نحبهم. ولا نريد أن يكون وطننا مسرحًا لقتال على السلطة ولا مسرحًا للتدخل الخارجي. إن ما ينادي به الإصلاحيون الذين بدأوا في نشر فكرهم وأطروحاتهم من خلال الشبكة العنكبوتية بهدف إيصاله لكل الناس وسرعان ما سيحدث ذلك، نرى أنه جدير بالوقوف عنده بجد وبُعد نظر وتجرد وبتضحية مقدرة من قبل السلطة في اتخاذ الإجراءات التي تلبي ما يطالب به الآخرون دون المساس بالسيادة الوطنيَّة. ونسأل الله أن يحمي وطننا من نوائب الدهر وانفراط العقد وفساد البطانة وسوء تقدير أهل السلطة. { الفصل التاسع: أتناول في عجالة أمرًا خارج النص ولكن ليس بعيدًا عنه، وقد كتب فيه الكُتاب مطولاً وقال فيه الناس ما لم يقله نافع في السياسة. عجيبٌ أخي القارئ أمرُ أهل الإنقاذ، إنهم كثيراً ما يكونون بعيدين عن نبض الشارع ورأي الناس. إنهم لا يستمعون لما ينادي به الشارع ولا يقرأون ما يكتبه أصحاب القلم في صحفهم ولا يفهمون ما يقوله أهل الفكر في الندوات والفضائيات، إنهم يدفعون الناس للخروج عنهم والبُعد عن صفوفهم. عجيبٌ أمرهم، هل ترك الناسُ حديثاً يقولونه في موضوع الفصل التاسع الذي يريد البعض من أهل حقل التعليم إضافته لمرحلة الأساس؟؟ كان الناس ينتقدون أن تكون مرحلة الأساس ثمانية فصول التي فُرضت على الناس تسلُّطاً ويئس الناس والآباء والأمهات والمعلمون من إقناع الجهات المعنيَّة بخطورة أن يوجد طفل لم يتجاوز عمره الست سنوات مع مراهق قد يصل عمره إلى خمسة عشر عاماً!! وطفلة عمرها 6 سنوات مع فتاة في الصف الثامن عمرها خمسة عشر عاماً وقد تكون متزوجة!! عجيبٌ أمركم وهل بعد ذلك تسعَون لإضافة فصل تاسع؟ بئس ما تسعَون إليه، أليس بينكم من هو عاقل ينظر إلى الأمور بعقل لا بغرض؟ أليس بينكم من هو راشد وأنتم المسؤولون عن إرشاد النشء وتربيتهم؟؟ أليس لكم أبناء وأحفاد تخافون عليهم؟ إننا كآباء ومجتمع نرفض الفصل التاسع فإن فيه خطرًا عظيمًا، فمتى تشعرون؟؟