أول دخول الموبايل للسودان اهدتني بنيتي الحبيبة خلود أم الحسناء واحمد حرم اللواء شرطة «م» محمد كمال محمد السيد. أهدتني جهازاً كان في ذلك الزمان أعظم جهاز احضرته شركة ربطت اسمها باسم يبعث الوطنية في النفوس وتدفق الناس عليه وبمرور الزمن شاخت الشركة وشاخ الجهاز واصابته امراض الشيخوخة وعجزت الشركة حتى عن توفير البطاريات وعجزت عن ايجار ورش للصيانة ومع ذلك شاركنا الجهاز في مصاريف الأكل والشراب بحكاية «ارجو إعادة الشحن» بجانب قروش الصيانة المستمرة وهجرته وظللت أنظر إليه كذكرى عزيزة من أعز عزيز ورغم وصول أجيال في قمة التقانة الا أن قلبي ظل معلقًا به باعتباره أول جهاز اهدي إليّ وكما قال عمر بن أبي ربيعة كل منزل يألفه الفتى: وما الحبيب الا للحبيب الأول. وكثرت مني النقة والشكوى واخبرني أحد الأصدقاء بأن هناك شركة جديدة اسمها «زين» وأسعارها معقولة. وبدأت اتتبعها وفعلاً وجدت أعمالها تطابق اسمها زين في زين وخاتيه الشين أولاً وجدت في أموالها حق السائل والمحروم وتشارك المجتمع في صيانة المدارس وتدعم المساجد والخلاوي وتساعد الفقراء والمساكين وتقضي لكل ذي حاجة حاجته ما امكن إلى ذلك سبيلاً وتكرم العلماء والادباء والشعراء والفنانون ولها اسهامات مقدرة داخل المجتمع. «ثلاثة مستشفيات بيطرية متحركة» حضرت ندوة اقامتها «هيئة تنمية الرحل» برئاسة سعادة اللواء عبد الله علي صافي النور الذي ادار الجلسة وكان موضوعها «مكافحة البلهارسيا» التي انتشرت في الحفاير وموارد المياه وبرك مياه الأمطار في الرهود وحضرها السيد وزير الصحة المركزي الدكتور ادريس ابو قُردة «بضم القاف» وقدم العلماء والمختصون آراء جيدة ومفيدة للغاية في امر المكافحة . وهنا قدمت شركة «زين» للاتصالات ثلاثة مستشفيات بيطرية متحركة دعماً لتنمية الثروة الحيوانية بالمنطقة في ولاية شمال دارفور واهمها الإبل باعتبارها مورداً مالياً هاما من لحومها وشحومها وألبانها وابوالها وجلودها وأوبارها» ألم ترَ إلى الابل كيف خلقت» هذا بجانب الابقار والضأن والماعز وضان الميدوب الاسود المرغوب فراؤها في ركوب الابل من أجل الزينة ولشركة «زين» كل الشكر وفائق التقدير. زيارة فاشلة «لزين» خطرت لي فكرة تدخل «زين» التاريخ من اوسع ابوابه بالسودان وبافريقيا وبالامم المتحدة وبالدول المعنية. واردت مقابلة السيد المدير العام سعادة الفريق عروة الذي اعرفه حق المعرفة «واعرف كمان أبوه» سعادة اللواء محمد احمد عروة قائد الكتيبة السودانية في الحرب العالمية الثانية في شمال افريقيا وشاهدته وكتيبته في قناة «الناشونال جوقرافي» في برنامج «الحرب العالمية الثانية». واعرفه وزيرًا للداخلية رحمه الله كان من الشجاعة بمكان وحسن التفكير والتدبير وصدق الوطنية وكريم التعامل عليه رحمة الله. لا يضمر الفحشاء تحت ردائه ٭ حلو الشمائل عفيف المئرز كما أعرف سعادة المدير فريق عروة مديراً «لزين» عندما كان يمثل السودان بالامم المتحدة واحتفظ له بصورة رائعة يرتدي سماعات الأذنين الكبيرة بجلسات الأممالمتحدة وامامه البطاقة المكتوب عليها اسم السودان والعلم وكانت مفخرة بين الأمم. المقابلة التي لم تتم سألت عن مكتب سعادة المدير فأشاروا إلي على طود شامخ الذرى عمارة قاعدتها في الثرى وقمتها تعانق الثريا تطل على ملتقى النيلين روعة في الفن المعماري الذي يفوق ايوان كسرى بهاء وجمالاً وجلالاً ودخلت المبنى وراعني عدد الجالسين من الرجال والنساء من أرباب الحوائج والكل يأمل في حل مشكلته وتوجهت رأساً لرجل الاستقبال وكنت أرتدي افخم حلة عندي ادخرها للاعياد ومقابلة الحكام وعرضت لوحي منذ أن اشرقت الأنوار بمنزل أسرتي بمولدي إلى أن بلغت الثمانين من عمري واخبرته عن نشأتي ومراحل تعليمي من الخلوة والكتاب الى التعليم العالي وذكرت له نياشيني وانواطي ووشاحاتي والالقاب والرتب بالفي والمافي كل ذلك ليوصلني لسعادة المدير وبعد كل هذا الجهد الجهيد تكرم واوصلني لسكرتيره السيد المدير واعدت عليها تلاوة ذلك التعريف فقالت ماذا تريد وما هو موضوعك فقلت موضوعي هام هو رأي يفيد الشركة كثيراً واريد مقابلة السيد المدير وقالت المدير مافي ما موجود- ويبدو أنها زهجانة من ضغط العمل. وخرجت بخيبة أمل مكسور الخاطر مهيض الجناح وتذكرت ان امامي اعظم الابواب لتوصيل رأيي هي «جريدة الانتباهة الغراء» واسعة الانتشار مقروءة لمعظم الناس بالداخل والخارج قطعاً من بينهم سعادة المدير. الرأي المقترح سبق أن حضر للسودان العلامة المشهور الدكتور «الباز» وقدم محاضرة جيدة وقيمة جداً عن البحيرة المكتشفة في ولاية شمال دارفور عن طريق الأقمار الاصطناعية مدعومة بالصور والخرائط وحضر فخامة رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء والمستشارون والولاة وكل رجال الدولة والمثقفون وعامة الشعب وكانت متلفزة وشريطها موجود الآن بمكتبه التلفزيون القومي واخشى أن يضيع هذا الموضوع الهام جداً ويدخل ظلمات النسيان- وخطرت بذهني خاطرة هي ان هيئة الاتصالات «زين» التي اهدت ثلاثة مستشفيات بيطرية متحركة لا تعجز عن حفر بئر واحدة في قلب هذه البحيرة لسقي الماشية ولزراعة الأشجار لتثبيت التربة وتوقف الزحف الصحراوي وتقوم المشاتل لزراعة شجر الهشاب كمصدر اقتصادي كبير والأشجار تساعد في إدرار الأمطار ويتوسع الزرع ويمتلئ الضرع ويسعد الناس وزراعة الأشجار تصبح مصدر دخل للأيدي ادرار العاملة والعاطلة الآن «ضروري دعوة العلامة «الباز» ليحضر تدشين أول بئر في هذه البحيرة بالصحراء ودعوة الأممالمتحدة وأجهزة الإعلام العالمي والمحلي. دخول الأممالمتحدة والدول المعنية بالأمر اذكر في الأعوام (1992- 1993) عرضوا علينا «المشروع الأخضر» الذي تنفق عليه الأممالمتحدة وتقوم بالصرف عليه ووضع المشروع تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية ليزرع عامة الناس افراداً وجماعات أو مؤسسات أن يزرعوا أشجاراً في أي مكان على ظهر الكرة الأرضية والغرض من ذلك أن الأشجار تصدر غازات عن تمثيلها للغذاء بضوء الشمس على أوراقها وأهم هذه الغازات الأكسجين الهام لحياة كل المخلوقات وتفرز أيضًا غازاً آخر هام جداً ولعله غاز «الهليوم» الذي يتصاعد لطبقات الجو العليا لسد ثقب الأوزون «والأوزون» طبقة .... تحجب حرارة الشمس الحارقة والقاتلة من الأرض وثقبتها الغازات المصنعة للتبريد مثل غاز «الفريون12» والفريون 22» والأمونيا وموية النار للبطاريات الخ وتلك للثلاجات والمبردات وثلاجات الكيروسين «الجاز الأبيض» كل هذه أحدثت ثقب طبقة الأوزون الواقي من حرارة الشمس. وأثرت الحرارة على بلاد كثيرة واذابت الثلوج من الجبال واحدثت الفيضانات وتأثرت البيئة كثيراً في معظم انحاء العالم وقد شاهدنا في القنوات الفضائية أن أهل اليونان يقضون يومهم كله في البحر سباحة وفي المنازل نوافير لرش المياه للتبريد وبلاد كثيرة أخرى لذا تشجع وتصرف الأممالمتحدة للتشجير. وخير مثال لتشجير الصحراء هي مزارع «الصالحة بالقاهرة» في قلب الصحراء وأنتجت أشجاراً ضخمة وأشجار فواكه وأعلافًا وحولت المنطقة إلى إخضرار وأهدى للفريق عروة 4 صور لمزرعة صالحة الصحراوية والفواكه تكفي الاستهلاك المحلي وتصدر للخارج ويحتمل ألا يكون البرتقال الذي نستورده قد يكون من الصالحة الصحراوية. الخلاصة إذا حفرت شركة «زين» للاتصالات بئراً واحدة تكون بذلك قد نالت قصب السبق وقطعاً تليها الدول المكتوية بحرارة الشمس وتتوالى الآبار وتخضر الدنيا. وسعادة الفريق عروة أقدر من غيره على تحريك «المشروع الأخضر» الذي دعت له الأممالمتحدة بحكم وجوده بالأممالمتحدة سابقاً وقطعاً له أصحاب وأصدقاء هناك يمكنه استنفارهم لهذا العمل الإنساني النبيل في حماية البيئة وتحسين حياة الإنسان والحيوان معاً. وإن فعل سعادة الفريق عروة هذا فسيضاف اسمه مع مكتشف أمريكا ومكتشف رأس الرجاء الصالح والمهندس الفرنسي فيردناندلسيس الذي حفر قناة السويس التي أصبحت مورداً اقتصادياً هاماً لمصر وراحة لشعوب العالم المستخدمة الممر المائي عبر القناة. ويكون سعادته قد رفع اسم «زين» عالياً ورفع اسم السودان إلى أعلاه وهذه الأرض لنا فليعش سوداننا علمًا بين الأمم. «مع ذكر الشجر والتشجير نحيي عمنا كامل شوقي أول مدير سوداني للغابات.