لا شك أن الدافع السياسي كان يقف خلف توليد ولايتين إضافيتين لدارفور هما وسط وشرق دارفور وذلك بعد دراسة متأنية من المركز وقف خلالها على رغبة المواطن في عملية تقصير الظل الإداري وتحقيق نوع من التنمية والنمو الاجتماعي، فأوصت الدراسة بضرورة إضافة ولايات جديدة وإمكانية تقسيم ولايات دارفور الثلاث إلى خمس ولايات... «الإنتباهة» جلست إلى الدكتور يوسف تبن والي وسط دارفور لنقف معه على حقيقة الولاية المنسية إعلاميًا وتنمويًا. هل الولاية جاءت وفقًا لتطلعات ورغبات المواطنين ؟ بالتأكيد لأن الرغبة في إيجاد الولاية حسمت كل شيء وبالتالي فإن سقف التطلعات والآمال كان عاليًا جدًا مقارنة بحجم الإمكانات والموارد المتاحة والظروف التي تمر بها الولاية، ولذلك فإن المواطن حتى الآن لم يجنِ شيئًا، ونحن نحتاج إلى جهد كبير لتلبية تلك الطموحات ونحتاج إلى تكاتف الجميع. ورغم ذلك لكنكم الأضعف صوتًا في مطالبة المركز بما تحتاجون إليه؟ بالتأكيد للولاية خصوصية باعتبارها من أكثر الولايات تأثرًا بأحداث التمرد والنزاع القبلي إلى جانب النزوح الداخلي الكبير حيث يقدر عدد النازحين بحوالى «400» ألف نازح إلى جانب النزوح إلى ولايتي جنوب وشمال دارفور واللجوء إلى دولة تشاد وقد تأثرت المدن الداخلية وعواصم المحليات بهذه الموجة من النزوح من خلال الضغط على الخدمات والتأثير على حركة الأسواق وهروب رأس المال خارج الولاية وقلة الإنتاج ولا يزال الأمن يشكل هاجسًا كبيرًا على المواطن ولولا المركز لما استطعنا أن ننفذ كثيرًا من المشروعات. رغم ذلك تتحدثون عن خطط وبرامج لتطوير الموارد بالولاية؟ حقيقة الولاية تفتقر إلى الموارد الذاتية لكننا ملتزمون بإنفاذ الخطة الإستراتيجية القومية وهي قيد التنفيذ ربما هناك ضعف في مستوى التنفيذ بسبب قلة الإمكانات. وكيف هو واقع البنيات الأساسية في مجال الخدمات الضرورية؟ الخدمات تواجه ضغطًا كبيرًا وبالأخص التعليم، فالمدارس مكتظة وهل تصدق انه في احد الفصول «189» طالبًا وطالبة ولا يوجد اجلاس لذلك همنا الآن توظيف ما توفر من امكانيات لتحسين البيئة المدرسية ونسعى لبناء مدارس جديدة لتخفيف الضغط على المدارس واستطعنا بجهد خاص استقطاب بعض الدعم وشراء الكتب والاجلاس وكل هذه المشكلات انعكست سلبًا بأن جاء ترتيب الولاية في المؤخرة على مستوى الشهادة السودانية وعكسنا هذا الواقع للحكومة المركزية والسلطة الاقليمية خاصة ان نسبة العجز في المعلمين تقدر بحوالى «2500» معلم. وعمومًا الولاية تفتقر إلى وجود بنيات تحتية وهي معزولة تمامًا حيث لا يوجد خط للطيران مباشر لعدم وجود المطار وقبل ثلاث سنين تم اغلاق المهبط الوحيد في زالنجي ولم يتم استئناف الطيران الا في رمضان الماضي ولكن نحن الآن في مرحلة العطاءات لمطار جديد ونتوقع قبل نهاية هذا العام تسمية المقاول ويبدأ العمل في المطار الجديد في زالنجي، اما فيما يخص الطرق فهي غير موجودة والولاية تعاني كذلك من الغلاء الطاحن بالولاية حيث بلغ سعر جالون البنزين في الظروف العادية «25» جنيهًا واحيانًا يصل يصل الى «85» جنيهًا خاصة عندما تتأخر الأطواف التجارية وقد يصل سعر برميل الجازولين الى مليوني جنيه وهذا واقع مزعج جدًا لنا. اما طريق الانقاذ الغربي قطاع «زالنجينيالا» فقد اكتمل العمل فيه ولكن المشكلات لن تنتهي الا اذا ابتعدت الحركات المسلحة عن اعتراض الأطواف التجارية. يبدو ان الاوضاع الصحية متردية جدًا؟ هذا صحيح مثلما في التعليم كذلك المستشفيات مضغوطة جدًا حيث هناك ثلاث مستشفيات مكتظة بسبب تدفقات النازحين الكبيرة ولذلك نركز الآن على تطوير الرعاية الصحية الاولية وتمكنا حتى الآن من توفير «5» اختصاصيين داخل الولاية بدلاً من واحد اختصاصي ونسعى لبناء مستشفى تعليمي ومعمل مركزي وكيف تتعامل حكومتكم مع ظاهرة الاعداد الضخمة من النازحين؟ نحن ضحايا للنازحين بالولاية ولكن وجود النازحين بالمعسكرات هذا غير كاف، الآن نحن بصدد اعادتهم الى دائرة الانتاج وذلك بتوزيع التقاوي والمعينات الزراعية للمساهمة في عملية الانتاج إضافة الى التخطيط لبرامج العودة الطوعية، الآن رفعنا مشروعات لقرى العودة الطوعية والاولوية للقرى التي شهدت عودة طوعية كما بدأنا في عمل مشروعات نموذجية. وما هي طبيعة الواقع الامني وما هي ابرز المهددات بالولاية؟ بالتأكيد التمرد والاحتراب القبلي افرز حالة من الاحتقان بين قبائل الولاية المختلفة لدرجة ان اي احداث فردية تتحول الى احداث قبلية اما الحدث الأخير فيعتبر حدثًا مؤسفًا حيث أُريقت فيه كثير من الدماء بلغت اكثر من «500» شخص ولكن بعد مجهودات حكومة الولاية توصلنا الى اتفاق اقنع الطرفين بأن الاحتراب لا جدوى منه ووجدنا ان هناك رغبة اكيدة من الطرفين في العودة الى السلام ربما تظهر احداث فردية او سرقات متبادلة وهي احداث فردية مثل حادث قارسلا الذي ادى الى تصادمات راح ضحيتها عدد من قتلى بين الطرفين وعملية التسوية تجري الآن بين الطرفين ونحن الآن بصدد تكوين آلية لمراقبة تنفيذ الصلح ونتوقع من المركز اعانة الولاية في هذه القضية. وما تأثير الحركات المسلحة على الواقع بالولاية؟ صحيح الحركات المسلحة موجودة ولكن وجودها محدود بالولاية وتحركاتها محدودة، وهي تقوم ببعض العمليات الصغيرة وتختفي وبالتالي تأثيرها غير كبير ولكن الجديد في الامر ان الحركات المسلحة تمارس نشاطًا سياسيًا وسط المواطنين وتستغل الأحداث القبلية لتحريض الأطراف المتصارعة ضد بعضها البعض كما انها تهاجم الأطواف التجارية والتي تعتبر من اكبر الأنشطة التي تقوم بها الحركات الآن. ولكن معظم قادة الحركات المسلحة ينتمون للولاية كيف تستغلون ذلك لمصلحة الولاية؟ نحن على تواصل مع كل قادة الادارات الاهلية باعتبار ان هؤلاء جزء من الحركات وهذا هو السبب الذي جعل الأحداث التي شهدتها الولاية تفضي الى خسائر كبيرة خلافًا للحادث الاخير الآن ولدينا آليات ومفوضية للسلم والمصالحات ولجنة من الاجاويد ولدينا كذلك خطة وقائية الا ان احداث جبل عامر اثرت كثيرًا على الولاية وما زلنا نعاني من آثارها. هناك من يتهم حكومتكم بالتقصير وعدم القدرة على العمل؟ ضحك ثم قال: هؤلاء هم الذين يمثلون الفاقد الدستوري بالخرطوم، وانا اقول ان حكومة الولاية متناغمة وتعمل بنفس واحد لا تعوقنا الا قلة الإمكانات ولكن هناك من يعملون كخميرة عكننة لأن عملية التوظيف والتعيين بالحكومة تجاوزتهم.