عاشت اجزاء واسعة من ولاية الخرطوم طيلة ايام عطلة عيد الفطر المبارك وهي حبيسة الانفاس ومتوترة الاعصاب .. اسر عديدة على امتداد الولاية كانت قد وضعت الخطط والبرامج وخصصت الميزانيات للزيارات الاجتماعية للاستمتاع بأيام العطلة الا ان قسوة الخريف وعنفوان السيول والامطار اجهضت كل هذه الخطط وادخلت حكومة ولاية الخرطوم واجهزتها في امتحانات عسيرة وموازنات قاسية فمضت تلك اللحظات بلياليها بخطى متثاقلة او هكذا كانت تظن حكومة الولاية، كم من الاسر التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها هكذا في العراء بلا مأوى؟! انها اقدار الله وتقلبات الطبيعة والمناخات ولكن تبقى حكومة الولاية واجهزتها في مرمى نيران المواطنين وجماعة الرصيف السياسي فنالوا منها ونعتوها بالسقوط والفشل بعد ان تكشفت عوراتها وبانت مواقع عجزها، فالمشهد اذن عكس حقيقة غياب الرؤية المنهجية في سياسات التخطيط الاسكاني والهندسي وفق ما تقتضي ظروف الطبيعة وتضاريسها وجغرافيتها والمشهد ذاته اثبت حقيقة الفرضية التي ترى في سياسات وخطط الحكومة تجاه قضايا الاسكان الهشاشة والمجاملة واختلال ميزان الاولويات وضعف الآليات. ورغم المحاولات التي وُصفت بالعاجزة لعبور هذه المرحلة التي فقد فيها المواطنون بيوتهم والتي قدرت طبقًا للافادات الرسمية لاجهزة الولاية اكثر من 24 الف منزل، الا ان الخطر لازال قائمًا والخريف لا يزال بكرًا حسب افادات وتقارير وتوقعات خبراء الارصاد الجوي الذين يعتقدون ان احتمالات هطول امطار وسيول الايام المقبلة امر مرجح خصوصًا ان شهر اغسطس يعتبر هو ذروة الخريف الذي يستمر حتى اكتوبر القادم. «الانتباهة» حاولت ان ترسم صورة واقعية لطبيعة الاوضاع وما احدثته السيول والامطار في اجزاء واسعة بولاية الخرطوم وبالاخص في الريف الجنوبي لأم درمان وغرب امدرمان، حيث رصدت كميات كبيرة من السيول والامطار التي اجتاحت الريف الجنوبي واستمرت لاكثر من 12 ساعة واحدثت انهيارات كبيرة في المباني والممتلكات، وقد تحدث عددٌ من المواطنين في مناطق الصالحة وهجيليجة وجادين والشبيلاب والسلمانية عن الأضرار التي خلَّفتها السيول والأمطار هناك حيث تتحدث التقارير الأولية التي اعدَّتها لجان خاصة ان منطقة جادين وحدها بلغ عدد المنازل المتأثرة حوالى 300 منزل، وكشفت الجولة التي قامت بها الصحيفة عن غياب تام للأجهزة الرسمية والتنفيذية بحكومة الولاية ومحلية أم درمان في تقديم العون الإنساني واللوجستي للمتأثرين بهذه السيول علاوة على عدم فاعلية اللجان الشعبية في اداء مسؤولياتها الاساسية في مساعدة المواطنين في تخفيف معاناتهم، ووجه المواطنون انتقادات لاذعة للجهات الرسمية وللنواب البرلمانيين المعنيين بهذه المناطق سواء كان ذلك على مستوى المجلس الوطني او المجلس التشريعي الولائي، وقالوا ان هؤلاء النواب لا اثر لهم في خدمة قضايا جماهيرهم رغم انهم كانوا قد تعهدوا ابان حملاتهم الانتخابية بمعالجة مشكلات الطرق والمياه والصحة والتعليم والانفعال بكل قضايا قواعدهم، ولكن العضو البرلماني بالمجلس الوطني دفع الله حسب الرسول حاول التقليل من حجم الاضرار التي تعرض لها المواطنون وقال انه اتصل بمنسق اللجان الشعبية عبد البديع محمد حامد واكد له الاخير انه لا ضرر يُذكر وان المشكلة عادية وان كانت هناك معالجة مطلوبة فهي مسؤولية الولاية والمعتمدية وابلغ دفع الله «الانتباهة» انهم الآن في طواف على منطقة السلمانية واشار الى ان المنازل التي سقطت بهذه المنطقة حسب معلوماتهم لا تتعدى ثلاثة بيوت. اما الشيخ محمد الخليفة عبد الرحيم عضو المجلس التشريعي بولاية الخرطوم ورئيس اللجنة الشعبية بمنطقة جادين بالصالحة فقد اقر بان هناك ضررًا كبيرًا وقع على المواطنين لكنه ضرر قليل قياسًا بالعام السابق، وعزا ذلك الى عدم وجود المصارف السطحية، وقال انهم ظلوا يلاحقون الجهات الرسمية وابلغوا السيد الوالي لمعالجة هذه المشكلات لكن ليس هناك استجابة، على حد قوله، واضاف الخليفة انهم ينتظرون حصر الاضرار التي اصابت المواطنين لكنهم لم يستطيعوا التحرك بسبب هذه السيول. اما في منطقة التكامل بالصالحة فأبلغ «الانتباهة» الأستاذ رجب محمد بشير رئيس اللجنة الشعبية بقرية التكامل ان المنازل التي سقطت جراء السيول بلغت حوالى «100» منزل ولا يثزال الحصر مستمرًا للمتضررين وهناك منازل آئلة للسقوط مشيرًا الى انهم اخطروا الاخوة في غرفة الطوارئ والضابط الإداري بوحدة صالحة الادارية الاخ «الغالي» الا انه لم يقدم لهم اي مساعدة اما الإخوة البرلمانيون فوصفهم رجب بأنهم لا يُرجى منهم. والجولة كشفت كذلك ان المواطنين يعانون بشكل حاد من الازمة السنوية وهي الانقطاع شبه التام عن ام درمانوالخرطوم بسبب عدم وجود طرق او ردميات ترابية تربط بين هذه المدن وقرى الريف الجنوبي حيث تتوقف كل خطوط المواصلات وتقطع الكهرباء وتتوقف المخابز وتشل حركة الاسواق ويصبح امر الوصول الى آبار المياه عبر عربات الكارو امرًا صعبًا ان لم يكن مستحيلاً وهذه المشكلة تتجلى بوضوح في معظم قرى الريف الجنوبي وبالأخص منطقة جادين الا ان عددًا كبيرًا من الذين استطلعتهم الصحيفة حمَّلوا المحلية واللجنة الشعبية مسوؤلية كل هذه المشكلات الناتجة عن التراخي في ادخال الخدمات الضرورية. متابعات الصحيفة توصلت الى حقيقة ان حكومة ولاية الخرطوم او بالأحرى السيد الوالي شرع في تشكيل غرف عمليات «شبابية» بكل محلية لمتابعة ودرء آثار السيول والأمطار وهي محاولة من حكومة الولاية ربما لتجاوز الأجهزة الرسمية الأجهزة القائمة والمعنية بغرف الطوارئ، والغريب في الامر ان الغرفة الشبابية الخاصة بمحلية أم درمان عقدت اجتماعها الأول قبل يومين في مدينة العمارات بالخرطوم.