{ الأربعاء «14» أغسطس كان يوماً أسود في تاريخ مصر، لماذا؟ الأساس في نشأة الجيوش وتاريخها أنَّها وطنيَّة المنشأ، قوميَّة التوجُّه، مناصرة لأمَّتها دون انحياز، حامية لدماء شعبها دون تفريط، متمسِّكة بعقيدتها القتاليَّة القائمة على مبادئ أمَّتها وأساس هُوِيَّة شعبها دون تردُّد تأميناً للأرض والعِِرض وتحقيقاً للسَّلام والاطمئنان والرفاهية لشعبِها. كنتُ أسألُ نفسي أين يقفُ سعادة الفريق السيسي قائد القوات المسلَّحة المصريَّة «التي نعرفها» من هذه المبادئ وتلك الثوابت التي أعلم من خلال دراستي بأكاديميَّة ناصر العسكريَّة العُليا أنَّ الجيش المصري نشأ عليها وثبَّت قواعدَه وأسَّس بنيانَه فوقها ويتمسَّك بها قادتُه وجنودُه منهجاً وسلوكاً وفوق ذلك أخلاقاً وقِيماً. { أين الفريق السيسي من مبادئ وأخلاق وقِيم الرَّعيل الأول من قادة الجيش المصري الذين يحبُّون شعبَهم والذين حاربوا المعتدي في حرب السويس وإنتصرواعليه، وكيف صمدوا في حرب «1967م» واستطاعوا أن يجعلوا من الهزيمة فيها نصراً؟ { أين الفريق السيسي من حرب الاستنزاف التي قادها ونفَّذها ضباط أشدّاء خلال ستة أعوام أوقعوا فيها أكبر الخسائر بالعدو الإسرائيلي أين كان الفريق السيسي عندما خاض الجيش المصري حرب أكتوبر وحطَّم خطّ بارليف وفي ظهره شعب أبي يسندُه ويمدُّه بالرجال؟؟ { والسؤال يطرح نفسه، هل قادة الجيش المصري اليوم بقيادة السيسي هم من أولئك القادة والضباط الذين شاركوا في تلك الحروب وسجَّل التاريخ في صفحاته بأحرف من نور بطولات قادتها وضباطها؟ { مُؤكَّد أخي القارئ الكريم أنَّ القادة والضباط والجنود الذين نفَّذوا مجزرة رابعة العدويَّة وميدان النَّهضة ضدّ الشعب المصري بأطيافه المختلفة وضدّ النساء والأطفال الذين يرفعون شعار التظاهر سلميّاً، مُؤكَّد أنَّهم لا ينتمون إلى أولئك القادة والضبَّاط الذين كنا نستمع لتجاربهم وبطولاتهم خلال تلك الحروب التي أشرنا إليها. { مُؤكَّد أنَّ الذين نفَّذوا مذبحة الأمس في ساحات قاهرة المعز وميادينها وشوارعها ضدّ شعبهم وأمَّتهم لا يحملون جينات أولئك الصناديد الذين يُحبُّون شعبَهم ويُشيدون بمواقفه. { إنَّ الضبَّاط المنتسبين لدورة زمالة الحرب العُليا بأكاديميَّة ناصر العسكريَّة العُليا «1991 1992م» هم من الذين نفَّذوا كثيرًا من عمليَّات الاستنزاف ضدّ الجيش الإسرائيلي، وجميعهم شارك في حرب أكتوبر «1973م». { كانوا يتحدَّثون بفخر عن تضحياتهم من أجل وطنهم مصر وشعبها، وكيف كانوا ينفِّذون المهام التي يُكلَّفون بها خلف خطوط العدو، وكيف ينصبون الكمائن للجيش الإسرائيلي في صحراء سيناء والمضايق ويُوقِعون الخسائر بهم. { كان أولئك الضباط الذين شاركناهم قاعات الدراسة بأكاديميَّة ناصر العسكريَّة العُليا، كانوا يتحدَّثون بفخر عن الشعب المصري الذي خرجوا من صلبه، كانوا يُشيدون بسند المواطنين لهم والوقوف صفاً واحداً معهم وإمدادهم بالرجال ودعمهم للمعنويَّات. إنَّ ذلك الجيل من ضباط وجنود الجيش المصري هم الذين يستحقُّون أن يكونوا في قائمة الشرف رمزاً للجندي المصري الذي يحمي الأرض والعِرض ويُحافظ على حياة شعبه ودمائهم. هم الذين سيُسجِّل التاريخ في صفحاتِه بطولاتِهِم وتضحياتِهِم فخراً وعزةً. { ولكن ماذا سيسجِّل التاريخ في صفحاته عن الفريق السيسي وصحبه الذين يقتلون شعبَهم بدم بارد أمام نظر العالم كلِّه؟ { ماذا سيحكي ضباط وجنود الجيش المصري تحت قيادة السيسي للأجيال القادمة؟ { هل سيحكي الفريق السيسي ويكتب في مذكِّراته عن قتله لأبناء وطنه المسالمين بالآلاف؟ { وهل سيحكي الضباط والجنود الذين شاهدناهم وهم على أسطح البنايات يصطادون أبناء وطنهم لا يفرِّقون بين النساء والرجال والأطفال؟ { هل سيصفح الشعب المصري ويُسقط التاريخ من صفحاتِه أحداث المجازر التي جرت في ميادين مصر ومازالت؟؟ { ولكن من هو الفريق السيسي؟ { هل هو من أولئك الأبطال الذين خاضوا بعضًا من حروب مصر وملحمة العبور؟ سألتُ عنه أحد قدامى المحاربين من ضباط الجيش المصري الذين زاملناهم في أكاديميَّة ناصر العسكريَّة العُليا؟؟ قال عنه إنَّه من الجيل الذي أعقب ملحمة أكتوبر «1973م» ولم يشارك في أي حرب وليس له بطولات تميِّزه بين جيله وبعضهم قامات سامقات. وقال إنه من الصفوة التي حظيت بالرعاية الأمريكيَّة والتدريب لدى الجيش الأمريكي. وإنَّه غير معروف لدى الشعب المصري الذي يُحبُّ جيشَه ويوقِّر قادته وضباطَه وجندَه. { إذاً الفريق السيسي نكرة في وطنه وبين مواطنيه وضعته الحكومة في منصب ليس أهلاً له، وكُلِّف بمهام لم يكن أمينًا عليها. { إن التاريخ لن يرحمه، ودماء أبناء مصر ستبقى معلقة في عنقه، وهيبة الجيش المصري التي أساء إليها ستُلاحقُه. إنَّ قيادة جيش في عظمة الجيش المصري وتاريخه وبطولات قادته وسُمعته بين الجيوش العربيَّة وجيوش العالم ليست مهمَّة يُكلَّف بها أيٌّ مَن كان. سقط الفريق السيسي وأركانحربه سقوطاً لم يقع فيه الرئيس حسني وأركانحربه!! «أيحسب أن لن يقدر عليه أحد» فلنترك السيسي ليحكم عليه التاريخ وشعب مصر والعالم وفوقهم ربُّ العالمين. { ولكن هل سيتعلم أهل الحكم والساعون له في معظم الدول العربيَّة من الذي يجري في مصر؟؟ { أليست تلك الأحداث التي جرت في مصر تنبيه للإسلاميين في وطننا لجمع صفوفهم وتوحيد كلمتهم بدلاً من الصراع فيما بينهم؟؟ { أليس ما يجري في الشقيقة مصر تنبيه لأهل الحكم للعمل على جمع الصف الوطني بتقديم التنازلات والجلوس للحوار والاستماع إلى الآخرين من القوى السياسيَّة؟؟ { ألا يجب على الأحزاب السياسية أن توحِّد صفوفها وتتصالح مع قواعدها وترتفع إلى مستوى العمل السياسي المسؤول الذي يضع مصلحة الوطن فوق المطالب الحزبيَّة؟؟ { ألا يجب على المعارضة مجتمعة أن تضع مصالح الوطن نصب أعينها وتعمل على قواعد تبادل السُّلطة سلماً؟ { هل كان يتوقع أيٌّ منكم أن يصل الاختلاف السياسي في مصر إلى ما وصل إليه؟ { هل بيننا من يسرُّه أن يصل وطننا إلى ما وصلت إليه مصر وأن يتعرض شعبُنا لما يتعرَّض له شعب مصر اليوم؟؟ نسأل الله العليَّ القدير أن يحفظ وطنَنا من المحن والإحن ومن نفاق السَّاسة والسِّياسة ومن فتنة السُّلطة.. آمين.