بسم الله الرحمن الرحيم يقول أهلنا في مصر بأنها (أم الدنيا)، ونحن (النوبيين) بالطبع عندنا رأى آخر، وهو أننا شعبا وأرضا وتاريخا أم الدنيا، لكن ما علينا ، كل يغني لليلاه، وليلانا نحن ارثنا النوبي الموغل في التاريخ. كما يحلو لهم ايضا في مصر القول بأنها مصر (المحروسة). أمن على ذلك المرحوم العارف بالله الشيخ البرعي، طيب الله ثراه صاحب (مصر المؤمنة بأهل الله). الشعب المصري شعب من أعرق الشعوب، وجابه الكثير من المصائب والمشاكل والمخاطر والأزمات والكوارث والنكسات، ومنذ أن وحد الملك مينا القطرين (الوجه القبلي والوجه البحري). وقد نكون نحن المعنيين بالوجه القبلي!! لم يخلو الأمر من هكسوس وتتار وصليبيين وحملة فرنسية واستعمار تركي (الدولة العثمانية) واحتلال بريطاني، وعدوان ثلاثي وحروب اسرائيلية، لكن بقيت مصر هي مصر لم تهتز، ولم تنقسم أرضا أو شعبا. فالمصري ومنذ اقدم العصور يعتقد اعتقادا جازما بأن بلاده هي هبة النيل، وهي أم الدنيا، ومصر هى (أمه ومصدر فخره) ولا يساوي شئ بدون مصر، وترابها هو عشقه الأبدي. وتاريخه هو تاريخ البشرية كلها، وأنه لا يوجد شعب في العالم كله يستطيع أن ينكر الحضارات المصرية القديمة، وأن كل شعوب العالم تحج الي مصر سياحة للتزود بعبق التاريخ المصري القديم (مش كان نحن أولى بذلك!!). تعرف القاهرة بأنها مدينة (الألف مئذنة) منذ ما يقارب القرن من الزمان، فكم هي الآن ياترى؟!! وماذا يعني ذلك؟ مصر هي مقر الأزهر الشريف الذي أصبح المرجعية الأولى (علما وفتوى) للمسلمين في كل اركان البسيطة. بها أعلم علماء الدين والمجددين فيه وافضل الدعاة الذين ينتشرون في كل بقعة من بقاع الكرة الأرضية. مصر هي جامعة القاهرة والاسكندرية وعين شمس وحلوان وغيرها من الجامعات (المصنفة عالميا)، وتزخر بأفضل العلماء والأساتذة والباحثين في (كل) مجالات وفروع العلوم الانسانية والطبيعية (16 جامعة). مصر هي طه حسين والعقاد وشوقى وحافظ ابراهيم ومحمد عبده والسنهوري وسعد زغلول والنقراشي وأحمد عرابي ومحمد فريد ومكرم عبيد وأنيس منصور وموسي صبري وهيكل ومطفى محمود ويوسف السباعي. مصر هي أحمد عرابي وناصر والسادات والشاذلي وابوغزالة والجمصي وأحمد اسماعيل علي. ورثوا حبهم للوطن من عهد مينا وخوفو وخفرع ومنقرع ورمسيس واخناتون وأحمس وتحتمس وتوت عنخ آمون وحتشبسوت ونفرتيتي وكليوباترا، وصلاح الدين الأيوبي وبيبرس وقطز وعزالدين أيبك وشجر الدر والسلطان الغوري ومحمدعلي. تشبعت جينات الشعب المصري بكل أنواع (الأعاصير) السياسية والأزمات والكوارث، و(تمسكوا بدينهم) والتوحيد وعبادة آمون، والتوحيد بعد اخناتون (يعتقد البعض أنه نبي الله ادريس) وعبادة الله الواحد الأحد، وخرج اليهود منها مع نبي الله موسى عبر البحر الأحمر، وقبلها تزوج نبي الله ابراهيم منها (من عندينا)، وتوحدت مصر تحت المسيحية لقرون طوال حتى من الله على أغلبية شعبها بالاسلام وفتح عمرو بن العاص، ودافعت ونافحت بكل غال ونفيس من أجل الاسلام والعروبة. مصر هي الأزهر والحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد أحمد البدوي والشاطبي وسيدي جاير والمرسي أبوالعباس. مصر أم صلاح جاهين وصلاح عبدالصبور والأبنودي وأحمد فؤاد نجم وبيرم التونسي وأحمد رامي وفاروق جودة وكامل الشناوي. مصر هي التي تغنى لها الكابلي (مصر يأخت بلادي ياشقيقة). مصر التي قال عنها صلى الله عليه وسلم بأن أهلها سيكونون في حالة رباط الى يوم القيامة. أمة مثل هذه الأمة (هل يحق للآخرين) التدخل في شؤونها وخياراتها؟ أمة مثل مصر هل يجرؤ أحد على (التشكيك) في ايمان شعبها العميق بالله الواحد الأحد و بسيد خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!!! ما هو دور التكفيريين في مصر؟ وماذا يريد السلفيون من الشعب المصري؟ وماذا يخطط الأخوان المسلمين لمستقبل مصر؟ وما هو دور (الاسلام السياسي) في كل ما يحدث الآن بمصر، وما هي أهدافه؟ وهل تتفق هذه الأهداف مع واقع الشعب المصري ؟ ما هو دور الولاياتالمتحدة وأوروبا في ما يجري الآن؟ ما هي مصلحة تركيا ولماذا تلعب هذالا الدور الغريب ضد كل من مصر وسوريا ولحساب من؟ أما تلك الدولة العربية التي لا يتعدى تعداد سكانها عدد سكان حى واحد من أحياء القاهرة فدورها مخز لها وللعروبة وللاسلام!!! أدلى الجميع ،بما في ذلك زعيط ومعيط ونطاط الحيط (على رأى كمال شداد) برأيهم في ما يحدث بمصر منذ ثورة 25 يتاير 2011 حتي ابعاد الرئيس مرسي من الحكم عن طريق مظاهرات 30 يونية، ووزير الدفاع السيسي الذي اعتبره الجميع، بما في ذلك الغرب (ناصر) الجديد. هنالك من يقول أنه (انقلاب عسكري)، وهنالك طرف ثان (يرفض) هذا الادعاء ويؤكد على مساندة الجيش لوقفة الشعبورفضه لحكم الأخوان بعد عام واحد من تسنمهم لزمام الحكم، خاصة بعد اعتراف مرسي (بعضمة لسانه) بارتكابه لأخطاء. وفريق ثالث يقول ان لم يقم السيسي بهذه الحركة لضاعت مصر وثورة 25 يناير!! الاسلاميون هم من وراء الادعاء بأنه (انقلاب على الشرعية). شباب الثورة والجيش والشرطة يجزمون انه انتصار لثورتهم التي (سرقت منهم) بواسطة الاخوان، كما حدث في تونس وليبيا. أما من يوصفون (بالفلول) من اتباع نظام مبارك فيحاولون اقناع الشعب بأنهم يناصرون ما حدث في 30 يونية وبالتأكيد في حالة (شماته) حقيقية في ما حدث للاخوان، ويأملون في اطلاق سراح بقية الأفراد المعتقلين وقيد المحاكمة من نظام مبارك، نظرا لضعف الأدلة (طبقا للقانون المصري الحالي)، كما حدث في حالة الرئيس مبارك. أقول لأهلي في السودان ولكتاب المقالات والأعمدة بكل الصحف (دون استثناء) والذين وقفوا ضد حركة (ثورة) 30 يونية (المصرية طبعا، والله يكرم القارئين)، هل نسيتم أن من أسباب نجاح ثورة أكتوبر 1964م السودانية ضد حكومة نوفمبر ضغط صغار الضباط على المجلس العسكري ورفضهم ضرب الشعب؟ وهو مماثل لما فعلة السيسي. كما أننا لا ننسى أن من أسباب نجاح ثورة ابريل 1985 ضد نظام مايو تسلم سوار الدهب وقيادات الجيش للحكم لفترة عام كامل، ولم يجرؤ أحد أن يطلق عليها (انقلاب). هل تذكرون (مذكرة الجيش بقيادة المرحوم فتحي أحمد علي) في فترة حكم الصادق المهدي قبل قيام انقلاب الانقاذ مباشرة ، وهو ما فعله السيسي مع الرئيس مرسي يوم 22/6/ 2013، لكن الأخير لم يرضى برأى الجيش وتحداه وتفاقمت المشكلة بينه وبين الجيش بعدها وحدث من نعرفه كلنا. ثانيا، هل يرضيكم ما يجري الآن بسوريا، رغما عن كل جرائم البعثيين، من تدخل عالمي وبقيادة الأخوان والسلفيين والقاعدة؟ تقدر الجهات المحايدة بأن حوالي 80% من محاربي الجيش الحر بسوريا أنهم من الأجانب، وتمويلهم المادي وبالأسلحة من الغرب المعادي للاسلام (!!) والدولة العربية الصغيرة اياها. هل تريدون أن يحدث بسوريا ما حدث بليبيا القذافي؟ ولمصلحة من؟ بالتأكيد ليس لمصلحة الشعب السوري أو العالمين العربي والاسلامي. بل هل نسيتم ما (بشركم) به القذافي نفسه في مؤتمرالقمة العربي بعد اعتقال صدام حسين بأن سكوت القادة العرب مرفوض بالنسبة له، وأن (الدور جاي عليكم كلكم واحد واحد!!)، وللعجب وسخرية القدر كان أول من (تبسم بسخرية) لمقولته هذه (بشار الأسد) الذي يواجه الآن ما تنبأ به من كانوا يطلقون عليه (المأفون والمعتوه)!!! الآن جاء الدور بعد تدمير سوريا، جاء الدور علي قلب العالم العربي (مصر) حتى تخلو الساحة لأسرائيل بعد القضاء على العراق وسوريا ومصر، أى أقوى جيوش المنطقة، فابشري بطول سلامة يا اسرائيل، وتفرغي للقضاء على ما تبقى من السودان من جهة الشمال ومن جنوبنا السابق المغلوب على أمره!!! (وقع ليكم؟). هل سألتم أنفسكم عن ما هي (حقيقة فوز مرسي) بالانتخابات الأخيرة، ومن كان وراء ذلك الفوز ، وخروج أحمد شفيق من مصر حتى تاريخه؟ ولماذا ذهبت (كل قيادات الأخوان) الى الولاياتالمتحدة (قبل الانتخابات)، بما في ذلك (الممنوعين) من دخول الولاياتالمتحدة؟ سؤال اتركه ليجيب عليه كل من يمتلك عقل.أزيدكم؟ لماذا مات / قتل عمر سليمان بأميريكا؟ وماذا فعلتم تجاه ذلك؟ سرطان!!!!!! اننا نصدق ما يصادف هوانا وننساه كأنه لم يحدث يا ذوي الألباب!! السؤال المشروع الآخر لك عزيزي القارئ، ومن شخص عاش بمصر ما يقارب السبع سنوات (بكالوريوس وماجستير)، ما هو الدور الفعلي (للجيوش والشرطة) في أى دولة من دول العالم، ومصر جيشها لايقل عن مليون من مجند لمحترف، وشرطتها تقارب نفس العدد؟ اليس من أوجب واجباتهم حماية الوطن والدستور؟ أى حماية الدولة والمجتمع. دلوني عن جيش ما في دولة ما يسمح بمهاجمة معسكراته ومنشآته ومنسوبيه وقتلهم بواسطة مدنيين، ومنهم أجانب، ويقف موقف المتفرج. هل يقبل مدني أو عسكري (شرطة أو جيش) بأن تهاجم الأقسام ومديريات الأمن والرئاسات الشرطية والسجون، ويذبح اللواءات والأفراد بدم بارد ويقف موقف المتفرج. على من ينكر أن ما حدث بميدانى رابعة العدوية والنهضة والمساجد من فوضى ومتاريس ومناطق تجميع أسلحة بأنواعها ومراكز للتعذيب لمن هم خارج الجماعة أو خرجو منها وطالبوا بالسلمية والحوار، واختلال للمباني والتفتيش الشخصي لسكان العمارات المجاورة والتعذيب لمن يشكون في أمرهم ومنهم أطباء، هل من الممكن أن يتقبل هذا الأمر ان حدث في بلادنا هذه. عليهم مراجعة اشرطة الفيديو التي نقلت في (بث حي) بكل الفضائيات (مع وضد) وملاحظة وجود المسلحين والملثمين والذين يلقون بالآخرين من أسطح المنازل، والتصريحات التهديدية من القيادات المعتقلة الآن من منصات الميدانين (البلتاجي وصفوت حجازي وبديع). هل يقبل جيش بقوة وهيبة جيش مصر الرهيب المحترف (أقوى جيوش افريقيا والشرق الأوسط) بمثل هذه الفوضى المؤدية الى تفكيك الدولة والغاء المؤسسية وترويع المواطنين و تدمير الاقتصاد والبنيات التحتية؟ جاءت الاجابة واضحة وحاسمة من السيسي الذي قال أمام ضباطه وفي بث حي لكل الشعب المصري (الأفضل لنا أن نموت). كلنا يعرف أن كل ما يرقى بالانسان وكرامته فهومن الاسلام. الارهاب يتغذى على نهش لحم الديموقراطية. والاسلام هو منبع الديموقراطية الأساسي. أقول لكل من يتدخل في الشأن المصري، أو يقف مع جانب ضد الآخر وفقا لهواه أو ميوله السياسية أو لجهل، اتركو مصر تختار مصيرها وتحددة طبقا لآلياتها الموروثة والتى لا تشبه أى ألية يمكن أن يفكر فيها من هو غير مصري. من يتآمر على مصر فهو كالثعبان الذي يلدغ نفسه وينتحر، أو كمن يسدد سهمه الى نحرة فيموت منتحرا. أرفعوا أيديكم عن مصر فانها مؤمنة. أللهم نسألك اللطف (آمين). بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير جامعة الجزيرة 17/8/2013م [email protected] صحيفة الجريدة