تمرّ يوم الثلاثاء 20/ أغسطس 2013م الذكرى الخامسة عشر لتدمير مصنع الشفاء للأدوية. هذه المرَّة مجلة The New Yorker ترفع الستار...حتى الآن لم تعتذر أمريكا ولم تدفع تعويضاً للسودان، عن قصفها الهمجي لمصنع الشفاء للأدوية. لقد مارست ضد السودان الإرهاب، وهى التي تضعه على قائمة الإرهاب منذ أغسطس 1993م... لكن في 20 أغسطس 1998م... لماذا لم تقصف صواريخ أمريكا معسكرات الإرهاب المزعومة، وقصفت مصنعاً للدواء؟. لقد نسفت صواريخ أغسطس الدعاوى الأمريكية بأن السودان دولة ترعى الإرهاب. في حقيقة الأمر لقد شطبت صواريخ أغسطس السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب. وذلك نظراً لأن صواريخ أغسطس لم تجد في السودان معسكراً ارهابياً واحداً لتدمره، فاختارت منشأة مدنية بريئة هى مصنع الشفاء للأدوية. إذا كان السودان حقيقة يرعى الإرهاب فلماذا لم تدمر الصواريخ الأمريكية أولئك الإرهابيين؟. لماذا لم تدمر أمريكا معسكرات الإرهابيين في السودان مساء 20/ أغسطس 1998م، مثلما دمرت في نفس المساء معسكرات (الإرهابيين) في أفغانستان. والآن حصحص الحق في 29/ يوليو 2009م عندما وقف الجنرال (سكوت غريشن) أمام الكونجرس ليعلن أن السودان يجب أن يشطب من قائمة الإرهاب،لأن CIA لم تقدم دليلاً واحداً يثبت ذلك. وأن وضع السودان في تلك القائمة وضع سياسي. لكن رسمياً حتى الآن لم تشطب واشنطن السودان من قائمة الإرهاب. ذلك بينما شطبت صواريخها قبل أحد عشر عاماً اسم السودان من تلك القائمة. ظلت ألسنة اللهيب والدخان ورائحة المواد المحترقة تتصاعد من حطام مصنع الشفاء للأدوية، وتناثرت على أرض المنطقة الصناعية بحري، بقايا ماكينات المصنع، إلى جانب شظايا وقطع صواريخ (توماهوك). وظلت كذلك في بريطانيا وأمريكا، تتصاعد ألسنة الحقائق ولهيب المعلومات، لتصل التقارير الصحفية الأمريكية والبريطانية، التي كشفت عن ملابسات وخطأ قصف مصنع الشفاء إلى أكثر من مائة وعشرين تقريرا، نشرتها كبريات الصحف والمجلات الأمريكية والبريطانية. وكان كلينتون وكوهين وأولبرايت وبيرجر من المحترقين بنيران الحقائق المتصاعدة.الثلاثي وليم كوهين وزير الدفاع ومادلين أولبرايت وزير الخارجية وساني بيرجر مستشار الأمن القومي، كلّهم من اليهود الأمريكيين الصهاينة. وكذلك كان (بنيامين ناتنياهو) كان من المحترقين، فقد أرسل برقية تهنئة إلي الرئيس كلينتون، بعد لحظات من تدمير مصنع الشفاء. ونشرت مجلة The New Yorker الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 12/10/1998م مقالا داوياً حمل عنوان (صواريخ أغسطس The Missiles of August) كتبه الصحفي البارز (سيمورهيرش) Seymour M.Hersh الحائز علي جائزة (البوليتزر). وقد اشتهر بالمقالات التي تستند علي التحريات الواسعة. كشف مقال(سيمورهيرش) ملابسات قصف مصنع الشفاء. حيث أوضح أنّ قرارالقصف أُخفي عن أربعة من قيادة الجيش الأمريكي الخمسة، كما أُخفي عن رئيس جهاز المخابرات الفيدرالية FBI المستر (لويس فريه) وذلك (لأنّ كلينتون يشكّ في ولائه السياسي). كما كشف مقال The New Yorker اعتراض وزير العدل الأمريكي (جانيت رينو) على قصف المصنع لعدم توفر الأدلة. وقد أحدث مقال (صواريخ أغسطس) صدى واسعا في الصحافة البريطانية. حيث كتبت تقارير إستناداً إليه صحف الغارديان والتايمز والإيفننج ستاندارد التي كتبت مقال (الرئيس كلينتون : مفضوح بصواريخه) بتاريخ الأربعاء 7/ أكتوبر 1998م Shamed By his own Cruise Missiles. وانتقد اللورد ماكنير في 23/9/1998م في كلمته أمام مؤتمر حزب الديمقراطيين الأحرار، الذي عقد في مدينة برايتون، قصف مصنع الشفاء للأدوية. وكتب (هنري كسنجر) مقالأ نشرته الديلي تلغراف بتاريخ 15/10/1998م يقترح فيه وضع وصاية على الرئيس كلينتون في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجيّة. حيث قارن (كسنجر) بين أزمتين، هما عملية عزل الرئيس نيكسون وعملية عزل الرئيس كلينتون، التي بدأت بسبب فضيحة (مونيكا لوينسكى). هذا وقد كشف تدمير مصنع الشفاء أسراراً هامة، في سياسة الدول الغربية تجاه السودان، ما كان لها أن تُكشف... لاحقاً سنرى...