بدا عطف الطبيب وفيرا على نصير الإلحاد الدكتور حيدر إبراهيم علي ولذا غض النظر عن سفاهاته وسوء أدبه في الخطاب. أليس الدكتور حيدر هو الذي وصف حديث الشيخ الواعظ المربي والأستاذ الجامعي دفع الله حسب الرسول بأنه طفح مجارٍ؟! أوليس الدكتور حيدر هو من اتهم الصحفيين السودانيين بأنهم مرتشون وأنهم من أكلة أموال يتامى؟! وقد قال الدكتور حيدر ذلك ونسي أنه كان إلى قبل أشهر قلائل يتقاضى المكافآت السخية من صحائف الخرطوم وبالذات صحيفة (الصحافة) العلمانية اليسارية التوجه! وهذا فوق ما تقاضاه في الماضي ويتقاضاه حاليًا وما سيتقاضاه في المستقبل من أموال المنظمات الأمريكية المشبوهة ذات الأجندة الخفية في محاربة الإسلام والمسلمين؟! وبالله ربكم كيف ليساري ماركسي عتيد مثل حيدر إبراهيم أن يقتات من أموال اليمينيين الأمريكيين إن لم يكن شخصًا جشعًا غير مبدئي وليس لديه (قشة مُرّة) على الإطلاق، ويستطيب الرتع في مراتع العمالة كلها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار؟! سوء أدب الدكتور حيدر وأعود فأوجه سؤالي إلى صديقه الحبيب الطبيب العجيب حامد فضل الله لماذا لم يقرأ مثل هذه العبارات الشائنات وهي غيض من فيض من إنشاء صديقه غير المؤدب الدكتور حيدر إبراهيم علي؟ أم أنه يا ترى قرأها بالعين الواحدة، عين الرضا، وانتهى من تشخيصه لها على أنها عبارات مهذبة ما من بأس بها ولا بؤس؟! وأثبت بذلك أنك طبيب ذو تشخيص آحادي مريب معيب! إغفال المحتويات وانحصر حديث الطبيب العجيب في الترويج لكتاب الملحد المجاهر والمفاخر بإلحاده والداعي إليه بإلحاح الدكتور محمد أحمد محمود، وفي الوقت نفسه أغفل محتويات الكتاب ولم يعرض إليها من قريب أو بعيد. وما ذلك إلا لأنه يريد أن يدس سم الكتاب القاتل في دسم مغر شائق تمثل في وصفه للغلاف الذي قال عنه: »ومنذ استلامي الكتاب بغلافه الملون وتناسب وتناسق العنوان مع حجم الغلاف بجانب اختيار الخط والتبويب معطيا الكتاب بعدًا جماليًا يتناسب مع جلال الموضوع الذي يناقشه«. وفي مقال سابق له بعنوان (إصدار جديد جديد مثير) اهتم الكاتب أيضًا بالحديث عن غلاف الكتاب ونوع الخط الذي صدر به فقال: »إن اختيار الخط والتبويب وصورة ولون الغلاف يعطي الكتاب بعدًا جماليًا يتناسب مع جلال الموضوع الذي يناقشه«. وهذا نوع من الجهل المفرط لأن غلاف الكتاب ونوع خطوطه وإخراجه بشكل عام هي أمور فنية يتولاها الناشر ويعهد بها إلى المصمم أو المخرج ولا تحسب للمؤلف ولا عليه. وإنما يحسب للمؤلف أو عليه المضمون العام للكتاب. وهذا ما سكت عنه الطبيب فلم يعرض للموضوع الفكري الذي ناقشه الكتاب مكتفيًا بالحديث عن غلافه الجميل. تمامًا كما تحدث من قبله الدكتور حيدر إبراهيم علي في معرض ترويجه لأحد كتب الإلحاد التي اجتلبهما من أوربا قائلاً إن: »له عنوان فرعي لطيف ومغري« (يقصد مغرٍ!). كذب الطبيب ذو التشخيص المعيب حامد فضل الله عندما زعم أن كتاب الدكتور محمد أحمد محمود كتاب أكاديمي محايد. وذلك ما جاء في قوله: »وكتاب د. محمد بلغته الناصعة وطرح الإشكال وعرض آرائه واستنتاجاته بوضوح وحيادية ينهج نهجًا أكاديميًا لا يقول القول الفصل وإنما يفتح آفاقًا جديدة من البحث والتقصي، محترماً بذلك قارئه بأن يأخذ بعد ذلك ما يتفق مع قناعاته وثوابته، وهذا لعمري ما أتوقعه وأنشده من كل كاتب رصين«. وإذا كان الطبيب قد قرأ الكتاب فلابد أنه قرأه بعين واحدة، هي عين الرضا، ولذا لم يرَ جوانب التحيز فيه، ولم يرَ هجماته وبذاءاته وافتراءاته على مقام النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. كيف سبَّ الملف النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولم يلحظ استخدام الكاتب لأقذر الأساليب وأخبث الألفاظ في سب النبي، صلى الله عليه وسلم، والإزراء به، واتهامه بالوثنية، والنفاق، وسلب أموال الناس، وسرقة أفكاره من التوراة، وغير ذلك من التهم التي أرسلها على عواهنها بلا إسناد ولا إثبات. وقد سب المؤلف الملحد رسول الإسلام، صلى الله عليه وسلم، قائلاً إنه كان شخصًا مقامرًا (بالقاف وليس بالغين) في تصرفاته وتحركاته: (كانت خطوة محمد في ذهابه للطائف خطوة يائسة ومقامرة وذات ثمن عال. وكان من الطبيعي بعد فشله في الطائف أن يشعر بالانكشاف ويتخوف كيد قريش حال عودته لمكة). ص 143. فهو يصف الرسول صلى الله عليه وسلم في فقرة واحدة بالمقامرة واليأس والفشل والانكشاف والخوف. فهل من سباب وسوء أدب بعد ذلك؟ نعم لدى المؤلف من ذلك الكثير حيث يستهويه هذا الأمر مثلما يستوى طغامَ الأزلامِ سبابُ الأعلامِ العظام. فقد وصف المؤلف الماجن النبي، صلى الله عليه وسلم، بالعجز وبالشعور بالإحباط. ص 143. ووصفه بالتشدد (بمعنى التطرف!) ثم التنازل عن مواقف التشدد بسبب قوة مواقف الكفار ومعقوليتها ومشروعيتها. واتخذ أمثلة لذلك منها زعمه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، امتنع عن سب الأصنام وذكر بعض أصنام قريش بخير وذكر أن شفاعتهن لترتضي. مشيرًا إلى أسطورة خبر الغرانيق المكذوب الذي لم يشك المؤلف في صحته، مع أنه يشك في صحة الحديث النبوي الشريف كله، ويشك في صحة القرآن الكريم كله، ويشك في وجود الله تعالى بل يقطع بعدم وجوده. ولكنه لما رأى أسطورة الغرانيق تشبث بها ولم يشك في صحتها أدنى شك. ولله در إمام المحدثين المعاصرين، محمد ناصر الدين الألباني، الذي حقق خبر هذه الترهة وكتب فيها تحقيقا عنوانه (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق). وقد روى الإمام الشوكاني عن إمام الأئمة ابن خزيمة، أن هذه القصة من وضع الزنادقة، الذين يروج لمقولاتهم الملحد محمد أحمد محمود. هل كان المؤلف محايدًا؟ لقد كان الكاتب خصمًا غير شريف للنبي، صلى الله عليه وسلم، بل كان خصمًا عصبيًا أرعن يفري قلبه الكره والحقد المستعر المستطير. وأثبت الطبيب ذو التشخيص المعيب أنه مغالط من الطراز الأول. فإذا صرح مؤلف الكتاب أنه ملحد، وجاء كتابه كله إلحادًا في إلحاد، فإن هذا لا يستدعي أن يتدخل القارئ في ضمير المؤلف ليعلم إن كان ملحدًا أم لا. فقد أعفاه المؤلف بصراحته وتصريحه عن تلك المهمة. وفي حالة الدكتور محمد أحمد محمود فإنه قد ذكر في تعريفه بأطروحة كتابه الأساسية The main theme أنها تنظر: (لنبوة محمد وللنبوة عامة من افتراض أولي مؤداه أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، وإن الإله الذي تتحدث عنه النبوة لم يُحدِث النبوة ويصنعها وإنما النبوة هي التي أحدَثت إلهها وصنعته). ومعنى هذا الإله ليس موجودًا في الحقيقة، وإنما هو وهم اختلقه النبي، وأقنع به أتباعه! وقد كرر المؤلف هذا المعنى الإلحادي البغيض عشرات المرات في فصول مختلفة من كتابه. وهاجم المؤلف مبدأ النبوة من أساسه لأنه في رأيه يفتح مبدأ: »الإقصاء والتمييز والعنف، ويستلزم الدفاع عن عنف الأنبياء وكل أفعالهم حتى اللا أخلاقي منها، ويستلزم الدفاع ليس فقط عن العنف الذي مضى وإنما العنف الذي سيأتي، حسب الخيال الديني، عندما يفتح الإله أبواب جحيمه الأبدي« ص 450. أليس هذا كلامًا دوغائيًا قاطعًا فاصلاً لا يحتمل النقاش ولا التفاوض أفضى به المؤلف الذي زعم صديقه هذا المريب أنه لا يقول كلامًا قاطعًا في كتابه؟! ومثلما افتتح المؤلف كلامه بالأساليب القطعية الصارخة فقد ختمها بها وهذه آخر فقرة في كتابه قال فيها: »سيبقى واقع التشوه والانقسام الأخلاقي المرتبط بالنبوة حيا طالما بقيت النبوة حية في عقول الناس وأفئدتهم، ولن يزول إلا عندما تموت النبوة وتتحرر عقول الناس وأفئدتهم من ميراثها. ص 450، وبذلك لم يبق المؤلف لقارئ اللهم إلا هذا الطبيب المريب لكي يقول إن المؤلف: »عرض آرائه (يقصد آراءه!) واستنتاجاته بوضوح وحيادية ينهج نهجًا أكاديميًا لا يقول القول الفصل وإنما يفتح آفاقًا جديدة من البحث والتقصي، محترماً بذلك قارئه«. ونسأل الطبيب هل من أمارات احترام المؤلف للقارئ أن يسب النبي صلى الله عليه وسلم وأن يسب صحابته وأن يسب الدين نفسه؟! ولكي يقول: »أنا لا أفتش في ضمائر وقلوب الناس وكتاب محمد ترك لي من التساؤلات أكثر من الإجابات، ولم يغير من مفهومي للدين وحقيقته وأثره التربوي والروحي«. لا يا طبيب إذا جاءك مريض نفسي يشكو من مرض الإلحاد ويحمل كل أعراضه العرض فلا تقل له كلا! بل أنت مسلم وإني لا أفتش في ضميرك! وليس ثمة شيء مضمر في كتاب الدكتور محمد أحمد محمود فكله من غلافه الأول إلى غلافه الأخير تصريح في تصريح لا تعريض فيه ولا مواربة. وقد كان صاحبه صريحاً في إعلان إلحاده وحريصاً على إعلان إلحاده فلا تستروه ولا تتستروا عليه. وقد كان الدكتور حيدر إبراهيم أصدق منك في تشخيصه ووصفه لحالة الملحد محمد أحمد محمود إذ قال إنه كان صريحاً في إلحاده ولم يتدسس منه بشيء. فلم تزعم يا من تزعم أنك طبيب أنك لم ترَ معالم الإلحاد في الكتاب الذي زعمت أنك قرأته صفحة فصفحة وسطرا فسطرا؟!.