بدأ واضحاً أن بص الوالي لا علاقة له البتة بما كان يشاع عنه بإحداث نقلة حضارية للعاصمة القومية. هذا ما دام مفهوم الحضارة يتعلق بعناصر الوقت والزمن والسرعة والنظافة والانضباط والراحة. البص المدلل الذي فتحت له الكباري المحرمة لغيره وزادت تعريفته عما سواه من المركبات، يبدو أن غنيته المفضلة: «أقدلي.. اقدلي.. وسكتي الخشامة واكوي العوازل كي»..!! لذا حصر مهمته فقط في «تعبئة» أكبر عدد ممكن أو غير ممكن من «البضائع» البشرية ثم يمشي بها كما يمشي الوجي الوحل!! وحتى «يتكيف» الناس على طبيعة وشروط هذا البص «المكيف» وجب لزاماً على إدارته إنزال إرشادات وشروط مكتوبة بداخله حتى يعيها الركاب الذين يتزمجرون كثيراًو يزعجون «النيام» من زملائهم داخل البص. فيفترض أولاً أن يكتب وبالواضح و«البنط العريض» تحذيرات مثل: الوقت داخل البص على مسؤولية الراكب» أو: كان مستعجل شوف غيرنا» أو «من فضلك لا تزعج أخاك النائم» ويمكن استثمار بعض أمثالنا الشعبية التي تدل على ضياع الوقت مثل: «حبل المهلة يربط ويفضل».. وهنالك من الاغنيات ما يمكن أن تتماشى مع طبيعة سمعة البص مثل: «تعال بكره أو بعد بكرة.. بس ما تنسى ميعادي» أو «انت نايم ولا صاحي ولا طرفك اصلو نعسان» والزهور صاحية وانت نايم». عموماً بصنا «المدلل» «المكيف» «كيّف» نفسه على ألا تكون له محطات، وفتح بطنه شرهاً لكل من هو في الطريق.. والحمد لله أن الذين اجبروا على التعلق «بشماعاته» استوعبوا جيداً المثل الذي يقول: «السايقة واصلة» و«درب السلامة للحول قريب» و«تجري جري الوحوش غير رزقك ما بتحوش».. و«نحن محصلين شنو؟.. «وآخرتا كوم تراب»..