قبل أيام عديدة شهدت ولاية النيل الأزرق عودة العميد عبد الله علي فضل ومجموعته من التمرد لينضموا إلى لواء السلام، وقبل عبد الله شهدت الولاية عودة العديد من المجموعات الصغيرة منها والكبيرة، «الإنتباهة» جلست إلى والي النيل الأزرق حسين يس حمد لتحاوره حول هذه العودة وما يحدث على حدود الولاية مع دولة الجنوب والخروقات التي تحدث على هذه الحدود، وطرحنا عليه عددًا من المحاور حول مستقبل الولاية السياسي والاقتصادي والأمني خاصة وأنها تعتبر من أهم الولايات زراعياً، وتطرقنا للأضرار الكبيرة التي حاقت بالمواطنين جراء السيول والفيضانات الأخيرة والمعالجات التي تمت بشأنها، فلنتابع ماذا قال حول كل هذا وغيره من المحاور: بدءًا السيد الوالي هل تعتبرون وضع العميد عبد الله علي فضل ومجموعته للسلاح والانضمام لركب السلام هو نهاية للخروقات الأمنية على حدود الولاية؟ مؤكد أن هذه العودة لها الأثر الإيجابي على مسيرة التنمية بصورة عامة في الولاية، وعودة مجموعة العميد عبد الله هي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فنحن منذ قبولنا بتكليف إدارة الولاية ظللنا على اتصال مباشر مع المتمردين من أبناء الولاية عبر الإدارة الأهلية والأجهزة الأمنية المختلفة بعد العفو الذي أطلقناه والمستمد من عفو رئيس الجمهورية.. ولكن بعض هذه المجموعات العائدة تتخوف من ممارسة ضغوط عليها من قِبل الحكومة؟ هذا الحديث غير صحيح، وأؤكد لكم أن كل من يضع السلاح ويعود للوطن فهو حُر وله الحق في أن يمارس حياته الطبيعية دون حجر من أحد ومن حقه أن يسافر دون أن يُحظر اسمه وله أن يتنقل في كل أنحاء السودان دون أن يعترضه أحد، فهولاء أخي هم من أبناء السودان ولهم حقوق دستورية يكفلها لهم القانون، وتعلمون أن خطابي الأول استند إلى ثلاثة محاور هي السلام والوحدة والتنمية، ونسعى جاهدين لتحقيق السلام وتوحيد الجبهة الداخلية، فالسلام لايتحقق إلا بالعفو الذي أطلقه رئيس الجمهورية وأؤكد لكم أنه منذ إعلان هذا العفو عادت الكثير من المجموعات منها الصغيرة وبها الكبيرة وسبق أن شهدت الولاية عودة لواء النيل الأزرق ثم مجموعة الإنقاذ وأخيرًا مجموعة العميد عبد الله. لكنكم انشغلتم بعودة المتمردين وأهملت حكومتكم التنمية في الولاية؟ أبدًا نحن «شغالين» في كل المحاور، وبدأنا منذ فترة في تنشيط اللجنة العليا لإعمار الولاية والتي يرأسها الأخ وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين، وهذا لا يمنع أن نركز على عودة أبناء الولاية من التمرد حتى يُسهموا معنا في هذا الإعمار خاصة أن الكثير من العائدين لهم من الخبرات والتجارب الطويلة، فالآن بعودة هذه المجموعة الأخيرة نكون قد كسبنا أعدادًا كبيرة من أبناء الولاية الذين حكَّموا عقولهم في العودة فالحرب لا تلد إلا الدمار والتشرد للمواطنين... «مقاطعة».. كان البعض يتخوف من مضايقته في ممارسة شعائره الدينية خاصة المسيحيين منهم؟ الحركة الشعبية تستخدم الإعلام المضلل للاحتفاظ بأكبر عدد من المتمردين في صفوفها ولذا قيادة الحركة ممثلة في مالك عقار يرهبون جنودهم بأن السودان لا يريد المسيحيين، وهذا الحديث عار تمام من الصحة بدليل أن هناك الكثير من الكنائس المنتشرة في جميع ولايات السودان ويمارس فيها إخوتنا المسيحيون شعائرهم بكل حرية، وتجد المسلمين يشاركونهم أعيادهم، وأنتم تعلمون أن هناك بعض المسيحيين يشاركوننا السلطة إن كان في المركز أو النيل الأزرق التي يشارك فيها العميد إستيفن ميسا، وكذلك مسؤول كنيسة السودان هو من إحدى قبائل الولاية وهي قبيلة الأدولك وكان أول المستقبلين لي بالولاية حينما كُلِّفت بإدارتها قبل عدة شهور، كل هذا يؤكد أن تلك الشائعات التي يطلقها عقار الهدف منها عدم عودة المتمردين. بعض التقارير الأجنبية أشارت إلى وجود ممارسات غير إنسانية في جنوب الولاية ما تعليقكم؟ هذا الحديث غير صحيح، فكل ما يحدث في أطراف الولاية وحدودها مع دولة الجنوب هو عمليات عادية في إطار الدفاع عن الأرض، فعلى الحدود توجد القوات المسلحة وهي تدافع بكل بسالة عن حدودنا إن كان هناك تعدٍ على الحدود، ولكن جل الجرائم تُرتكب من قبل ما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال الذي كان يمارس في السابق الكثير من التعديات على حريات وأمن المواطنين وترويعهم، وشهدت الولاية في تلك الفترة ذبحًا للمدنيين وشيوخ الخلاوي المنتشرين في الولاية لتعليم وحفظ القرآن الكريم، وقبل تحرير الكرمك كان هناك حادثة معروفة حيث اعتقلت الحركة الشعبية سبعة وعشرين مواطنًا داخل كونتير مما أدى إلى وفاة خمسة وعشرين منهم ونجاة اثنين، فالحركة الشعبية هي التي مارست الكثير من صنوف التعذيب في جنوب الولاية قبل أن يتم تحرير كل الأراضي من قبضة الحركة الشعبية، أما الآن فالجميع هناك يعيش في أمن واستقرار ونعمل جاهدين لتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين في تلك المناطق. نعلم أن هناك بعض الخروقات التي كانت تمارَس من قبل الجيش الشعبي على حدود الولاية أما زالت هذه الخروقات مستمرة بعد زيارة رئيس دولة الجنوب سلفا كير للخرطوم مؤخراً؟ لا توجد بصورة كبيرة وإنما بعض العمليات الصغيرة التي تتم من بعض أفراد تابعين للجيش الشعبي، فنحن من جانبنا نفذنا جميع الاتفاقيات الحدودية وسحبنا قواتنا المسلحة وأبدلناها بقوات الشرطة ولكن الحركة لم تنفذ ونرجو أن تحذو حكومة الجنوب حذونا حتى تعم الفائدة للبلدين. بعض التقارير أشارت إلى أن جنوب الولاية يحتاج إلى قرابة المائة وخمسين مليون دولار للمساعدات الإنسانية ودعت إلى فتح الباب للمنظمات الأجنبية لتقديم هذه المساعدات، ما تعليقكم على هذه التقارير؟ في الفترة الماضية أثبتت المنظمات الوطنية كفاءة عالية جدًا في عملها من خلال إدارتها للأزمة واختبرناها خلال العامين الماضيين وهذا يجعلنا نؤكد أننا لن نعمل إلا عبر هذه المنظمات الوطنية التي تعمل بنزاهة تامة ولن نسمح بعمل المنظمات الأجنبية خاصة أن لها الكثير من الخروقات، وقبل فترة أبدينا موافقة للمنظمات الوطنية على إجراء عمليات التطعيم ضد شلل الأطفال في بعض المناطق التي توجد بها الحركة إلا أن الحركة تعنَّتت في ذلك وهذا يشير إلى عدم اهتمامها بالمواطنين. بعد انتهاء الصراع الكبير في المؤتمر الوطني بالولاية هل أنتم راضون عن عمله الآن؟ المؤتمر الوطني هو حزب مؤسسات وجميع قراراته تُتخذ عبر هذه المؤسسات، ومنذ أن تولينا أمر الولاية ونحن نعمل على تفعيل هذه المؤسسات حتى نوازي عمل المركز فأنشأنا قطاعات ضمن الهيكلة وهي تعمل الآن بنشاط ممتاز وفعَّلنا جميع الأمانات حتى تقوم بدورها الكامل... مقاطعة.. ولكن هناك عضوية مجمد نشاطها نتيجة للخلافات السابقة وأخرى مفصولة؟ جميع الأعضاء المجمد نشاطهم تم فك هذا التجميد بعد التشاور مع المركز أما الأعضاء المفصولون فأمرهم مرتبط بالمكتب القيادي وحتى الآن لم يقرر في أمرهم، وعلى العموم نحن ندعو جميع عضويتنا لتفعيل عملها من داخل مؤسسات الحزب حتى نستطيع توجيه الطاقات لخلق حراك في المؤسسات خاصة أننا مقبلونين على مرحلة البناء في شهر أبريل المقبل. الكثيرون انتقدوا عملية تنفيذ فتح المسارات للرعاة خاصة في نسب خصم المساحات الزراعية لكبار المزارعين والشركات؟ القرار الذي صدر قال إن نسبة الخصم لكبار المزارعين هي «20%» وللشركات «25%» ونعلم أن التنفيذ حدث فيه بعض الاجتهادات وهي حل مراجعة الآن ولكن للتوضيح فقط أن هذا القرار كان الهدف منه هو تجنب الصراعات التي تحدث بين المزراعين والرعاة وهذا التجنب لا يتحقق إلا بإنفاذ هذا القرار خاصة أن الولاية استقبلت في الفترة الأخيرة ثروة حيوانية ضخمة قادمة مع العائدين من دولة الجنوب وهذا يتطلب منا فتح هذه المسارات تجنبًا لأي احتكاكات يمكن أن تحدث بين المزارعين والرعاة. في مؤتمر التعدين الذي عُقد في الولاية مؤخرًا أصدرتم قرارًا قضى بسحب تصديق أي شركة لا تمارس عمل التعدين ولكن هذا القرار لم ينفَّذ حتى الآن؟ نحن رفعنا شعارًا في الولاية وهو «الأرض لمن يفلحها» وهذا يتوافق مع قانون الاستثمار في السودان، فهناك مهلة مُنحت لهذه الشركات للاستثمار في الولاية فإن لم تفعل فسنطبق القانون بحسب تصاديقها، فنحن نريد من المستثمرين إخراج ما في باطن الأرض من معادن وزراعة وليس جعل الأرض بورًا دون الاستفادة منها. هل يطبَّق هذا القرار على شركات التعدين فقط ولماذا لم تسحبوا تصاديق الشركات غير العاملة خاصة أن هناك «81» شركة والعاملة منها «8» فقط؟ حتى الآن لم نسحب تصديق شركة باعتبار أن عمليات المراجعة مستمرة وأي شركة لا تمارس عملها المصدق به فسنتخذ ضدها الإجراءات، وهذا القرار ليس لشركات التعدين فقط وإنما جميع الشركات الاستثمارية في كل المجالات إن كان في التعدين أو الزراعة أو الصناعة ونحن أمهلناها عامًا وإن لم تستثمر فسوف يتم سحب تصاديقها. ما تقييمك للموسم الزراعي الحالي وما هي التحوطات التي اتخذتها الولاية لتجنب المواطنين الضرر الذي حاق بهم بعد السيول والفيضانات الأخيرة؟ أنتم تعلمون أن خريف هذا العام فاق المعدلات ونتوقع أن يكون الإنتاج الزراعي كبيرًا جداً مقارنة بالأعوام السابقة خاصة أن السودان يعول كثيراً على النيل الأزرق زراعياً، أما فيما يخص السيول فهو مرتبط بكميات الأمطار الكثيرة التي هطلت مما نتج عنه انهيار الكثير من المنازل خاصة في مدينتي الدمازين والروصيرص وعملنا معالجات فورية في فتح المصارف تمت بجهد ولائي، أما في الرصيرص فأكثر التضرر نتج عن خور برك وهو منطقة منخفضة ومجرى سيول ومن قبل تم إخطار المواطنين بالرحيل عنه في عام «1986» وتكرر ذات النداء في «2005» وبعد الضرر الكبير الذي حاق بهم في هذا العام كونَّا لجنة لمعالجة هذا الأمر وتم إيجاد منطقة بديلة لهم وتم تخطيطها بعد موافقة المواطنين وستعمل حكومة الولاية على توفير كل الخدمات الضرورية لهم حتى لا يتكرر ما حدث في خريف هذا العام، خاصة وأنكم تعلمون أن العالم يمر بتغيُّر في المناخ مما يجعلنا نتوقع أن تشهد الولاية خلال الأعوام المقبلة الكثير من الأمطار ولذا نسعى لترحيل المواطنين من الأماكن المنخفضة لمناطق أفضل حتى لا يلحق بهم الضرر كما حدث في هذا العام.