تسارعت وتيرة التفلتات الأمنية بمدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور خلال هذا الشهر بصورة أرَّقت مضاجع المواطنين ولم تجف دموع الحشود من المواطنين الذين تدافعوا لمستشفى نيالا بمقتل سائق التأمين الصحي الرشيد أبوبكر محمد وزوجته «الحبلى» أُميمة بدوي محمد التي تعمل بشرطة السجون من قبل مسلحين، تكررت الظاهرة بمقتل أحد أكبر تجار نيالا وابن أخته وإصابة ابنه على أيدي مسلحين على متن لاندي كروزر تلك الحادثة التي رسمت صورة قاتمة للأوضاع بنيالا البحير حيث امتلأ مستشفى نيالا ليلة الحادثة بجموع المواطنين الذين أبدوا بالغ استيائهم من تردي الأوضاع الأمنية بالمدينة ومنهم من طالب الوالي بالاستقالة والرحيل إذا لم تتوقف تلك الفوضى من قبل المتفلتين وفي تلك الليلة الظلماء سارعت حكومة الولاية لعقد اجتماعات متتالية وعملت غرفة عمليات جماعية لرصد الحادث الأليم كما عقدت لجنة أمن الولاية اجتماعًا طارئًا مساء ذاك اليوم قررت فيه عدة إجراءات وتدابير منها نشر قوات مشتركة حول مدينة نيالا لمنع خروج ودخول أي عربات مشبوهة والتفتيش، ونشر قوات لمتابعة المتهمين في أي موقع من مواقع الولاية واستلام أي عربة لا تحمل نمرة وأي شخص يحمل سلاحًا ولا يرتدي الزي الرسمي للقوات النظامية والاستمرار في تأمين المدينة بجميع أحيائها ومواقعها على الدوام وبسط هيبة الدولة في جميع ربوع المدينة وتقديم المتهمين للمحاكمة الفورية في حال القبض عليهم، انتهى بيان لجنة أمن الولاية وبعده نامت نيالا في هدوء رغم الحرقة على الذين راحوا ضحية غدر المتفلتين لكنها اشتعلت في صبيحة اليوم التالي عقب تشييع جثامين الضحايا وسط الآلاف من الحشود من النساء والرجال لينطلق بعدها الفلتان الأمني بالمدينة بانطلاقة المظاهرات ليعلن والي جنوب دارفور اللواء آدم محمود جار النبي حظر التجوال بمدينة نيالا ابتداءً من الخامسة عصر الخميس على أن يبدأ بصورة مستديمة بدءًا من اليوم من السابعة وحتى السابعة صباحًا وذلك على خلفية المظاهرات التي شهدتها نيالا أمس على خلفية اغتيال إسماعيل إبراهيم وادي أحد أكبر تجار الولاية وابن أخته من قبل مسلحين على متن كروزر داخل نيالا، وعقب تشييع جثامين الضحايا بمقابر المصانع بنيالا وسط حشود منقطعة النظير من النساء والرجال وحكومة الولاية يتقدم الوالي أطلق المواطنون مسيرة احتجاجية انطلقت من المقابر حتى مقر أمانة حكومة الولاية التي دخلها المتظاهرون عنوة بعد أن قاموا بكسر الأبواب بعد أن منعتهم السلطات الأمنية من ذلك وعندما أطلقوا هتافات عديدة: «ارحل يا جارالنبي.. وفاشل يا جارالنبي» إضافة لهتاف البعض ب«الشعب يريد إسقاط النظام» وكان المتظاهرون طوقوا مكتب الوالي بالكامل وبدأوا برشقه بالحجارة وعندها استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم إلا أن الوضع بعدها انفجر بصورة غير متوقعة حيث قام المتظاهرون بإحراق عربة الوالي و«7» عربات أخرى إضافة ل«3» مواتر كانت داخل أمانة الحكومة بجانب الحرق بالكامل لعمارة مكتب الوالي ومكاتب أمانة الحكومة الأخرى وفي ذات الأثناء بدأت الأعيرة النارية الكثيفة بالقرب من أمانة الحكومة والسوق الكبير وشهد مستشفى نيالا التعليمي استقبال أكثر من «10» إصابات بجانب وفاة آخر لا يتجاوز عمره ال«15» عامًا طبقًا للمصادر الطبية كما تم حرق رئاسة بلدية نيالا القديمة، وحكومة الولاية من جانبها سارعت بعقد مؤتمر صحفي وصفت فيه اغتيال التاجر وابنه بالمؤسف وأدانت تصرفات المتظاهرين بحرق مؤسسات الدولة، وقال الوالي آدم جار النبي إن مثل هذه الحوادث تكررت نتيجة للظروف الأمنية التي مرت بها الولاية وقال إن المجموعة التي تحركت بالمسيرة انضمت إليها عناصر أخرى بدأت التخريب وحرق المكاتب والعربات الموجودة واتهم جار النبي حركتي مناوي وعبد الواحد بالضلوع في تلك الأحداث، وأكد أن نيالا لن يدخلها أي عدو مهما تلقى من دعم وأضاف: «الذين انضموا للمتظاهرين لحرق ممتلكات الدولة يحملون أجندة مدسوسة، بل هناك اتصالات بالحركات المتمردة وفي تخطيطهم أن يستغلوا فرصة المظاهرات للدخول لنيالا لكن قواتنا صاحية تمامًا، واتخذت إجراءات عديدة لإيقاف المخطط» منها حظر التجوال بالمدينة الذي سيكون ساريًا لحين التأكد من أن هذه العناصر قد تمت السيطرة عليها وأصبحت المدينة خالية من الانفلات الأمني على حد قوله، وأكد أن البلاغ الذي فتح بشرطة نيالا شمال بالرقم «1664» وبالمعلومات تم تحديد هوية الشخص الجاني وتحديد مكان العربة، وقال إن التفاصيل تقديرات أمنية لا يفصحون عنها، وتساءل بعض الصحفيين الذين حظوا بفرصة للأسئلة حول الأحداث المتسارعة التي شهدتها المدينة وأحداث الخميس التي أُحرقت فيها المؤسسات إلا أن الوالي اشار إلى أنَّ توجيههم كان واضحًا للأجهزة الأمنيَّة بعدم استخدام العنف، وأضاف: «لم تطلق طلقة واحدة من القوات النظامية» . ولكن الجنرال جار النبي قال: القوات النظامية لم تُطلق طلقة واحدة، وأضاف: إذا كان هنالك رصاص أُطلق يعضد ما ذهب إليه أن هنالك مندسين من المعارضة وسط المتظاهرين وأكد أن القوات النظامية تعمل وفقًا لأسس محددة ولن تطلق الرصاص إلا بعد إذن من النيابة.